23 ديسمبر، 2024 7:11 ص

استقلالية الدول ومعايير الامم المتحدة

استقلالية الدول ومعايير الامم المتحدة

يعتبر القانون الدولي استقلال الدولة واحداً من الشروط الضرورية للاعتراف بشرعيتها، بل هو شرط في تعريف الدولة، وبأنها «وحدة قانونية دائمة تتضمن وجود هيئة إجتماعية لها حق ممارسة سلطة قانونية معينة على أمة مستقرة فوق إقليم محدد». وتباشر الدولة حقوق السيادة بإرادتها المنفردة، وعن طريق استخدام القوة المادية التي تحتكرها. وثمة تعريف آخر يعتبر الدولة «مجموعة كبيرة من الناس تقطن بشكل دائم في إقليمًا معينًا ومساحة معينة ، وتتمتع بالشخصية المعنوية والنظام الخاص بها ، واستقلال أي دولة يقتضي تحررها من كل أشكال الضغط والإكراه والتحكم الداخلي والخارجي، وهذا التحرر يستلزم امتلاك الدولة عنصر القوة الكافية لفرض سلطتها وتنفيذ قراراتها ومواقفها بثبات واعتزاز”و الدولة ليست وحدها في الأرض فهي مرتبطة بشكل أو بآخر مع دول أخرى من حيث الجيرة والدين واللغة والتاريخ والعلاقات والروابط المشتركة السياسية والاقتصادية لاسيما الكبرى فيما بينها مع الدول الاقل مساحة وعدداً بالأخص إذا كانت غنية و لديها موارد إستراتيجية .

المجال السياسي الدولي وإن كان يقوم على التعايش والتعاون والتشارك في مصالح معينة، فإنه يقوم أيضًا على التنافس والصراع والاختلاف والتفاوت في المصالح وموازين القوى، وهذا يتطلّب من كل دولة امتلاك القوة اللازمة والمناسبة لممارسة الاستقلال الفعلي دون خضوع .

لكن مع الاسف ان الكثير من القوانين الدولية وبخاصة الإقتصادية منها باتت تخدم مصالح الكبار وتتعارض مع مصالح الدول الصغيرة والشعوب الفقيرة وتتنافى مع امكاناتها الإقتصادية وتهددها بالضياع أو التبعية. كما يمكن اعتبار تدخّل الدول الغربية أو الدول الإقليمية المتجاورة في دعم حركات المعارضة وحركات الانفصال والطوائف والإثنيات في بعض الدول لخلق حالة عدم الاستقرار وهو اسلوب للهيمنة على تلك الدول لارضاخها بالامر الواقع في الكثيرمن الاحيان ومع الاسف فقد فرضت القوة للتدخل في الكثير من العلاقات الدولية سواء كانت بالحروب اوالمنافسات بحيث نجد أن القوة هنا تتدخل بمعناها العسكري وفي التعاون يدخل التهديد بالقوة لقمع أحد الأطراف كما أن القوة في السياسة الدولية اصبحت شائعة مما يجعلنا ان نسميها بسياسة القوة المفرطة للوصول للاهداف دون النظر الى انعكاساتها المادية ونتائجها المعنوية والتي أخذت تظهر بعد الحرب العالمية الثانية وبخاصة في فترة الحرب الباردة “و هومصطلح يستخدم لوصف حالة الصراع والتوتر والتنافس التي كانت توجد بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وحلفائهم من الفترة في منتصف الاربعينيات حتى أوائل التسعينيات بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ” التي أدت إلى تشكيل المنظمات الجماعية المختلفة بهدف تنظيم ظاهرة القوة وأن مجالات تنظيم هذه الظاهرة قد تنوعت فظهرت بذلك المنظمات العسكرية والسياسية والاقتصادية.

من الامور المهمة لكي تسمى الدول مستقلة وذات سيادة هو استقلالها فعليًا وقانونيًا في ممارسة قرارها الداخلي وسكانها يعيشون ضمن أراضيها، أو جزء منها، ويمارسون حقوقهم بإدارة دولتهم بأنفسهم، و ان تتحد وتكون صفا واحدا بكافة أطيافها ، ومكوناتها ، وان تعيش روح اليد الواحدة شعارا وتطبيقا .وان تجعل المصالح العامة اولى من المصالح الخاصة ، ولا تتكل على الغيرفي ادارة بلدها إلأ عند الضرورة القصوى إن الحل الأمثل والأكثر نجاعاً لحل قضايا عالمنا المعاصر، لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التعاون الجاد والصادق بين الدول الرائدة، من أجل مواجهة التحديات المشتركة، ولا بد أن يأخذ هذا التعاون بعين الاعتبار طيف الألوان المتعدد في عالمنا الحديث بتنوعه الحضاري والثقافي، وإن يعكس مصالح جميع المكونات الرئيسة في المجتمع الدولي. فقد ثبت وبالتجربة أنه عندما يتم تطبيق هذه المبادئ تتحقق نتائج ملموسة وأيجاد منظومة دبلوماسية مهنية، تلعب دوراً متميزاً في تجسّيرعلاقات متميّزة وكذلك، في ردم الهوّة بينها ومحيطة الأقليمي، والدولي

