18 ديسمبر، 2024 4:44 م

اسلامي لا يعرف حدود وطنه

اسلامي لا يعرف حدود وطنه

لعل من أكثر الاشخاص اثار للشفقة بالنسبة إلينا هو ذلك الذي يدعي إيمانه بنظرية ما ومع ذلك فأنه وما ان تدخل معه في حوار حول هذه النظرية تكتشفه بأنه لا يفقه منها شيئا !. وقد شهدنا قبل مدة من الزمن حوارا مهما دار بين صديقين وكان محور الحديث يدور حور مفهوم الوطن فأنبرى احدهم مدافعا عن الوطن الذي نعرفه جميعا بحدوده الحالية التي رسمتها الدول العظمى في اتفاقية – سايكس بيكو – الشهيرة وكان مستميتا في دفاعا مقدسا لفكرته ومبديا تشبثا شديدا بفكرته التي طرحها ، والمفارقة في الامر هو اننا نعرف بأن هذا الشخص هو ممن يدعون الايمان بالنظرية الاسلامية !.
وجميعنا يعلم بأن مفهوم الوطن يختلف من نظرية الى اخرى فالاممي يعتبر جميع الاراضي التي يوجد فيها بشر موطنا له مهما كان هؤلاء البشر ، والقومي يقول بأن حدود وطنه تمتد الى حيث يوجد أبناء القومية التي ينتمي إليها ، ويذهب البعض الى الاعتماد على التضاريس والجغرافية عند الحديث عن الوطن فينساق لإعتبار وطنه وفقا لما رسمته التضاريس من فواصل وحواجز تفصل بين الاقاليم والمناطق فاليابان مثلا هي عبارة عن جزر تفصل بينها وبين ما سواها من البلدان الاخرى بحار ومحيطات ، ويقول اخرون بفكرة ان كل مدينة وحاضرة كبرى هي وطن مستقل بحد ذاته وعلى غرار ما كان موجودا في عصر دويلات المدن السومرية حيث كان لكل مدينة نظام سياسي مستقل عن انظمة المدن الاخرى ، ويذهب اخرون ومنهم صاحبنا المناقض نفسه الذي ذكرناه انفا الى الايمان بالحدود السياسية التي رسمتها سياسات ومصالح الدول الكبرى في مرحلة تاريخية معينة ، وهذه الاوطان وان كانت حدودها قد رسمت من قبل تلك الدول وفقا لمصالحها وسياساتها في مرحلة تاريخية معينة الا انها قد استندت على بعض المعطيات التاريخية والثقافية والاجتماعية وغيرها ، لكن هذه ( الاوطان ) 
وبمرور الزمن وبتظافر عدة عوامل منها محاولات الانظمة المهيمنة إبقاء سيطرتها عليها صارت مقدسة لدى عامة الناس وخاصتهم ، وفضلا عن كل ما ذكرناه فإن الحروب والثورات والكوارث الطبيعية هي من الامور التي تجعل من مسألة بقاء كيان ساسي على شكل واحد لأبد الدهر موضوع تشكيك ، إذ ان من المستبعد ان يبقى كيان سياسي واحدا رسمت حدوده السياسية في فترة ما وظل على ما هو عليه بمرور الزمن . والوطن وفقا للنظرية الاسلامية – وهذا ما غاب عن صاحبنا – فهو يمتد الى أي ارض يسكن فيها المسلمين على اعتبارهم انهم يشكلون جميعا أمة واحدة متكونة من شعوب مختلفة يجمع بينها الدين الاسلامي ، وبغض النظر عن رأينا الشخصي في هذه المسألة لكننا نروم هنا ان نسأل ذلك الصديق العزيز وغيره ممن يدعون انتمائهم للنظرية الاسلامية ونقول لهم : هل تؤمنون بحدود أصطنعها الاستعمار الغربي في بدايات القرن العشرين ، فإن قلتم نعم ؛ فأي تناقض واضح تضعون انفسكم فيه ؟.