حقّاً انّها لمفاجأة تُدهشُ بأمتياز , انها مفاجأة الموسم المخابراتي + السياسي + العسكري بين القوتين الأعظم في العالم , إنهم يصنعون الأسرار ويصوغوها كألغاز ثمّ ما يلبثون ان يكشفوها بطرقٍ ملفوفةٍ بالأبهام …. لقد بدأت تتسرّب في الايام القليلة الماضية او بالأحرى بدأ تسريبُ معلوماتٍ مجهولة المصدر وصارت تتناقلها بهدوء بعض وسائل الاعلام في الغرب , وانفردت بها صحيفة ” السفير ” اللبنانية تحت عنوانٍ طويل نصّه “” العدوان الامريكي على سوريا انتهى لحظة اطلاق الصاروخين في المتوسط “” , ثمّ عززت الصحيفة هذا العنوان بعنوانٍ فرعيٍ آخر : “” هذه حقيقة المواجهة الامريكية – الروسيه .! “” , ثم اسهبت في نقل وترجمة ونشر معلوماتٍ تفاجئ مسامع الرأي العام والعالم , وتُظهر فحواها مدى ” التمكّن الروسي من اوراق اللعبة عسكريا ثم سياسيا تالياً ” , بما يجعل الموقف الامريكي لجهة الخيارات والتوجهات , رهن اخلاقية موقف القيادة الروسيه التي تتصرف بأعصابٍ سيبيريّه وعقلٍ واسع , يعرف ماذا يريد والى اين سيصل . وتوضح المعلومات التي يجري الكشف عنها ” أنّ الحرب الامريكية على سوريا قد بدأت وانتهت لحظة اطلاق الصاروخين البالستيين اللذين بقيا محل تضارب في المعلومات بين نفيٍ اسرائيلي وتأكيدٍ روسيّ , وصولا الى صدور بيان اسرائيلي انهما اُطلِقا في اطار مناورة امريكيه – اسرائيلية مشتركه وسقطا بالبحر ولا علاقة لهما بالازمة السورية ” , ولكن ما هي الحقيقة المرتبطة بالحادث .!؟ وهل هناك ما لم يجرِ الإفصاح عنه في حينه لإعتباراتٍ عدّه , وابرزها ” التوازن ” في عملية الصراع على النفوذ الدولي بعد ضمور احادية القطب .؟ . وتكشف المعلومة المسرّبه وتفصح عن الحقيقة المرتبطة بالحادث بأنّ “” هذين الصاروخين قد اطلقتهما القوات الامريكية من قاعدة تابعه لحلف الاطلسي في اسبانيا , وكشفتهما الرادارات الروسية فورا حيث قامت الدفاعات الجوية الروسيه بمواجهتهما , فتمَّ تفجير احدهما في الجو في حين تمّ حرف الصاروخ الآخر عن مساره وجرى اسقاطه في البحر “” , ثمَّ تضيف تلك المعلومات : > بأنَّ البيان الذي صدر عن وزارة الدفاع الروسيه والذي تحدّث عن اسقاط صاروخين بالستيين اُطلِقا بأتجاه شرق المتوسط قد تعمّدَ اهمال عبارتين : الاولى : مكان انطلاق الصاروخين , والثانية : اسقاطهما , لماذا .؟ إذ فور وقوع تلك العملية الحربية الدقيقه , اجرت رئاسة المخابرات الروسيه اتّصالاً بالمخابرات الامريكية وابلغتها بأنَّ ضرب دمشق يعني ضرب موسكو , ونحن قد حذفنا عبارة – اسقطنا الصاروخين – من البيان الذي اصدرناه حفاظا على علاقاتنا الثنائية ولعدم دفع الأمور الى مزيدٍ من التصعيد , لذلك فعليكم اعادة النظر سريعا بسياساتكم وتوجّهاتكم ونواياكم ايضا تجاه الازمة السورية , كما عليكم التأكّد انكم لن تستطيعوا إلغاء وجودنا في البحر المتوسط < , كما تضيف هذه المصادر المخابراتية انّ ” هذه المواجهة المباشرة غير المعلنة بين موسكو وواشنطن , زادت من ارباك ادارة اوباما وتيقّنها اكثر انّ الجانب الروسي مستعد للذهاب حتى النهاية في القضية السوريه , وانّ لا مَخرج للمأزق الامريكي إلاّ عبر مبادرةٍ روسيةٍ ما تحفظ ماء وجه الادارة الامريكية , كما انّ لا سلم ولا حرب في سوريا خارج الإرادة الروسية ” , وتُتابع المصادر : > انه ولتجنّب المزيد من الإرباك الامريكي , وبعدما نفت اسرائيل علمها بأطلاق الصاروخين في بيانها الأول , وهو الذي يعبّر عن الحقيقه , طلبت واشنطن من تل ابيب تبنّي اطلاق الصاروخين بما يحفظ ماء وجهها أمام المجتمع الدولي , خصوصا انّ الصاروخين كانا باكورة العدوان الامريكي على سوريا , وايذانا بأطلاق شرارة العمليات العسكرية , بحيث كان من المفترض ان يذهب الرئيس الامريكي الى قمة العشرين في روسيا للتفاوض على رأس الرئيس بشار الأسد , فأذا به يذهب بحثا عن مَخرج لمأزقه < . واضافت تلك المصادر الى انه بعد المواجهة الصاروخية الامريكية – الروسية , عمدت موسكو الى زيادة عديد خبرائها العسكريين في سوريا , كما دفعت بالمزيد من القطع الحربية والمدمرات تعزيزا لتواجدها العسكري في المتوسط , واختارت توقيت الأعلان عن مبادرتها بشأن وقف العدوان على سوريا بعد قمّة العشرين بعدما جرت مباحثات معمّقة خلف الكواليس على هامش القمة التي اعقبتها زيارتان متعاقبتان لكل من نائب وزير الخارجية الايراني ومن ثمّ وزير الخارجية السوري وليد المعلم , حيث تمّ صوغ المخرج مع الجانب الروسي بشكلٍ افضى الى الى اعلانٍ سوريّ بالموافقة على المبادرة الروسية لجهة وضع السلاح الكيمياوي السوري تحتَ اشرافٍ دولي , واستعداد سوريا للأنضمام الى معاهدة منع انتشار الأسلحة الكيمياوية . وقد كانَ ملفتاً للنظر في هذا الشأن تصويت مجلس العموم البريطاني برفض المشاركة في الحرب على سوريا , ثمّ تبعته مواقف اوربية كان ابرزها موقف الألمان ….
وإذ ينتهي – هنا – سرد تفاصيلِ اسرارِ المواجهة الروسية – الامريكية , فأعترف بأنَّ هنالك مَنْ يرى في هذه التفصيلات المخابراتيه – العسكرية , وكأنَّ فيها مسحةٌ او اكثر , او هالةٌ مُضَخّمه من المغالاة للقُدُرات الروسية , ولعلَّ مَنْ يرى ذلك يغدو مُحِقّاً فيه بشكلٍ او بآخر , إذ الصراع الدولي مبنٍ على الأسرار لكنّي اقول ايضا : أنَّ لا ” البتاغون , ولا – سي . آي . أي , ولا الخارجية الأمريكية ” قد نفوا صحّة ما جرى تسريبه وكشفه منْ هذه الاسرار