لتعمل على حماية حدودها الدولية لها مع جيرانها وان تبذل الجهود في حفظ حدودها الجغرافية أو السياسية أو الإيديولوجية أو الثقافية أو الإقتصادي التي يبنى عليها كيان الدولة القوية، والتي تنطلق، بأبنائها، لبناء مستقبل زاهر يسوده الأمن والأمان بعيداً عن تأثير أي دولة أخرى أو توجيهها وعليها ان تمنع من استغلال اراضيها من قبل دولى اخرى للاعتداء على جيرانها بذرائع كاذبة، وتعريف العدوان هو ” قيام دولة ما في وضع يتيح لها التحكم بفعل العمل السياسي أو العسكري على دولة اخرى أو توجيهه بتخطيط أو إعداد أو شن أو تنفيذ عمل عدواني من شأنه، مما يستوجب الالتزام بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2734 (الدورة 25) المؤرخ في 16 كانون الأول (ديسمبر) 1970، الذي طلب من جميع الدول ” أن تلتزم بدقة في علاقاتها الدولية بمقاصد الميثاق وأهدافه، بما فيها مبدأ امتناع الدول في علاقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي نحو آخر يتنافى ومقاصد الأمم المتحدة؛ ومبدأ فض الدول لمنازعاتها الدولية بالوسائل السلمية على وجه آخر لكي لا يعرض السلم والأمن الدوليين ولا العدل للخطر؛ ويطلب بعدم التدخل في الشؤون التي تكون من صميم الولاية القومية لدولة ما، وفقاً للميثاق؛ وواجب الدول في التعاون بعضها مع بعض وفقاً للميثاق؛ ومبدأ تساوي الشعوب في الحقوق وحقها في تقرير مصيرها بنفسها؛ ومبدأ المساواة المطلقة بين الدول في ممارسة سيادتها وفي سلامة الدفاع عن ترابها الوطني والتصرف بحرية في ثرواته وموارده الطبيعية دون الإخلال بأية التزامات ناشئة عن التعاون ومبدأ تنفيذ الدول للالتزامات التي تضطلع بها طبقاً للمواثيق الاممية و تنفيذاً يحدوه حسن النية”؛

بحكم خصائص العدوان وخطورته ووسعت نطاقه، “فأي عدوان دولي يعد انتهاك واضحا لميثاق الأمم المتحدة“وهو سلوك يستنكره الضمير العام ويشجبه التاريخ وكل المذاهب والديانات، و لا يمكن اعتبار مثل هذا العدوان عملًا يتوافق مع السلمية التي ينشدها عالم الحرية والامن اليوم و في اتخاذ القرارات الدولية الحرة على الصعيد الخارجي وعلى صعيد العلاقات الدولية ، ويجب رفضها من دون قيد أو شرط أو إكراه أو ضغط ما خلا الالتزامات التي يقرها القانون الدولي وتؤكد عليها المعاهدات الدولية الثنائية والإقليمية في نطاق التعاون والاحترام المتبادل، وحق الدول في التمثيل الدبلوماسي، باختيار عناصرملمة و كفوءة لهذه المسؤولية تقوم بمهامها في عضوية المنظمات الدولية المناسبة، ومن ثم شجب بحزم جميع أشكال الظلم والطغيان والتمييز حيثما وجدت، ولا سيما العنصرية والتمييز العنصري على اساس الدين والقومية والمذهب والجنس او اللغة وكل محاولة تستهدف التقويض الجزئي أو الكلي للوحدة القومية والسلامة الإقليمية لبلد ما تكون متنافية لمقاصها ، وادراك ضرورة إيجاد ظروف تتيح الاستقرار والرفاه وإقامة علاقات سلمية وودية على أساس احترام مبادئ تساوي جميع الشعوب في الحقوق وحقها في تقرير مصيرها، علي أساس المساواة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لجميع الدول، واحترام والمراعاة في شرعية كفاح الشعوب المضطهدة من أجل الاعتراف بحقوق الإنسان المملوكة لها وبحرياتها الأساسية من أجل تقرير مصيرها بنفسها؛