استهداف الرادارات رسائل صامتة للقيادة العراقية

استهداف الرادارات رسائل صامتة للقيادة العراقية

في ليلة مشحونة بالصمت والقلق وعلى وقع تصاعد التوتر الإقليمي استُهدف رادار تابع لمعسكر التاجي شمال بغداد والآخر في قاعدة الإمام علي بطائرة مسيّرة مجهولة الهوية العملية لم تسفر عن خسائر بشرية لكنها تركت أثراً استراتيجياً بالغ الأهمية لا يمكن تجاهله فاستهداف الرادار لا يعني مجرد ضربة محدودة بل هو مؤشر واضح على أن العراق دخل دائرة جديدة من الاستهدافات المحسوبة والمدروسة
لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن العملية كالعادة لكن الصمت في مثل هذه الحالات أبلغ من البيان فقد اختير الهدف بعناية رادار عسكري يمثل عصب المراقبة والسيطرة الجوية والوسيلة كانت طائرة مسيرة قادرة على التسلل والتنفيذ بلا أثر مما يرجح أنها ليست عملية عشوائية بل جزء من مخطط استخباراتي مركب إننا أمام رسالة ذات طابع خاص ومضمون مباشر إلى القيادة العراقية فحين يتم قصف عين العراق الإلكترونية دون أن تتفاعل منظومات الدفاع أو يتم رصد الاختراق فهذا يعني أن هناك من يملك زمام المبادرة ويستطيع أن ينفذ متى شاء وأينما أراد
التحليل المبدئي لهذه الضربة يشير إلى احتمالين رئيسيين الأول أن الرادارات العراقية كانت تقدم معلومات أو دعم استخباري للجانب الإيراني في ظل التصعيد الأخير وهو ما استفز الجانب الإسرائيلي فقام بضربة محسوبة لتجريد العراق من القدرة على مراقبة المجال الجوي أو اعتراض التحركات الميدانية وهو أسلوب استخدمته إسرائيل سابقا في سوريا ولبنان وحتى غزة لضمان تفوقها المعلوماتي أما الاحتمال الثاني وهو الأخطر فيتمثل في أن إسرائيل ربما بدأت فعليا بتوسيع نطاق عملياتها ليشمل العمق العراقي بعد أن ضمنت أن البيئة السياسية والأمنية تسمح لها بذلك ويبدو أن الضربة على رادار التاجي وقاعدة الإمام علي ليست سوى أول خطوة تمهيدية لما هو قادم حيث أن تعطيل وسائل الرصد يمثل قاعدة أساسية قبل تنفيذ أي عمليات جوية أو ضربات دقيقة لمواقع محددة داخل بغداد وربما مناطق أخرى ما يثير القلق حقاً هو فرضية أن الطائرة التي نفذت الهجوم انطلقت من داخل الأراضي العراقية إما من قواعد عسكرية أجنبية أو عبر فاعلين محليين يقدمون الدعم اللوجستي والتقني لأجهزة استخبارات خارجية هذا الاحتمال يفتح باب الأسئلة حول مدى اختراق السيادة العراقية ومدى تماسك المنظومة الأمنية والاستخباراتية إن قصف رادار التاجي وقاعدة الإمام علي وإن بدا حادثا محدودا في الظاهر إلا أنه يحمل في طياته رسائل استراتيجية مركبة أهمها أن العراق لم يعد فقط ساحة صراع بين قوى داخلية بل تحول فعلياً إلى ساحة اشتباك بين قوى إقليمية ودولية وأن تلك القوى بدأت تفرض معادلاتها على الأرض دون أن تنتظر إذن أحد وعليه فإن المطلوب من القيادة العراقية اليوم ليس فقط إصدار بيانات تنديد بل التعامل مع الحادث كإنذار مبكر لما هو أخطر المطلوب هو تحرك استخباراتي شامل لتحديد مصدر المسيّرة ونوعها ونقطة انطلاقها وأغراض الجهة المنفذة لأن تكرار هذا النوع من الضربات سيؤدي حتما إلى شلل في البنية الدفاعية وسيفتح المجال الجوي العراقي أمام أطراف لا تؤمن بسيادة العراق ولا باستقلال قراره إن السكوت على هذه الضربات أو التقليل من شأنها يعني القبول الضمني بفقدان العراق لمفاتيح سيادته الجوية في زمن تتحدث فيه الدول عن أمن سيبراني وفضائي بينما لا تزال راداراتنا تُضرب ونحن نبحث عن بيان توضيحي ما جرى في التاجي وقاعدة الإمام علي ليس مجرد قصف إنه بداية مرحلة جديدة تحتاج إلى وعي سياسي وأمني مختلف لا يمكن أن نواجه تحديات غير تقليدية بعقلية ما قبل الأزمات إخواني الأعزاء في الجيش العراقي هذا جرس إنذار حقيقي قد طُرق بقوة. نحن اليوم ضمن حسابات إسرائيلية مؤجلة ويبدو أن لحظة التفعيل قد بدأت.استعدوا… ثم استعدوا. بداية لمرحلة جديدة من العدوان على العراق وستكون مفصليه ومهمة بتاريخ العراق

أحدث المقالات

أحدث المقالات