العالم اليوم تقريبا مائتي دولة واغلبها تعيش حالة الفوضى وعدم الاستقرار سواء كان من الجانب السياسي او الجانب الأمني أو الاقتصادي والجانبان الأمني والاقتصادي مرتبطان بالجانب السياسي الذي يتحكم بهما فتجد الجانبان متذبذبان في مد وجزر حسب الوضع السياسي .
ولو تمعنا جيدا نجد أن السبب الذي يجعل العالم في حالة الفوضى هو مجلس الأمن الدولي أو الدول الخمس الدائمة العضوية التي تتحكم بمصير الدول أو مصير الشعوب التي تدفع ثمن تحكم الدول العظمى او ما يسمى السلطة الاعلى في العالم التي تتلاعب بمصير الشعوب ، فتجد شعوبا تتقاتل فيما بينها وتجد شعوبا تكون حطبا لنار الحروب ، وتجد شعوبا تموت من الجوع وهناك شعوبا تعيش تحت خط الفقر رغم امتلاك بلدانهم للثروات التي تجعلهم يعيشون في النعيم .
الدول الخمس تتبجح بأنها تحافظ على أمن الدول بما يسمى بمجلس الأمن الدولي وهي سبب فقدان العالم للأمن الذي يعتبر أساس الحياة وحق كل إنسان ، فترى الأمن والسلام مفقودا في كثير من الدول ويتركز هذا الفقدان في القارتين آسيا وأفريقيا ، ويمكن ان نجد فوضى سياسية واقتصادية في دولة او دولتين في قارة أمريكا أيضا ومثلها في أوروبا لكنها لم تصل إلى ما تصل إليه الدول في آسيا وأفريقيا .
ان سبب فشل مجلس الأمن يكمن في دولتين وهما أمريكا وبريطانيا اللتان لهما اليد الطولى في الفوضى التي يعاني منها العالم لأنهما حليفين استراتيجيين ، مما يجعلهما قوة عظمى تفوق قوة الدول الثلاث في المجلس فتتخذان القرارات الخطيرة التي دائما تكون وصمة في عار في جبين مجلس الأمن والأمم المتحدة .
ولو تمعنا جيدا بالنظر الى الدول التي تخالف أمريكا او التي تعاديها نجدها تعيش عدم الاستقرار السياسي الذي ينعكس على الوضع الامني او الاقتصادي ، وهناك دول تعيش عدم الاستقرار الأمني والاقتصادي لوجود الإمكانية الأمريكية في هذه الدول تجعلها تفقد أمنها الداخلي وأحيانا تجدها مهددة خارجيا ومنها تدخل في حروب تأكل الأخضر واليابس مثلما حدث مع إيران التي فرضت عليها حرب امتدت لثمان سنوات وظلت تعاني الحصار الاقتصادي والتجاري ليومنا هذا وبقيت آثار الحرب الى يومنا يعاني منها الشعبين العراقي والإيراني ، والعراق ايضا عانى الكثير بعد انهيار العلاقات بين امريكا وعميلهم صدام وكان الضحية الشعب العراقي الذي عانى الجوع والحرمان بسبب الحصار الذي فرض على العراق ، وأيضا فنزويلا التي تعاني سياسيا لاختلافها مع أمريكا فتجد اقتصادها هشا ، ناهيك عن دعم مافيات وعصابات في بعض الدول لتهديد أمنها ، وها نحن نرى الشعب اليمني يقتل بقصف طائرات التحالف الذي تقوده المملكة السعودية الذي يعتبر تدخل سافر في الشأن الداخلي اليمني ، وقصف الطائرات خلف مجازر كثيرة والضحايا اطفال ونساء وشيوخ ، كما ان قمع ثورة فبراير الشعبية في البحرين المطالبة بالحرية والمساواة ، ودعم النظام الديكتاتوري من قبل امريكا دليل واضع على غطرسة واجرام امريكا .
ووصلت غطرسة أمريكا الى تهديد دول عظمى عبر تدخلها في شؤونها الداخلية بل استطاعت تفكيك وتجزئة اكبر ند لها وهو الاتحاد السوفيتي وما دعمها لجورجيا واوكرانيا وتدخلها في شؤونها الداخلية ألا تدخلا سافرا لتقوية الخلافات بينها وبين الروس لجعلها موطأ قدم يهدد روسيا ، وأيضا نجد تدخل أمريكا واضحا عندما تحاول دائما توسعة الخلاف بين الصين وتايوان لأشغال الصين بها وتهديدها عبر بوابة تايوان ، ناهيك عن دعم الجماعات المسلحة في الدول التي سيطرت عليها وخير مثال العراق في قارة اسيا الذي سيبقى مهددا بالجماعات المسلحة وسيبقى شعبه يعيش الفوضى لانها زرعت قنابل موقوتة تحركها في الوقت الذي تريده فتارة تظهر جماعة في منطقة وتارة تخرج أخرى لدرجة يصعب على الاجهزة الأمنية مواجهتها ، ودليل اخر في افريقيا وهي الصومال التي سيطرت عليها امريكا وبقيت تعيش الفوضى بسبب المجاميع المسلحة ليومنا هذا ، ناهيك عن الوضع الذي عليه أفغانستان المهددة تعاني من فقدان الأمن .
