12 أبريل، 2024 7:03 ص
Search
Close this search box.

اسوء ماحصل في العراق في تأريخه الحديث

Facebook
Twitter
LinkedIn

القسم الثاني
كم ذكرت في القسم الاول من هذا المقال ، فأن الشعب العراقي قد ابتلى بطبقة سياسية فاسدة ومتعفنة وكذلك بهيمنية استبدادية من الاحزاب والميليشيات الدينية والاسلامية ، وفي هذا القسم سأتناول القطاع الحكومي والذي ارتكب ابشع السلوكيات والجرائم التي دمرت ومازالت تدمر الجسد العراقي ، بل ونهشت هذا الجسد لحد ما تركته واهنا كسيحا لاحول له ولا قوة .
فمنذ تشكيل اول حكومة في العراق وهي حكومة علاوي ، برزت على الساحة دكتاتورية وجبروت الطبقة السياسية التي لم تترك اية فرصة سيئة الا ونفذتها تجاه تشكيل الحكومات ، فهي التي تحكمت بأختيار رئيس الوزراء وهي التي اختارت الوزراء وكل التشكيلة الحكومية ابتداءا من وكيل الوزارة انتهاءا بموظف الاستعلامات ، وهي التي ابتدعت مايسمى بالمحاصصة البغيضة والطائفية المقيتة كمنهج في التعيينات لادارة الدولة ، وهي التي عرضت المناصب في المزاد العلني لمن يدفع اكثر والذي اوصل قيمة الوزير الى اكثر من 30 مليون دينار مقابل تعهد يقدمه من يجري تعينه بتخصصيص نسبة من الاموال من جراء العقود التي توقع في كل وزارة او هيئة غير مرتبطة بوزارة وحتى المديريات العامة ، ولذلك كان يجري الصراع بل وحتى التهديد حول الوزارات التي تبرم اكثر العقود ،وحتى النواب والذين يروجون الى انهم منتخبين من قبل الشعب فلهم طرقهم الخاصة في الكومشنات او الرشاوى من خلال استغلال مناصبهم للتأثير على المسؤولين وتخويفهم او ترويعهم بأنهم سيكشفون ملفات فساد ضدهم في البرلمان ، وهكذا اصبحت الحكومات التي حكمت العراق من عام 2003 ولحد الان في طوق القبضة السياسية التي افرغت تلك الحكومات من هيبتها وقوتها وسلطتها ، واصبحت في حقيقة الامرأداة كارتونية هشة وعديمة القدرة وليس لها من امر الا بالرجوع الى الطبقة السياسية لانها اصبحت في واقع الحال هي التي تتحكم بسياسة السلطة .
ولذلك فأن اركان الحكومة بدءأ من رئيس الوزراء نزولا لم يكونوا بالمستوى المطلوب والذي يتلاءم مع وضع معقد ومتنوع مثل العراق ، فلقد عشعشت في كل مرافق الدولة العراقية شخصيات أتت بهم المحسوبية والنسب والطائفة والحزب دون الاخذ بنظر الاعتبار التخصص والتجربة والدرجة العلمية والولاء الوطني ، لا بل ان البعض الكثير من هؤلاء وبالاخص المنتمين للاحزاب الدينية كان ولائهم لايران اكثر من ولائهم للعراق ، ولجأ البعض الاخر الى تزوير الشهادات ومنهم من منح نفسه شهادة الدكتوراه وهو لم يحصل على الابتدائية او المتوسطة . وجرى تعينه على اساس الشهادة المزورة ، هذا ناهيك عن من منحوا امتيازات بتوصيفات عجيبة غريبة مثل الخدمة الجهادية والرفحاويون والدمج والبعض الكثير ممن زور شهادة السجن واعتبر سجين سياسي في حين كان هو هاربا من الخدمة العسكرية في زمن النظام المباد ، هذا بالاضافة الى اغراق ميزانية الدولة بفيالق من حمايات المسؤولين والسيارات ومخصصات الضيافة وتحمل نفقات ايجارات البيوت لكبار المسؤولين ومن لديه قربى او صداقة مع هذا المسؤول او ذاك، ناهيك عن ايفادات السفر التي غالبا لاتأتي بنتيجة تفيد البلد بقدر ماتتحول الى نزهة وجولات سياحية معززة بوصولات مزيفة او يجري التلاعب بمبالغها .
