23 ديسمبر، 2024 5:09 م

اسقاط العملية السياسية واجب وطني

اسقاط العملية السياسية واجب وطني

لم يكن اردوغان يتوقع ان تظهر عقيدة عسكرية جديدة في المنطقة ,اعادت اليه صورة المؤسسة العسكرية التركية التي اطاح بقوتها هو وحزبه, بعد ان اثار تدخل الجيش المصري مرتين في عزل رئيس الجمهورية الاول مبارك ,والثاني مرسي صاحب مقولة الشرعية,فسارع الى تغيير بعض مواد الدستور التركي المتعلقة بوضع الجيش وعلاقته بالحكومة ومهمته الدفاعية الخارجية,
هذه العقيدة المتناغمة او المنسجمة مع التغير الحضاري للسلوك الامبريالي للدول العظمى, التي تعمل على اجبار الدول الناشئة او النامية ومختلف دول العالم الثالث والرابع, واقصد بدول العالم الرابع التي تعمل خارج عصر الالكترون,
لاتباع النهج السياسي الديمقراطي في بلدانها ,لهذا هي قد تقبل بحلول الانقلابات العسكرية من اجل وصول حكومة النخبة المدنية ,لاغراض تبقى داخل اطار الهيمنة الاستعمارية لاستغلال فرص الازمات المصاحبة للعهد الديمقراطي الحديث لاي دولة ,فهو في الاخر سيبقى نظامهم ونموذجهم الذي يسوقونه للعالم.
العراق يخوض ويتعرض لحروبا بالنيابة منذ زمن ,كما كان سابقا مرة يكون هو المعتدي ومرة يكون هو المعتدى عليه,لكن جاءت احداث سوريا التي جاوزت العامين وهي اشد حروب المنطقة ضراوة وقسوة ودمارا ,امتد اثرها الى العراق ولبنان والاردن وستنتقل كما يبدو الى مناطق اخرى,لتلقي بثقلها الارهابي الى داخل الاراضي العراقية,
فكان من اكثر دول المنطقة استهدافا بعد سوريا هو العراق,وبسبب قلة خبرة ووعي السياسيين العراقيين ,تعاملت الحكومة والكتل السياسية بطريقة متذبذبة وغير واضحة,اي بمعنى ان الدول التي تعرف ان البديل القادم في اي دولة مجاورة لها هو عدوها الاول ,وفقا لشعاراته وتوجهاته وافكاره المعلنة, تتدخل في ملف تلك الدولة لتعديل موازين القوى ,كما تفعل تركيا في سوريا مثلا, وكما يفعل حزب الله لبنان ايضا,
لكنها تجاهلت وتراجعت وراقبت وتدخلت تدخلا خجولا في منطقة ملتهبة تهدد وحدة وسلامة الاراضي العراقية,وعندما دعوناهم الى عقد اتفاقات امنية حدودية مع سوريا لمراقبة حركة الارهابيين تجاهلت تلك الدعوات!
الضحايا الذين يسقطون في العراق كل يوم هم لايختلفون عن اعداد الضحايا الذين يسقطون في الحروب,بل ان الوضع العراقي بات اقرب الى الفوضى, وشبيها بالوضع في سوريا.
اكثر من عقد تقريبا والحرب الدموية الداخلية مستمرة بوتيرة متصاعدة وخطيرة ,يمتلك العدو ستراتيجية التخطيط  والاعداد والية توفير الدعم والتمويل والتوقيت والحركة ,ولديه الاسلوب الارهابي والاختيار الحر في التنفيذ,بينما لاتعد انجازات الجيش العراقي موازية على الاقل بالنسبة لحجم الخسائر البشرية من الطرفين ,وحجم التمويل والتخصيص المالي المتوفر لها,والفترة الزمنية الطويلة وخبرات التعامل مع العمليات الارهابية,بينما حارب حزب البعث خامس جيش في العالم لثمان سنوات وهم لهم في الحكم فترة تقترب من فترة الحكم الحالي تقريبا,
قد بات واضحا من ان الحكومة التي عجزت عن توفير الكهرباء رغم الموازنات الانفجارية التي يرصدونها لقطاع الخدمات العامة,واستمرار عملية غسيل الاموال ونهب ثروات الشعب المستمرة,لن تستطيع هزيمة الارهاب,بل هي عاجزة عن اعتقال اي برلماني متهم بجرائم ارهابية الا بعد رفع الحصانة او اكمال اجراءات هروبه الى الخارج, والقائمة طويلة باسماء المجرمين الخونة وفقا لراي الحكومة,