أن عنجهية أمريكا لن تصل الى هذه الدرجة لو لا مساعدة ومساندة بريطانيا الدولة الدائمة العضوية أيضا فتجدهما متفقتان في شن الحروب وإصدار قرارات العقوبات ، وبريطانيا التي يطلق عليها الدولة التي لا تغيب عنها الشمس لكثرة الدول التي استعمرتها ، فهي لها اليد الطولى في التخطيط فهاتان الدولتان أساس دمار العالم ، اما الدول الدائمة العضوية الثلاث كل من فرنسا وروسيا والصين فأنهم دائما يكتفون بالتحفظ والتفرج على القرارات التي تتخذها أمريكا وبمساندة بريطانيا ، ولو قلب الوضع بمعنى امتلاك أي دولة اخرى من الدول الثلاث روسيا او الصين او فرنسا ما تملكه أمريكا لاختلفت الامور كثيرا وستوقف المغامرات والعنجهيات الامريكية .
ان الوضع الذي عليه مجلس الأمن الدولي هزيل وخطير لان القرار الذي يجب اتخاذه عبر التصويت بالأغلبية حسب قانون مجلس الامن بمعنى لا يصح اتخاذ أي قرار ما لم يصوت عليه ثلاث او أكثر بينما نجد القرارات التي اتخذت بصوتين فقط رغم رفض الثلاث أصوات التي تقابل الصوتين مما يفقد شرعية القرارات التي إُخذتها الدولتان في مجلس الأمن ، وللأسف فان الكثير من القرارات التي اتخذت خطيرة لأنها دمرت شعوب صارت حطبا لحروب خارجية وحروب أهلية بسبب عنجهية دولتان هما أمريكا وبريطانيا ، الدولتين أمريكا وبريطانيا اللتان تعتبران نفسيهما الشرطي الذي يتحكم بدول العالم كيفما يشاء ضاربا الشعوب وقوانين حقوق الإنسان بعرض الحائط .
كما ان الدول العشر الغير دائمة في مجلس الامن وتكون فترة عضوييتها لمدة سنتين ما هي الا لاضافة شرعنة بعض القرارات التي تتوافق مع مصالح امريكا وبريطانيا ، وكثيرا ما تكون الدول التي لها علاقة مع امريكا وبريطانيا تحصل على عضوية مجلس الامن الدولي ووجودهم وعدمه لا يقدم ولا يأُخر .
ان استقرار العالم لا يتم ألا بتغير الخارطة في مجلس الأمن الدولي خصوصا وأنهم ينادون دوما بالتغيير واعني الشعارات التي ترفعها الدولتان أمريكا وبريطانيا ، كما ان فشل الدول الثلاث روسيا وفرنسا والصين يستدعي التغيير لانهم لا يملكون اهلية المقاعد لسكوتهم وتفرجهم على المغامرات التي تدخلها الدولتان بدون ان تعير لهم اهمية ولا تحسب لهم حساب فالقرارات التي تريدها الدولتان تنفذ سواء كانت مرفوضة من قبل الدول الثلاث أو لا فعلى الدول التي تمتلك الأهلية تحشيد دول العالم للمطالبة بتغيير الدول الخمس الدائمة العضوية ووضع قانون يزيد من عدد الأعضاء ويحدد المدة التي يشغلها المجلس على أن لا تقل عن عشرة سنوات ولا تزيد عن خمسة عشر عاما ، وعند انتهاء المدة المحددة يتم اختيار مجلس دولي جديد ، ولو طبقت الفكرة ستمنع الدول التي تشغل المجلس من اعلانه الى يومنا هذا من ارتكاب حماقات تكلف الدول الكثير .
كل شيء تغير الا مجلس الأمن الدولي المتمثل بالدول الخمس لأنهم تسلطوا لعقود طويلة وتسلطهم جاء بفترة زمنية مظلمة كان العالم فيها مشتتا ويعاني من آثار الحرب العالمية الثانية ولا يمكن لدولة الاعتراض على هذه الدول التي تسمى الدول الدائمة العضوية ، بقاء الحال كما هو عليه يعتبر ظلم لدول العالم وتعتبر ديكتاتورية عالمية ولا يرجى من أي ديكتاتورية خيرا صغيرة كانت الديكتاتورية ام كبيرة فكيف بديكتاتورية تسلطت على العالم وعمرها يقارب السبعة عقود ، ان تغيير مجلس الامن يعني إسقاط ديكتاتورية عالمية دمرت العالم ، واستقرار العالم بإسقاط الديكتاتورية المتمثلة بالدول الخمس دائمة العضوية ولا يمكن للعالم ان يستقر الا بالتغيير .