23 ديسمبر، 2024 10:50 ص

اسطوانة الغاز .. تدخل الازمات وتتحول الى واحدة من امنيات العراقيين

اسطوانة الغاز .. تدخل الازمات وتتحول الى واحدة من امنيات العراقيين

بين ليلة وضحاها , تحولت قنينة الغاز الى واحدة من أمنيات العوائل العراقية بعد ان شهدت محطات التعبئة والتوزيع ازدحامات شديدة اضطرت البعض للاستعانة بالأسواق السوداء لشراء اسطوانة الغاز السائل بسعر يتراوح بين 15 –25ألف دينار للأسطوانة الواحدة رغم ان سعرها الرسمي اربعة آلاف دينار , وردا على هذه الازمة قالت مصادر في وزارة النفط بان الانتاج الحالي من الغاز قد تمت زيادته ولم تتم أية تخفيضات في الانتاج , مما يعني بان هذه الازمات مفتعلة ومن يصنعها هدفه تحقيق مردودات غير مشروعة من خلال إستغلال الدخول بموسم الشتاء بعد ان شهدت بغداد وبعض المحافظات هطول الامطار وانخفاض في درجات الحرارة .
وكما هو معروف بان أية سلعة يمكن ان تحدث بها ازمات مثل السكر او زيت الطعام وحتى البنزين او النفط باستثناء غاز الطبخ , والسبب بان الغاز يباع بأسطواناتهاالمعروفة فقط ولا يمكن تخزينهوبيعه بغيرها وان كل عائلة تمتلك عددا محدودا من هذه الاسطوانات فمعدل عددها 2-3 اسطوانة لكل عائلة , واذا كان عدد العوائل هو بحدود 4,5 مليون عائلة فان عدد الاسطوانات هو بحدود 12 مليون , علما بان هناك اوزان محددة لكمية الغاز في كل اسطوانة واستهلاكها قد يطول لأسبوع او اكثر منزليا مما يعني ان بإمكان الجهات المعنية في وزارة النفط ان تؤمن حاجة المواطنين من خلال معاملها الحكومية او المعامل الاهلية .
ان ما نقصده من هذا العرض هو ان ازمة الغاز لا يمكن ان تكون مفتعلة لان تخزين الغاز مهما تمت المبالغة فيه فهو مقيد بعدد الاسطوانات المتداولة , علما بان اجهزة وزارة النفط على علم كامل بعدد هذه الاسطوانات لأنها الجهة الحصرية تقريبا المعنيةباستيراد وتوزيع هذه الاسطوانات , آخذين بنظر الاعتبار بان أسطوانات الغاز لا تتعرض للتلف بوقت قصير وان هناك سياسات متبعة لاستبدالها او تسقيطها وهذه السياسات ليست بمعزل عن وزارة النفط , ويعني ذلك من الناحية العملية بان افتعال ازمات الغاز غير ممكن من الناحية الفعلية اذ ليس من المعقول ان يذهب المواطن لمحطات بيع الغاز لاستبدال أسطوانته الا بعد نفاذ مخزونها بالكامل .
وفي ضوء ما تقدم فان الازمات لا يمكن ان تحصل الا عندما يشعر المستهلك بوجود اختلال بين العرض والطلب في ساحات بيع اسطوانات الغاز , حيث يضطره ذلك الى الاسراع لملأ جميع الاسطوانات الفارغة التي يمتلكها من باب التحوط ,مما يؤدي ذلك الى زيادة الطلب وبقاء العرض على حاله ومن الممكن ايضا ان تزداد حدة الازمة عندما يقل العرض بسبب انخفاض الانتاج , وفي مثل هذه الحالات من الممكن ان تعالج الازمات من خلال زيادة الانتاج وهي مسألة ممكنة لان الطاقات الانتاجية للغاز المنزلي او الصناعي يفترض ان تكون بحدودعدد اسطوانات الغاز الموجودة والمعروف عددها حيث ان هناك امكانيات كبيرةللتعبئة في القطاعين الحكومي والخاص .
واذا كانت تصريحات وزارة النفط موضوعية من حيث عدم وجود ازمات في الانتاج وزيادتها عن مستوياتها التي تأخذ بنظر الاعتبار ارتفاع الاستهلاك في فصل الشتاء لان جزءا من الغاز قد يستخدملأغراض التدفئة , فان المشكلة تقع في الاجهزة الرقابية من خلال السماح لفئة من البائعين بالاستحواذ على الموجود في ساحات الغاز من خلال بيعها في السوق السوداء بأضعاف اسعارها , فهناك من يجد اسطوانات الغاز تباع امام محطات التعبئة بالأسعار التي اشرنا اليها اعلاه كما ان بعض الباعة المتجولين يبيعون الغاز بأسعار مرتفعة تصل لأكثر من 25 الف دينار للأسطوانة الواحدة , واذا حصلت حالات من هذا النوع فانه من السهولة معالجتها من خلال التصدي للفساد في المعامل والمحطات .
الغريب في الامر ما رافق هذه الازمة من انتشار ظاهرة بيع اسطوانات الغاز غير المتعامل بها من قبل معامل التعبئة ومحطات التوزيع وهي اسطوانات عشوائية الاستيراد لأنها تمت خارج سيطرة وزارة النفط وتعود لمناشيء ايرانية او تركية او غيرها , وحسب البيانات الرسمية فان تداولها واستخدامها يشكل خطرا على المستهلكين لأنها معرضة للانفجار والتسرب ونشوء الحرائق , وهي موجودة وتشكل عبئا على المواطنين لان وزارة النفط ترفض التعامل بها والمواطن لا يمكن ان يميزها من حيث الشكل او المضمون , فهي اسطوانة معلمة بالشعارات الرسمية ولكنها دخلت للعراق عبر المنافذ الحدودية لأنها لم تسقط من السماء وحسب تصريحات بعض المسؤولين في وزارة النفط فان دخولها تم بعزل عن رقابة الاجهزة المعنية .
وبضوء ما تقدم , فان هناك العديد من الشكوك والاتهامات بخصوص ازمة الغاز ويجب ان تؤخذ على محمل الجد ويتوجب على وزارة النفط او غيرها من الجهات ان تحل الظاهرة ولا تكتفي بإطلاق التصريحات , فبيع الاسطوانات المزيفة داخل المناطق السكنية يعني من ضمن ما يعنيه ان هناك متسعا للفاسدين والعابثين ان يتغلغلوا داخل تلك المناطق للإضرار بالمواطنين , ويجب ان لا يغيب على احد ان العراق في حالة حرب وهناك اراضي خارج سيطرة الدولة وان الطرف الاخر في الحرب له حواضن لم يتم الكشف عنها بالكامل , وهو ما يتطلب جهدا استخباريا خارج مناطق الفعاليات العسكرية  , والامر يتطلب قيام الجهات المعنية بتشديد الرقابة على بيع الغاز خارج محطات التعبئة ومحاسبة المقصرين وإحالتهم للقضاء لان ذلك يعني تلاعبا باحتياجات الشعب , ونتمنى ان تعمل الاجهزة المعنية في النفط على توزيع البطاقة الوقودية لكي لا تتفاقم ازمات أخرى تتعلق بالنفط الابيض , كما نرجوا ان تحل هذه الازمات وان لا تخرج تصريحات من هنا او هناك تشير الى ان هذه الازمات غرضها سياسي لمحاولة إفشال فلان او فلان , فكل شيء من الممكن ان تحدث فيه أزمات الا اسطوانات الغاز اذا كان الانتاج صحيح وبحدود الاحتياج .