وكذلك يمكن اعتبار الية عمل بعض المؤسسات الدستورية المعرقل الرئيسي  لعمل الجيش في مواجهة الارهابيين ,كالبرلمان والقضاء العراقي ,فهم ايضا بشكل او باخر يتحملون مسالة ديمومة جرائم الابادة الجماعية, التي تستهدف جميع ابناء الشعب وتحديدا الاغلبية الشيعية,لتهاونهم في تشريع القوانين وتطبيقها قضائيا,هناك ارهابيين مارسوا الذبح والاغتيال عشرات المرات وباعتقلوا مع وجود الادلة القاطعة للادانة ,لكنهم يخضعون للاتفاقات والمساومات السياسية,كذلك هناك اتهامات مباشرة موجهة من قبل عرب وتركمان كركوك واهالي طوزخورماتو والموصل ومناطق اخرى محاذية لاقليم كردستان ضد البيشمركة, من ان بعض افرادها يقف خلف عدد من التفجيرات وعمليات الاغتيال والاعتقالات والاختفاء لبعض الاشخاص,
وهذه الامور بعضها  ليست خافية على احد, فقد استمع الجميع لخطب الاعتصامات في المناطق الغربية ,وهي تتهم اكثر من عشرين مليون عراقي تقريبا بالعمالة للصفويين اي ايران ,بينما هم عمالتهم لقطر والسعودية واسرائيل شرعية!
ان الحرب الداخلية التي يواجهها الشعب العراقي لايمكن مواجهتها بالبرلمان العاجز عن تقديم بعض اعضاءه المتهمين بقضايا ارهابية الى العدالة,ولانستطيع كشعب ان نقبل ان يموت المواطنين يوميا واعتبارهم قرابين المحاصصة السياسية الفاشلة,
وانتظار القضاء العاجز عن البت بجرائم الابادة الجماعية, وترك الذباحين يسرحون ويمرحون في السجون في انتظار فرصة الهرب كما حصلت من قبل وحدثت اليوم في التاجي سجن اؤو غريب,ولايجوز ان ننتظر العملاء ان يخزنوا اسلحتهم من اجل بلقنة او لبننة الوضع العراقي,وجرنا الى حروب طائفية مدمرةخدمة للامبريالية العالمية ,وتنفيذا لرغبات اسرائيل في المنطقة,
نحن بحاجة الى عملية عسكرية سياسية وطنية ,تذوب فيها الاعتبارات الشخصية والاثنية والطائفية والعرقية, اي بمعنى اخر نحتاج الى مجلس عسكري وسيسي عراقي اخر ,ينقذ بلادنا من شبح الحرب الطائفية, ويصد عن شعبنا العدو المتخفي في المناطق والمدن والبيوت وكل مكان,بعد ان تتم عملية حل البرلمان واعتبار الحكومة الحالية حكومة تصريف اعمال,او تكليف بعض الشخصيات الوطنية بتشكيل حكومة مؤقتة لادارة الوضع لحين اجراء انتخابات برلمانية جديدة ,
وكذلك انتخاب مجلس للشورى,واعطاء مهمة اعادة كتابة الدستور للشخصيات الوطنية والكفاءات القانونية والمهتمة بالدراسات الدستورية المستقلة ,والعمل على تغيير فكرة الحكم البرلماني باختيار رئاسة الحكومة والتحول الى النظام الرئاسي المقيد بالقوانين والصلاحيات المتاحة.
على الرغم من ان الحلول العسكرية مخيفة ,وقد تكرر تجربة حكم العسكر كما فعل عبد الناصر وعبد الكريم قاسم وحافظ الاسد والقذافي ومبارك وغيرهم,الا ان قوة المجتمع الدولي اليوم لاتسمح بتكرار مثل هكذا تجارب مؤلمة ,وبات التدخل في شؤون الدول الاخرى لفرض النظام الديمقراطي كما يدعون اقوى من سلاح الانقلابات العسكرية,  واملنا في ان الجيش العراقي وبعض المخلصين من السياسيين الذين يؤيدون حل البرلمان واعادة بناء عملية سياسية رصينة,ان يكونوا بمستوى المسؤولية والواجب الوطني في حال اتجهنا مضطرين لمثل تلك الحلول.
ان الحل الوطني الوحيد لحماية الشعب العراقي هو اعلان حالة الطوارئ وحل البرلمان,واطلاق يد الجيش في مواجهة الحواضن الارهابية ,ورفع قيود القضاء عن كاهل القيادة العسكرية للسماح لها في التحرك بحرية داخل المدن,والاهتمام بالصحوات واللجان الشعبية لحماية المناطق الساخنة ,الخ.
اننا في حرب حقيقية باتت تهدد مستقبل الشعب العراقي باكمله,وتجعلنا في طابور توابع الازمة السورية وصراع القوى الكبرى العالمية,تحتاج الى وقفة وطنية شجاعة من قبل الجميع,
شعب مليئ بالمعاقين والايتام والارامل والمرضى النفسيين كيف له ان ينهض من جديد,قطعا يحتاج الى معجزة