من خلال ذلك والكثير مما لاتتحمله هذه المقالة ، فأن الحكومات المتعاقبة قد دمرت الاقتصاد الوطني بغبائها وانعدام تجربتها وابعاد كل ذوي التخصص والكفاءات وذوي الخبرة كي يجري التصرف بموارد الدولة بحسب سياقات سرقة المال العام وتحقيق المغانم على حساب المصلحة الوطنية وحقوق الشعب ، والا كيف نفسر اعتماد البلد على الاقصاد الريعي من خلال مبيعات النفط فقط بالرغم من حصول ازمات مالية واقتصادية كبيرة خلال السنوات التي مرت والتي كبدت البلد خسائر كبيرة ومديونية هائلة وبرغم ذلك لم تستطع الحكومات من ايجاد بدائل للنفط ، ورفضت الحكومات كل المقترحات والدراسات التي قدمها العديد والكثير من خبراء الاقتصاد محليا وعربيا وعالميا ، واذا ما انتقلنا لجانب اخر من الوضع الاقتصادي فنجد ان الزراعة التي تشكل للكثير من بلدان العالم مردودات مالية تقدر باكثر من 40% من موازناتها السنوية ، لكن في العراق اهملت الزراعة ولم يجر تطويرها او التعامل معها على انها طاقة لاتنضب بوجود الاراضي الخصبة والمياه التي تشق ارض العراق من شماله الى جنوبه ، اما على صعيد الصناعة فالوزارة كانت تملك اكثر من 250 مصنع تغطي 60% من حاجة الاستهلاك الا انها اليوم حالها حال الزراعة تركت وعفا عليها الزمن واصبحت حديد سكراب لتحل محلها الصناعة الايرانية ضمن خطة ممنهجة بين الجانب العراقي والايراني ضمن مبدأ ( فيدني وافيدك ) وطز بالعراق !!! ، وفيما يتعلق بالتربية والتعليم فقد هدرت اموالا تقدر بالمليارات على طبع الكتب وتشييد المدارس وتوفير المسلزمات الدراسية الا ان هذه الاموال تم التلاعب بها وتقاسمت مبالغها شخصيات من القطاع الخاص ومسؤولين في الوزارات وعلى رأسهم وزراء التربية والاحزاب المنتمين اليها ، ولا اريد الحديث عن وزارة الصحة فيكفي ان اشير الى عملية النصب والاحتيال وسرقة المال العام التي قامت بها وزيرة الصحة السابقة باستراد ( الاحذية والنعل ) بمبالغ رهيبة ونموذج اخر وهو شراء ثلاجات صغير الحجم ثبت سعرها في وصل الشراء بــ 35 مليون دينار عراقي لكل ثلاجة في حين سعرها الاصلي هو 350 الف دينار عراقي ، وللعلم لم تنجز او تستكمل المستشفيات المحالة للتنفيذ من 17 سنة ولحد الان على الرغم من صرف سلف بمبالغ كبيرة للمقاولين ، اما وزارة التجارة فلا حديث لي حولها لان الشعب برمته يعرف كيف تدار وماهي طرق واوجه الفساد وكيف يجري التلاعب بمفردات البطاقة التمونية والتي تسلم بالتقسط مع الغاء معظم المواد التي كانت تشكل مصدرا غذائيا مهما للعوائل الفقيرة , اما ماحصل مع المتظاهرين السلميين في كل انحاء العراق من قتل متعمد وبالرصاص الحي وقنابل الدخان من قبل القوات الامنية وراح ضحيته اكثر من 600 شهيد واكثر من عشرين الف جريح هذا بالاضافة الى التوغل في عمليات الاعتقالات والاغتيلات والخطف والتصدي المستمر بابشع صورة ، قد اكد استبداد ودكتاتورية الحكومة وعدم مصداقيتها في التعامل الشفاف مع حرية التعبير عن الرأي واحترام حقوق الانسان ، واخيرا فاذا كانت هناك جهة رسمية تحمي الفساد وتتستر على الفاسدين فهي هيئة النزاهة سيئة الصيت فهي التي يجب ان تخضع للتحقيق بصفتها الفاسدة والتي لم تطبق القوانين بحق حيتان الفساد المنتشرن في كل مرافق الدولة
اما على الصعيد الاعلامي ، فأترك التقييم لذوي الخبرة والكفاءة والشخصيات التي امضت عمرها في هذه المهنة الشريفة والوطنية وهم كثر مازالوا في العراق ، مستثنيا من زج بنفسه في مستنقع العقول المتعفنة والجاهلة التي تتحكم بالماكنة الاعلامية العراقية ، وشبكة الاعلام العراقية خير نموذج لفشل وغباء الاعلام الحكومي بالرغم من توظيف الامكانات المادية الهائلة التي لن توظف حقا في خدمة العمل الاعلامي بما يمكنه من الارتقاء بعمله بسبب جهل وغباء وانعدام تجربة وتخصص القيادات الادارية والفنية التي تدير الشبكة .
هذا غيض من فيض ، وكما قلت لاتتحمل هذه المقالة التطرق لكل الحالات التي دمرت العراق ومازالت ، وهي تقود به الى الهواية دون اي اكتراث يذكر لان كل من جلس على كرسي المسؤولية ــ مع بعض الاستثناءات لاناس شرفاء ــ قد وفر ومن خلال السرقة والفساد مبالغ فوق مستوى الخيال يمكن ان يهرب بها حينما يأتي يوم الحساب .
وكان الله في عون العراق الجريح والشعب العراقي المنتهك.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب