يفيد العباقرة من الرأي ونقيضه؛ لأن العالم هيولى.. حاملة نقائض، وهي سيال عام، ينتظم موجات الوجود، بتفاوتاته الفيزيائية، متنافرة الكثافات، من غازي ينسم بطراوة، مرورا بغازي عاصف، وسائل رائق، وزوبعة بحرية، وسورة نهر، تغرق الفتيان، اثناء المرح، على مرأى من فتيات الحي، يطللن بالرؤوس من روازين الغرف وشناشيلها، وانتهاءً بالاجسام الماسية والفولاذية والسليكونية، شديدة الصلابة.. كلها تنتظم موجيا، في السيال العام، الى جانب المحسوس غير المرأي ولا ملموس، كالأشعة فوق وتحت التدرجات البصرية والسمعية.
نفيد من “شعرة معاوية” حين قال: “أذهب مع من يجر الشعرة اليه، فلا تنقطع، وأجيء ممن يدفعها نحوي، كي لا تتجعد” ما دأب الموروث الشعبي، على تداوله، تحت عنوان، متفق بشأنه: “شعرة معاوية” لتبرير مرونة التعاطي البراغماتي نفعيا، مع الاحداث، ملخصة بالافراد الذين ننفعل بهم.. تضادا وتعاطفا.. نأخذ ونعطي!
وقال المثل الشعبي: “شعرة بين عاقل ومجنون لا تنقطع” بناءً على حكمة سيد البلغاء الامام علي.. عليه السلام: “حدثوا الناس على قدر عقولهم” وتبعه بذلك الفقهاء، من حيث اسقاط حجة الجاهل والمتعلم، على حد سواء، بتحويل الجدل العقيم، الى منطق واقعي.. مشهود، ينفذ من بصر الجاهل الى بصيرته.. مفحما.
أما العاقل، فيغنيك بحجاه، عن تعب التطبيق، ويقي نفسه صدمة الحقيقة وعنف الواقع، وهي صدمة عنف واقعة، عاشها العراقيون، بعد ان احبط الارهاب والفساد المالي، فرحة سقوط الطاغية المقبور صدام حسين.
بل كثيرون، ممن يعدون رأيهم مسؤولية اخلاقية واجتماعية واكاديمية ووظيفية، تلجلجوا في السؤال: – ماذا عدا مما بدا!؟ فلماذا جرجرت الجيوش اثقال اسلحتها.. جوا وبحرا وبرا؛ كي تسقطه، إذا آلت حال المواطن الى ضيم.
مصطلح (ضيم) اجمالي جمعت فيه كل ما يخطر في بال اي مواطن مستاء من مراجعة دوائر الدولة، التي بات انجاز معاملة فيها، لهيب تنور مستعر، او اجبره مديره العام، على التواطئ مع اختلاس، إن مر ففي جيب المدير او احدى مومساته و”…” اما إذا كشف الامر، فيتحمله الموظف المجبر وحده.
وإنسج على نول هذا السياق، جردة “إهمالات” في الصناعة والزراعة والخدمات، وضعت الحجة بيد صيادي المياه العكرة.. الموتورين تضادا مع العملية السياسية وضد صفاء العيش في العراق؛ كي يتخذوا من أهمال الدولة لمرافئ الحياة، عصا يجلدون بها التجربة.
وصار كل من لديه قضية، يمررها من خلال مطالبة الدولة بالخدمات، التي تحولت الى اسطوانة مشخوطة من الجانبين، نهازو الفرص يداعون بها “كلمة حق لمآرب باطلة” ودوائر الدولة توغل بالاهمال والتخبط الى مهاوٍ فظيعة.
شارع من سايدين، احدهما متخسف صاحت الناس منه الداد؛ رافعين الشكاوى مباشرة وعبر وسائل الاعلام، لمعالجته، والسايد الثاني ارحم نسبيا.. قياسا بأخيه الموازي له.. تركوا السايد موضع الشكوى، وأعادوا إكساء الاقل تخسفا.
لا أظن القارئ بحاجة لأن اثقل عليه بالشرح، لماذا كسوا الصالح وتركوا المتخسف طالحا يطفح بمياه الامطار.. وهي تتجمع متحولة الى بركٍ آسنة.
هذا المثال، له نظائر في الطب حين الزم مدير مذخر ادوية مستشفى اطفال مدينة الصدر، بتسلم دفعة “كانونات” لا يتحملها حصان؛ فأضطر الى مناجاة مدير عام المذاخر في وزارة الصحة، قائلا: “دكتور بحظك ببختك، تقبل تشج جلد حفيدك وهو في القمائط بكانونة الحصان هذه، أم أن أطفال تلك المدينة البائسة وحدهم يتحملون الضيم وهم في القمائط”.
أما التربية والجامعات و… البلد مزكوم بالفساد حد العطاس ومتهرئ بالاهمال تعفناً يفيد من العطاس والتعفن صيادو المياه العكرة نهازو الفرص هجامة البيوت الآمنة، ودوائر الدولة هي التي تضع الفرصة بين يديهم على طبق من…