18 ديسمبر، 2024 11:29 م

استقطاب فكري واستحقاق تاريخي

استقطاب فكري واستحقاق تاريخي

( كتاب مذكراتي)
اذا كان الكاتب الفلسطيني الأمريكي ادوارد سعيد الف كتابا حول سيرته الذاتية اسمه خارج المكان فإن مذكراتي الناءب الدكتور خلف عبدالصمد يمكن تصنيفها بأنها مذكرات داخل المكان وداخل الذاكرة الانسانية….
للامانة ومن خلال متابعتي الصحفية قرأت الكثير من كتب السير الذاتية من قبيل مذكرات إدوارد سعيد ،عمرو موسى(كتابية )؛ احمد بن عبدالله (الموت لا الدنا)؛نجيب الريحاني(المذكرات المجهولة) ؛ سميح مسعود( حصاد السنين) ؛ محمد السلماوي (يوما أو بعض يوم) ، و و و… الا أنها
لم تكن بمستوى المنهج السردي التوثيقي الممتع الذي اتحفنا به الدكتور خلف عبدالصمد…
(مذكراتي) لم تكن مجرد كتابة ذاتية لمجرد التاطير الشخصي أو الذاتي بل هي محطات خارج نطاق الأنا تزود مسيرة الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية بافاق رافدة وفضاء فكري تاريخي يسلح المستقبل ببوصلة التبصر للاسترشاد والتطور والانتصار .
الكتاب برأيي وثاءقي بامتياز يقترب في سياقاته من المدونات الشخصية اليومية التي تراقب وتقتنص وتقتبس اللحظات المميزة والمعبرة التي لها علاقة بالدلالة وبالتوظيف الهدفي المؤثر والفاعل في شؤون الحياة وفي تاريخ البلد..
لقد وظف الكاتب ادوات برمجية مهنية لإدارة السرد بمنهجية استقصاءية متلازمة مع عناصر التحليل والتوصيف والاستنتاج عبر نوافذ الحدث المشرعة ، ومعطيات الوقاءع المتجاذبة .
أن عناصر التشخيص في كتاب مذكراتي هي مهمة في رفد التاريخ بمعطيات حسية نابضة تتعاطى مع الجوانب الانسانية ، وتثري تجارب الامم بما يحقق لها العزة والرفعة والكرامة.
كما ان الكتاب يتلمس مسارات الحدث ليترك انطباعا سيكولوجيا على نفس القاريء والمتلقي بما يؤدي إلى إنضاج الهدفية المقنعة والمؤثرة ..
والكتاب باختصار شديد هو تجربة رائدة متلفعة بنسيج سردي سلس وبخبرة حركية لشخصية ناظمة متالقة اصيلة مشبعة بالانسانية ،منسجمة مع هويتها واطارها العقاءدي …
كما أنه محاولة إضافية لاستقطاب تظهيري لتاريخ البصرة ولمجتمعها الجميل الحالم على ضفاف شط العرب وعن اصالة طيفها الشعبي المتضامن مع التاصيل والمتناقض مع التشرذم والمتصادم مع العنف الحزبي الذي انتجه النظام الصدامي الباءد ..
وبالمحصلة الكتاب اطلالة عبقرية لرصد المتاهات التاريخية التي مر بها الوطن ورصد الكاءنات الوحشية التي قيدته في آلة الرجوع الزمني لتستبد به ولتقتل روحه وتلهو بحضارته…
من الواضح أن تكون مذكراتي مذكرات تاريخية، خاصة وان الأحداث التي سجلها الكاتب هي في عمق الوضع العراقي وفي احلك مراحل سيره السياسي آنذاك وخصوصا في المرحلة العفلقية البعثية، فهي اقتناص لاحداث ولحظات قد تكون خيالية بنظر البعيدين عن واقع تلك المرحلة الا أنها تعتبر قطرة في محيط تلك العبثية التي حكمت الوضع العراقي آنذاك ،فجاءت المسكرات على شكل أحداث ولحظات فارقة في تاريخ الوطن، ويمكن أن تكون هذه المذكرات حاملة للعديد من الأحداث والكواليس لأحداث معينة، وبالتالي فإن الاعتماد عليها كمرجع من المراجع التاريخية يعتبر من الأمور الضرورية والمهمة للغاية.
هذه الديباجة هي جواز مرور إلى قراءات قادمة باذن الله للاستنارة بالتراكمية الفكرية الوثاءقية التاريخية والسياسية لهذا السفر الجامع والمانع …