11 أبريل، 2024 1:09 م
Search
Close this search box.

اسعار النفط ربما تسلب فرح النصر على داعش؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

بينما تقف القوات العراقية المشتركة على اعتاب تحقيق النصر النهائي في الموصل قلعة الارهابين، تستعر حرب اخرى بين اعضاء منظمة الاوبك في فيينا للحد من تدهور اسعار النفط وذلك من خلال الاتفاق على تحديد سقف الانتاج.
واذ خرج المؤتمرون بقبول خفض الانتاج بعد مخاض عريق وسجال مع شيء من القلق يساور النفوس في مدى مصداقية التزام بالسقوف من قبل الاعضاء، فان السعودية كانت المتحملة الاكبر لخفض انتاجها بمعدل نصف مليون برميل يوميا. ويبدو ان سياسية اغراق اسواق النفط التي اعتمدتها السعودية  لتحقيق مآرب سياسية لم تمر مر الكرام كما رغبت. وان مساعيها بخوض حرب بالوكالة عن حلفائها في تعطيل رفع الحظر عن ايران وزيادة الضغوط الاقتصادية على روسيا على خلفية ازمة اوكرانيا القرم لم تحقق ضربتها المزدوجة لا في محاصرة خصومها ولا في كسب ود اصدقائها.
ومن المسلم به ان سياسية خفض الاسعار ستؤثر على جميع الدول المنتجة بلا تمييز، الا ان تمتع بعض الدول بمدخولات جانبية اخرى يخفف من وطئة هبوط الاسعار عليها نوعا ما. فايران من بين تلك الدول التي استطاعت ان تحقق اصلاحات لسياسيتها الاقتصادية ولم يعد النفط يشكل اكثر من 68% من عائداتها السنوية. بينما يقف العراق في صدر قائمة الدول الريعية النفطية. حيث تشكل عائدات النفط اكثر من 95% من عائدات الدولة في ظل الظروف الاعتيادية. وللسعودية مداخيل اخرى بالاضافة الى النفط، الا ان مشاكلها تكمن في سياسة الانفاق المتبعة. فعلاوة على تطورطها في تمويل حرب الوكالات (سوريا واليمن) والانفاق السخي لكسب المعركة السياسية في لبنان، وتمويل عدد كبير من المؤسسات الاعلامية.. لكن انفاق العائلة الملكية على امراءها واميراتها وخصوصياتهم لا يخضع لعملية هبوط اسعار النفط.
ورغم ان اسعار النفط كانت تزيد على 105 دولار للبرميل الواحد لغاية صيف 2014 وقبل التعنت السعودي، فان تعمدها في هبوط الاسعار خرق حالة الوئام بين دول الاعضاء وزادة من زعزعة عامل الثقة بينهم.
واذ تشكل اسعار النفط العمود الفقري للدول المنتجة عموما والدول الريعية خصوصا، مما جعل الوصول الى قناعة مشتركة من الصعب بمكان من دون ان تقدم السعوية تنازلات سخيا ترضي بها الاطراف الاخرى وبالخصوص ايران. 
لقد كان للاتفاق من حد الانتاج اليوم وقعه المباشر على اسعار النفط حيث قفز بنسبة 10% حال الاعلان. ومن المتوقع ان يشهد ارتفاعا طفيفا اخر خلال الايام القادمة لكن الكثير يعتقد عدم قدرة تخطيه لسعر 55 دولارا للبرميل. 
ويتوقع المراقبون ايضا، ان اعضاء الاوبك يدركون جيدا ان خفض الانتاج لم يأتي لرفع الاسعار بالضرورة وان كان مطلوب، لكن الامر انصب على كيفية الحد من هبوط السعر والحفاظ على قيمته فوق 40 دولار. والكل يعلم ان معادلة رفع الاسعار اعقد بكثير من مسالة خفض الانتاج. حيث هناك الكثير من العوامل التي تتحكم في تحديد سعر النفط. فحجم المخزون العالمي وسعر صرف العملات مقابل الدولار والاوضاع الاقتصادية العالمية وغيرها من العوامل كلها مؤثرات خارجة عن السيطرة تتلاعب في عملية استقرار سعر النفط.
وحيث ان زيادة الاسعار قد تدفع ببعض دول غير الاعضاء في منظمة اوبك الى زيادة انتاجها لعدم دخولها في مفاوضات الحد. وستكون متربصة الدوائر لزيادة مدخولها من ارتفاع سعر النفط، وبالخصوص الشركات الامريكية، مما يجعل التعويل في الحفاظ على الزيادة رهان غيرمكفول. 
ورغم ان ايران لعبت دورا دبلوماسيا في تجاوز الاساليب السعودية ابان اغراق الاسواق النفطية والتعمد بخفض سعره الى ما دون النصف، الا انها تجاوزت الخصوصية والتربص وابتعدت عن سياسة ردود الافعال. واسهمت بجدية في صياغة اتفاقية الحد. فايران تدرك جيدا اهمية الحفاظ على منظمة الاوبك كطار جامع مانع، ولن تسعى الى تصفية خلافاتها مع السعودية عبر تعريض سعر النفط الى الاهتزاز والهبوط.  
وقد حاول رئيس الوزراء العراقي اعادة تجميل تصريحات وزيره لشؤون النفط عن عدم رغبة العراق من خفض انتاجه ان لم يزيده. فقد جاء على قناة بلومبرك الاقتصادي برغبة رئيس الوزراء قبول خفض الانتاج بما يحقق استقرار سعر النفط. وهي رسالة لا تخلو من رأب الصدع مع العزف الاوبكي وبالخصوص التوجهه السعودي. لكن مناورة رئيس الوزراء وان ساهمت  في شد لحمة الاعضاء الا انها لا تفي بالتنفيس عن حالة العجز الذي تعاني منه الميزانية العراقي. الامر الذي دفع برئيس الوزراء العراقي باقرار اصدار سندات بقيمة ملياري دولار في الجلسة الحكومية الماضية للتخفيف عن حالة العجز المتفاقمة.
 وينفرد العراق دون اقرانه من منتجي النفط من ضغوط اقتصادية وعجز في الميزانية يتجاوز الثلث. ويقدر ان تزداد مصاعبه بعد اعادة السيطرة الكاملة على جميع اراضيه وتحريرها من ايدي داعش. ومع قبول الاعضاء بسياسة الحد وارتفع مشوب لسعر النفط يبقى حجم التحديات التي تواجه العراق اكبر بكبير مما سيحققه النفط من زيادة في العائدات. فالبلد يواجه دمارا منظم شمل اكثر من ثلث مساحته وتسبب في تهجير اكثر من مليون نسمة وضحايا ووارامل ويتامى.. مع تفاقم امني وتصدع سياسي .. ورغم ان رئيس الوزراء وضع حفنة اجراءات تقشفية لتقليص حجم الانفاق، الا ان متطلبات عملية اعادة اعمار العراق واصلاح البنى التحتية تتطلبات انفاقات اكبر مما يستطيع البلد رصده.
ومهما ستكون الاجراءات والضوابط واصلاح هيكلية الدولة بشكلها المنظور وما ستحققه القوات المسلحة المشتركة فانها تقف في مهب الريح.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب