7 أبريل، 2024 7:11 م
Search
Close this search box.

 اسطورة التكنوقراط

Facebook
Twitter
LinkedIn

 جديدة فاعلة فى حقل العمل.ان اختيار وتعيين هذه الجماعات فى الدول الصناعية المتقدمة يخضع مبدئيا الى الكفاءة العلمية والعملية وما يمكن ان يقدمه هذا التكنوقراط الى تخصص المنشاة ودفعها الى الامام. ان عملية الاختيار ليس لها علاقة بالقرابة والمناطقية والانتماءات السياسة والمحسوبيات, ولذلك فان المؤسسات التى تعتمد الكوادر المتخصصة ناجحة فى مجال عملها ولها القدرة على المنافسة فى السوق المحلية والدولية.
بعد” خراب البصرة” كما يقول اللسان الشعبى العراقى جاءت نخبة 2003 التى تربعت فى الحكم وما زالت مستلقية فى احلام الثروة والسلطة والامتيازت, مخلفة بعد ثلاثة عشر سنة فساد عارم وانهيار تام لمقومات حياة معاصرة, كهرباء ,ماء صحى, تعليم, خدمات صحية….الخ وعطالة خاصة بالنسبة للشباب والخريجيين, وفوضى وانهيار امنى متنامى, وتكوين يشبه الدولة ولكنه ليس بدولة وخزينة فارغة واحتياطى البنك المركزى الذى يتاكل يوما بعد يوم, واراضى ومدن ما زالت محتلة من قبل التنظيم الارهابى لداعش
بعد كل هذه الكوارث تذكرت النخبة, نخبة الزمن التعيس,ان تركيبة الحكم والوزارات لا يمكن ان تستمرعلى هذه الحالة من الجهل والفساد واللامسؤلية , خاصة بعد ان اصبح السلوك طريقة ومنهج لا يعفى منه احد المسؤليين. لقد تذكروا من العلم والمعرفة والخبرة والتخصص لها تأثير كبير فى وضع رؤيا وتخطيط وبرامج لمدايات مختلفة وحساب تكاليف وتحديد فترات زمنية للانجاز…الخ, وجاؤا بوصفة جديدة, التكنوقراط المستقلين, الذين ليس لهم ارتباطات وعلاقة بالكتل السياسية اصحاب العملية السياسية, هذا يعنى, سوف يكونون خارج تركيبة المحاصصة البغيضة المدمرة. هذه وصفة جديدة من احد العطارين القدماء او من الرعيل الجديد للطب الشعبى وطب الاعشاب التى يصعب ان توافق عليها الكتل السياسية, لانها لايمكن ان تفرط بالحقوق والامتيازات التى حصلت عليها من الدستور ومن رعاة ومخططى تركيبة الحكم الطائفية والقومية.
ان الوزارات التى تشكلت سابقا كانت تحتوى دائما على تكنوقراط ومع ذلك كانوا فاشلين فى عملهم او انهم لم يقدموابما فية الخير للعراق, وخير مثال على هؤلاء عمل الدكتور الشهرستانى الذى تولى وزارة النفط ونائب لرئيس الوزراء وبعدها وزارة التعليم العالى, والذى يمكن اعتبارة من اكثر الفاشلين بالرغم من تخصصه الخطير ,عالم فى الفيزياء الذرية, ويحضى بالاضافة الى ذلك بـ “بركات المرجعية الرشيدة” ان التمهيد والتوقيع مع
الشركات الاجنبية لـ”عقود التراخيص” المجحفة بحق العراق والتى تتكلم عنها وسائل الاعلام العالمية وتصفها بـ”اللامعقول” والخيانة بحق البلد والشعب, ما زال حى يرزق وسوف يستوزر ثالثة ورابعه فى كابينة التكنوقراط وغير التكنوقراط. ان الدكتور الشهرستانى بحكم تحصيله العلمى قد اعتمد التفكير العلمى واصبح جزءا مكونا له, ولكن التخصص لوحده لا يكفى لبناء بلد والحرص علية, هذه قضايا ترتبط بقضية الانتماء الوطنى , بعملية التنشئة الاجتماعية ونوعية التربية البيتية التى قد نشأ عليها المرء, ونوعية المعاناة الفكرية والاجتماعية التى يحملها معه, نظريا, كانت فرص نجاح وتالق الدكتور الشهرستانى كبيرة جدا, ولكن , كما يبدو فان نقصا كبيرا فى المقومات السابقة فى فكر وسلوك وثقافة الدكتور الشهرستانى جاءت بالنتائج الخطيرة فى استلامة مهام وزراة النفط والتعليم العالى, بالمناسبة الم يكن هو الذى اعلن من ان العراق سوف يقوم بتصدير الكهرباء فى سنة 2010, ونحن ما زلنا نعانى من النقص الهائل فى الكهرباء. انه خطر كبير وحالة تدعو الى الوقوف والتامل ان يتحول العالم, لاى سبب كان, الى الشعوذة ويطلق ما يحلوا له من الكذب والاباصيل, وهو المسلم الذى تربى على مقومات الدين الاسلامى والمذهب الشيعى وعلى صلة وثيقة بالمراجع الكرام.
