-1-
الأنوية داء عضال ، لاتُطيقهُ الجبال …، فكيف بالانسان الرقيق ، صاحب الاحساس العميق ..؟!
اسمع ما قاله (ابن سناء الملك) :
سوايَ يهابُ الموتَ أو يرهبُ الردى
وغيريَ يَهوى أنْ يعيش مُخلَّدا
ولكنني لاأرهبُ الموتَ إنْ سطا
ولا أحذرُ الموتَ الزؤامَ اذا عدا
تَوَقُدُ عزمي يَتْرُكُ الماءَ جمرةً
وحِليةُ حِلمْي تَتْرُكُ السيفَ مبردا
وهكذا يُجمّعُ المزايا الفريدة ، والصفات العتيدة لنفسه ، دون غيره من الناس ..!!
ومن طبيعةِ البشر ، أنهم ينفرون ممن يتحدث عن نفسه كثيراً ، ولا يتورع عن المبالغات المنكرة ، والادعاءات العريضة، دون ان يكون له منها نصيبٌ حقيقيّ ..!!
ومعنى ذلك :
ان الانانيين يتدحرجون الى السفوح بَيْنَما كانوا يحاولون احتلال القمم العالية..!!
انهم كذلك الولد العاق، الذي يقتل أباه ليرثه،فَيُحرمُ من الميراث لأنه (استعجل شيئا قبل أوانِهِ، فعوقب بِحرمانِهِ ) .
وعلى نقيض ذلك :
تجد العباقرة والأفذاذ، ممن يأنف أنْ يتحدث عن نفسه ، ويترك لأعماله وآثاره ان تتحدث عنه ..!!
انهم لايحتاجون الى مكابدةٍ وعناء ، ولا يحتاجون الاكاذيب ،واصطناع الأعاجيب ..، لايصالك الى ماانطوت عليه نفوسهم الكبيرة من سمات وصفاتٍ، تنتزعها بنفسك من أعمالهم وآثارهم …
والبون بين الفريقين بعيدٌ بُعْدَ المشرقين ..!!
-2-
وجريا على طريقة (ابن سناء الملك) الذي يحوّل عزمُهُ المتَقِدُّ الماء ناراً..!!
يسير معظم اليساسيين المحترفين ، في أحاديثهم عن ذواتهم وانجازاتهم ، وقدراتهم ومواهبهم …، مع ان المحسوس والملموس منهم، لايشهد لهم بصدق ما يقولون ، وهم – للاسف الشديد – بارعون في (الأقوال) ، وليسوا بارعين في (الافعال) …
-3-
اننا ننصحُ مَنْ ركب موجة الادعاءات الزائفة ، ان يؤوب الى رُشْدِهِ ، وان يلتزم الصدق، ويعانق الحقيقة …
انه يمكن ان يكون كبيراً في أعين الناس، متى ما اعترف بأخطائِهِ، ومتى ما
بادر الى الاعتذار منها …
أما الإصرار على (استحمار) الناس، فهو مسلك مذموم مشؤوم ، لايزيده من الله إلاّ بُعداً ومن الناس إلاّ بغضاً ونَقْدَاً …!!!
-4-
ولا ندري بماذا نَصِفُ ما يجري داخل الأروقة والدهاليز السياسية من معارك خفيّة على (رئاسة) هذه القائمة أو تلك …..
لو كانت الغاية هي الخدمة الوطنية الخالصة، والعمل الحثيث لرفعّة الوطن فليكن غَيْرُكَ رئيساً ، وطِبْ بذلك نفساً، لأن المهم هو الوصول الى الهدف وليس ان تعلو الناس بالرأس والرقبة ..!!
إنّ الأنبياء (ع) لو بُعثوا جميعاً لما اختلفوا ، لأنهم بعيدون عن الذاتية والمصالح الشخصية، وهذا هو الفرق بين الربانيين والدنيويين الذاتيين
-5-
وانطلقت السمفونيات الممجوجة :
نحن الذين سنكتسح الآخرين ..!!
الساحة لنا ، والجماهير معنا ، وعلى رؤوس غيرنا التراب ..!!
وكلُّ هذا من قبيح الأقوال …
انّ صناديق الاقتراع، هي التي تُحدّد الذين اختارتهم الجماهير ،عن معرفة ودراية، أو عن وقوعٍ في أفخاخ الدعاية …
-6-
ان الإغراق في الذاتية والفئوية، هو الذي أوصل (العراق الجديد) الى ما
وصل اليه، من أزمات واحتقانات ومفارقات، لاتنسجم على الاطلاق مع تاريخه الحضاري، وابداعاته واشراقاته، في ميادين العلم والأدب والسياسة والثقافة والفنون، ناهيك عن ملاحم السمو الأخلاقي والتألق الروحي .
[email protected]