* قراءة جديدة في المشروع الوطني الصدري
ما يهمنا في هذا الصدد هو مناقشة التأثيرات المحتملة لأي تغيير في الخارطة السياسية السوري على الوضع العراقي ، اما يوميات الصراع السوري فلها مصادرها بكل تأكيد….
والتحسب من بعض القوى الوطنية العراقية مرده الى الخشية من التغيير السياسي في دمشق ، باعتبار العلاقة والصداقة الحالية بين الولايات المتحدة وبين عدوها اللدود تنظيم القاعدة ومشتقاته الاخرى ، فينبغي والحالة هذه مناقشة هذا الامر من زاوية وطنية بحتة ، وان يتخلى البعض من الساسة عن انانيتهم وطموحاتهم الشخصية التي تكاد تودي بهذا البلد الى مصير مجهول…..
فمن يراهن على الدعم الامريكي لرئيس الوزراء الحالي ، لا يمكن له بحال ان يضمن استمرار هذا الدعم الى امد طويل ، بلحاظ ما اشتهرت به امريكا من التخلي عن حلفاءها في حسابات المصالح والتوجهات.
فيبدو الوضع الآن في المنطقة عموما وكأن الولايات المتحدة تحاول استخدام الاسلاميين كوسيلة واداة بيدها سواء لمحاصرة الجمهورية الاسلامية ، او لفرض امور معينة تخص البلدان التي تسنم فيها الاسلاميين سدة الحكم ، او لافشال النظرية الاسلامية التي تؤمن بها هذه الاحزاب والتكتلات وغير بعيد ان تستهدف امريكا كل هذه الاحتمالات في تناغمها الواضح مع الجماعات الاسلامية …
وعليه ، فمن غير المعقول حمل امريكا على محمل حسن ، وترك المصير الوطني بيد قوانين اللعبة الدولية والمصالح الامريكية والاقليمية ، دون ان يكون هناك بديل وطني متفق عليه يمكن ان يخرج بالعراق من مأساة كونه (الحلقة الاضعف) في المنطقة.
ومن هنا يمكن ان نفهم الخطوات الوطنية الاخيرة التي خطاها القائد الصدر في إحلال الشريك الوطني كبديل او موازي للشريك المذهبي او المناطقي ، فكان اجتماعي اربيل والنجف الاشرف نقطة تحول مهمة في المشهد السياسي الوطني ، بحيث يمكن الحديث في المستقبل القريب عن تحالفات وطنية –سياسية لا تعتمد في جوهرها على الطائفة والمذهب بقدر اعتمادها على المشاريع والافكار الوطنية ، وهذا انتصار حقيقي للارادة الوطنية لا ينبغي التقليل من شأنه .
لقد قام المشروع الصدري الاخير على ضرورة احلال العقد الوطني بدل التحالفات المناطقية والمذهبية الضيقة ،والهدف هو اضفاء الحصانة على العراقي من قبل الدولة (العراقية) بدل ذوبان المواطن الى العشيرة والطائفة والمنطقة بعد تراجع الحاضن الوطني….
بهذا المنظور ، يكون العراقي السني محصناً عراقياً من الجاذب الاقليمي المتعاظم الدور بدعم دولي، حاله حال العراقي الشيعي والكردي …
بيد ان الجهة المقابلة ، وهم الجهة الداعمة للنظام الحالي ، لم يستخلصوا الاهداف المتوخاة من المشروع الوطني الذي المح اليه السيد مقتدى الصدر ، وجلّ ما خلصوا اليه هو ان أي دعوة للاصلاح والتغيير انما تهدف الى سلبهم الامتيازات والمناصب والى ما ذلك ، دون ان يكون بعد النظر حاضرا لديهم ، ويستقرءوا احداث المنطقة والاقليم التي تدور حولنا.
ومن حقنا ان نتساءل بعد دورتين للسيد رئيس الوزراء العراقي ، هل يوجد لدينا جيش وطني متكامل العدة والعقيدة يصلح للدفاع بوجه المخاطر المحتملة ، ام ان الجيش في العراق اصبح عبارة عن نقاط تفتيش تضيق على المواطن العراقي ليس اكثر ؟
وهل في لحاظ المسؤولين عن الملف الامني ، احتمال تخلي الامريكان عن وعودهم وتحالفاتهم في اقرب نقطة تضطرب فيها المصالح ؟
وهل تكفي مجالس الاسناد والتكتلات العشائرية التي صرفت عليها اموال كان يمكن ان تبني جيشا وطنيا محترما بالمقاييس الوطنية والتقنية ، هل تكفي هذه الميليشيات كبديل عن الجيش الوطني لمواجهة الااخطار المحتملة ، ففي النهاية لا يمكن الاعتماد على (المهوسجي) كبديل عن الضابط ، ولا يمكن احلال الاهازيج العشائرية بديلا عن العقيدة العسكرية التي باتت غامضة التعريف في ظل ضبابية الوضع العراقي …..