هل يحتاج العراق اليوم إلى زعيم يقود الأمة إلى مرافئ الأمن والسلام والرخاء، ثم هل نبت في العراق على مدى عقوده السابقة زعيم وطني مخلص أنقذ هذه الأمة من الويلات والماسي والإحزان ، ربما يقول لي البعض في صراحة أو عفوية كلا ، ويقول الأخر، نعم كان لدينا زعماء وطنيون مثل الملك فيصل الأول مؤسس دولة العراق الحديثة الذي كان برفقته عدد من الزعماء الخالدين وان اختلفنا أو اتفقنا حول وطنيتهم فان أمثال نوري السعيد ، طالب النقيب ، جعفر أبو ألتمن ، جعفر العسكري ، عبد المحسن السعدون ، رشيد عالي الكيلاني ، علي جودت الأيوبي ، لندخل مع زعماء الجمهورية الأولى بدا من عبد الكريم قاسم ، عبد السلام عارف ، وانتهاء بصدام حسين ، وللأسف فان بعضهم مخلصا والأخر قد أحال العراق إلى بقعة من جهنم .
أعجبني شاعر مصري اسمه جراب الحاوي بقصيدة كتبها بعنوان زعيم .. ونعيم ، استعين بها لتضمين مقالتي يقول فيها .. تعالوا نحلم بزعيم .. أمن وعدل وتصنيع .. تعالوا نحلم بمناضل.. أخ كريم، إنسان فاضل.. تعالوا نحلم بمكافح ..أخ يسامح ويصافح.. تعالوا نحلم بحبيب.. م الفكر له نصيب ونصيب .. تعالوا نحلم ببكرة.. ونقدم لبلدنا فكره .. تعالوا نحلم بزعيم.. ونغير حياتنا من نار وجحيم .
قد لا احسد الحكام الجدد جميعا على وضعهم المأساوي وبؤسهم الإداري وسعة مشاكلهم واضطراب أحوالهم كنتيجة حتمية لضعف إمكانياتهم القيادة ونقص في خبراتهم الإدارية وفشل كل المحيطين بهم من انتشال قيادتهم ، لان الجاهل لا يمكن أن يأتي بحكيم وهذه قمة المأساة في العراق ، نعم القيادة مُعَرّوَفةُ أنها الكلمات الناجعة والمهارةَ والتأثيرَ واكتساب القدرةً والتأثير،َ لكي تَحْصلُ على رضا الناسِ ، والاهتمام بأحاسيس الأفراد ومشاعرهم، وجعلهم يشعرون بكرامتهم وأهميتهم، ولهذا فإن الزعيم المؤمل منه يجب أن يرحب بآراء أتباعه ويعير أفكارهم الاهتمام اللازم، ويقدم لهم المعلومات والإرشادات اللازمة، وتحقيق التعاون، هنا يولد سؤال ملح وضروري، هو كَيفَ تَبْني ذلك التأثيرِ في الناسِ وأنت الزعيم الذي يؤمن، بموهبتهم، بأفكارهم ، بالتزامهم ، وببراعتهم، إذ هي بداية الدرس الأول عندما تُزاولُ نشاطك كزعيم مقتدر ِ، في حين إن سلوكك هو طبيعتك الثانيةَ، وهذا يجعلك تزاول نشاطك كزعيم وقيادي. وتكون بذلك قد أتقنتْ عاداتُ الصبرِ، الشفقة، التواضع, الاحترام، التسامح، الأمانة، والالتزام.
ويمكن القول إن الزعيم الناجح هو القادر علي تولي إدارة من حوله سواء من المستشارين أو المتملقين ومدراء المكاتب، إعلامية ،اقتصادية ، شؤون مواطنين ، إدارة الأمن ، من أجل ضمان تدفق المعلومات بدقة وفرض نفوذه على واقع الحال، لذلك يتعين على الزعيم أن يتجنب الوقوع فيما يسميه أصحاب مصطلحات العلوم السياسية بـ (فخ الإمبراطور)، وهو المنزلق الأخطر في وجوده والذي يجعله لا يستمع إلا إلي الكلام الذي يطربه مثل الحديث عن النصر والوجاهة والفتوحات والمكرمات، ومن التحليل المتعمق والذي يحمل مفارقة واضحة أن هذه النتائج أصبحت واقع حال في العراق بدا من رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ورئاسة الوزراء، ووسائل الإعلام المختلفة،( وضاع الخيط والعصفور) .
فالزعامة السياسية يا سادتي تعني القدرة الذاتية على اتخاذ القرار السياسي المحقق لأقوى إمكانيات الصواب وأقصى درجات الاطمئنان النفسي للشعب،وتؤكد مراجع الفكر السياسي التي حددت صفات الزعامة السياسية اللازمة بقدرتها على اتخاذ القرار مصيري مثل إنقاذ الوطن، في ظل هذا الواقع الحزين، فهل تستطيع زعامة العراق أن تتخذ قرارا ينقذ البلد من مصير مجهول. إذ علينا اليوم أن نفكر بالكيفية بأن نأتي بزعيم وطني يمسك بزمام الأمور ويدير دفة هذه السفينة التي تلاطمها الأمواج من حدب وصوب، أن الجميع عليهم أن يدركوا أنها السفينة لو غرقت سنغرق كلنا معها، ليس هناك ناج منها.
أعود لمقدمة المقالة حينما ذكرنا الزعماء السابقون ، واسأل هل لدينا اليوم زعيم سيقود الكتل والقوائم التي تتنافس على مقاعد البرلمان ومنطلقين منه إلى كراسي السلطة والدولة والوزارة ، ربما قد افقد صوابي وحكمتي إزاء هذا الكم الهائل من المرشحين السابقين والجدد، كم واحد منهم يستند على عشيرته وأهله وطائفته قبل أن يستند على وطنيته وعراقيته ، لذلك لا اعتقد أن هناك معجزة ، بل ربما بالونات سوف تنفجر وتصدر أصوات هوائية كسابقتها .
لكن في الحقيقة قد أجد في حكمة زعيم تيار المواطن السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي أملا كونه سليل عائلته الكريمة زعيما محدثا باعتباره قائدا ومخططا لهذا الكيان السياسي العراقي ، ومن ثم ومواقفه الوطنية الأخيرة من أزمة الانبار ومبادرته قد تجعله رقما مهما في المعادلة الانتخابية ، في حين أجد أن عودة الزعيم إياد علاوي رئيس القائمة الوطنية قد بدا يتجدد في حضوره خاصة إذا ما انظم إليه رجل الأعمال العراقي الشيخ خميس الخنجر الذي بدوره الداعم الأساسي لقائمة ( كرامة ) حيث أن خميس الخنجر وأياد علاوي قد يشكلان تحالفاً وثقلا سياسياً يدخلان في الانتخابات البرلمانية المقبلة” سيما وانه سابقا قد سعى لولادة القائمة العراقية بقيادة علاوي التي كانت بمبادرة منه وبمباركته ودعمه وهو من وحد أفكاره الفرقاء.إما القوائم الأخرى الرئيسية منها فقد جربت سنوات وسنوات فكان من سماتها الفشل والعجز والانهيار .
أخيرا لا أريد أن أجزء أو انظر لكن هو ذلك واقع الحال.