الخلل فى عمل وزارة الصحة, كنموذج مبسط للعديد من الوزارات, متعدد الجوانب والاشكال, وتكفى زيارة بسيطة لاحد المستشفيات الحكومية للتقف على الفوضى المرعبة المتعددة الجوانب, الاطباء يشكون من اوضاع العمل فى المستشفيات, المرضى يشكون من عدم توفر الادوية وعدم اهتمام الاطباء والكادر الصحى بعملهم وبالمرضى بشكل عام ويشكوا ايضا عاملات التنظيف, والسيد الوزير, او الوزيرة يصرح دائما ان الدواء متوفر حتى للحالات السرطانية, وقد تعاقدنا مع اكبر المؤسسات العالمية لانتاج الادوية لتجهيزنا بالادوية الضرورية, كما ان عددا من المستشفيات والمستشفيات الجامعية قيد الانشاء ان السؤال يفرض نفسة من تصاعد حالات تهديد وضرب وخطف وحتى اغتيال بعض الكوادر الطبية العلمية من قبل اهل المرضى واقاربهم. كيف يستطيع الطبيب العمل تحت شروط صعبة جدا وفى اوضاع مجتمعية معقدة انهارت فيها مقومات الضبط الاجتماعى وتصاعد العمل بـ ” الفصل العشائرى”, من يحمى الطبيب من الغوغاء, من الادعياء وحاملى السلاح, ما هى قيمة الطب والعلم فى مثل هذه الظروف. انه امر طبيعى ان يكون العمل غير منتظم ولايفى بالتوقعات, ومما لاشك فيه فان الفوضى واللامسؤلية تشمل مع الوقت, بالضرورة حتى الكوادر العلمية المتخصصة. ان الخلل مركب ومعقد واخذ يهدد ان يصبح نهجا واسلوبا فى الرؤيا والعمل. ان الطبيب, لوحدة لا يستطيع تقديم خدمة جيدة, وذلك لانه يعمل فى اطار وتنظيم فوضوى لا تتوفر فيه عناصر الضبط والتسلسل الحقيقى للمراتييب والسلطات.
مما لاشك فيه, ان عددا كبيرا من التكنوقراط فى مختلف المجال مازال مقيما فى العراق, الا ان الكثير منهم قد انهكتهم التوقعات والتأملات فى نهج وطنى وتنمية حقيقية التى لم تجد مكانا فى دائرة تفكير المسؤلين , ناهيك ان تتوفر لها فرص فى التخطيط والتنفيذ. لقد شاركوا فى ندوات ومؤتمرات وقدموا مقترحات وتصورات علمية حديثة وعرضوا على الجهات والوزارات المختصة خدماتهم,الا ان كل الجهود لم تجدى نفعا. ان الاسبا معروفة للجميع, اما ان تكون الهوية المذهبية غير ملائمة او الانتماء الحزبىو وشروط التزكية التى يقدمها انسان بائس.
كيف سيكون عمل هؤلاء التكنوقراط, هل سيدخل الشخص المختار وزيرا لوحده او مع فريق عمل يختاره شخصيا او يتم اختياره من قبل رئيس الوزراء او من قبل الكتلة التى كانت فى حيازة الورارة, هذا يعنى على طريقة الزواج حينما يختار اهل العريس او اهل العروس الزوج او الزوجة المناسبة. هذه الطريقة كانت ربما اوفر حظا ايام زمان, ولكنها اليوم غير ملائمة مبدئيا, انها مثل الشخص يدخل بيانات خاطئة فى الكومبيوتر, وبذلك سوف تكون النتائج ليست عديمة الفائدة وانما مضرة ايضا. ان الجميع يتكلم عن الفساد الادارى والمالى, والغريب ان المسؤلين انفسم يتداولوا هذا الكلام. لنفرض ان الوزير او المدير العام نزيها , اذن فان العلة يجب ان تكون فى التسلسل الوظيفى الادنى, رؤساء الاقسام والشعب. الا اننا نعلم بان الوزاراتتكاد تكون قلعة لكتلة الوزير, انها خط سير فى اتجاه واحد , للاهل والاقارب والاصدقاء والرفاق فى فى الكتلة منذ ايام الضال التى لا تاريخ لها ولا جغرافية. والحقيقة فان عمل الادارات الحكومية لا يختلف كثيرا عن عمل المافيا الايطالية التى تقوم بفرض اجور الحماية على الاشخاص والمحلات التجارية وتفرض ايضا نسبة فى الملكية. هذا يعنى و وهى خبرة عاشها المواطن العراقى ان اى معاملة فى دوائر الدولة لها سعر محدد, وهذا يشمل ايضا مشاريع الوزارة وتجهيزاتها…الخ.
كيف سيكون عمل هذا التكنو الذى يجب ان يتمع بمواصفات ضابط المخابرات البريطانية الـ(007) الذى يقهر الاعداء ويركب الاخطار ويتمع بالقوة البدنية الكبيرة والعقل السديد الذى يقارب معامل ذكائه الـ 140. ان عمل اى مؤسسة او وزارة هم عمل جماعى يقوم على الثقة والاعتماد المتبادل, وعمل الوزير , التمنوقراط ايضا, هو عمل سياسى , ان يتخذ القرار السليم من بين مجموعة الاقتراحات والتصورات التى تقدمها له الدوائر والاقسام المختصة. هنا تكمن قدرة واهمية عمل الوزير , انه يستطيع من خلال تخصصه وخبرته وتعامله المسبق بمثل هذه الوجبات ان يتخذ القرار الصحيح , علما بانه ياخذ بنظر الاعتبار متغيرات متعددة ويعطى لكل منها درجة معينة من الاولوية. هذا اذاء كانت اقسام الوزارة ودوائرها المختصة تعمل بشكل مهنى, ولكن الامور تاخذ منحنا اخر حينما تخطط الاقسام والدوائر المختصة وفقا لتصورات وتحقيق مصالح وفوائد فئوية وشخصية
ومناطقية, ماذا عسى الوزير ان يعمل!! هل سوف يقوم بالمبادرة بالاقتراح والتخطيط والتنفيذ والمراقبة؟؟ انها عملية مستحيلة. ان الوزير لوحدة , وحتى اذا كان معه فريق عمل , وهذا صعب التحقيق, فهو لايستطيع النجاح فى المهمات والتوقعات الموكلة اليه. ان القضية اكبر من الوزراء وحتى رئيس الوزراء!!
اذا اخذنا بنظر الاعتبار الحالة السائدة فى وزارة التعليم العالى فهى لاتقف عند تدهور المستوى العلمى, وانما بالفوضى والانفلاتالذى يسود عملية الاعداد العلمى, خاصة عندما تتحول بعض الكليات الى فروع للكتل السياسية ورافد نشيطة للميليشيات, عندما يرفض عميد احد الجامعات, بعد صدور الاامر الوزارى بتنحية من منصبة, الاستجابة للوزارة. وليس هذا فحسب, ان الاستاذ الجامعى يجب ان يزن الامو بشكل دقيق حينما لايستجيب فى تمشية امور احد الطلبة, لانه يمكن ان يلاحق بـ”الفصل العشائرى” وما ادراك ما الفصل العشائرى, اوان تلفق ضده تهمة ما من قبل احد الطلبة الناشطين. اننا نسأل , من يستطيع حماية الموظفين والشخصيات التى مناط بها واجبات مهمة كبيرة من عبث ونذالة الغوغاء, ان يعيد بعضا من مقومات النظام الى قواعدة الاساسية.؟؟
ما عسى الوزير الجديد ان يعمل تجاة الكليات الجامعة الاهلية التى تعد فرصة استثمارية رائعة, بضعة كليات اهلية تتوفر فيها شروط التجهيزات المكانية والهئات التدريسية, اما الاغلبية تكاد لا تفى بمقومات التعليم والاعداد العلمى. ان نظرة اولية على اصحاب هذة الكليات يمكن ان تعطينا بيانات وافية.
ان وصفة التكنوقراط هى مثل بقية الوصفات السبقة التى اتحفتنا بها نخبة 2003 والتى قادتنا الى هذه الحالة التعيسة والى لا مخرج لها. مع كل الثقة بهؤلاء الوزراء القادمون فأن الاصلاح سوف لايأتى منهم ومعهم, لان النظام ككل اصبح متهرا بائسا لاتده شحنات تقوية ابر تنشيطية, انه يجب ان يتغير من الجذور ويتولى ادارته والمل به شخصيات وطنية مخلصة كفوءة. اننى اخشى ان تستخدم جماعة العبادى وحرب الدعوة “وصفة التمنوقراط ” ليؤكدوا بان التكنوقراط هم الاخرون قد فشلوا فى اجراء تغييرات فى جدية فى خدمة الشعب والبلاد.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب