17 نوفمبر، 2024 3:19 م
Search
Close this search box.

استقراء في أداء الجيش الروسي في المعركة

استقراء في أداء الجيش الروسي في المعركة

قد تقتضي المقتضيات بالإقرار ” ولو ضمن المفهوم النسبي ” بأنّ عموم الرأي العام العالمي والى حدٍ ما في الداخل الروسي , لم يكن يتصوّر او يدور في خلدهِ بأنّ المستوى القتالي للقوات الروسية في الجبهة الأوكرانية سيغدو بهذه الدرجة شبه المتدنّية او البطيئة والثقيلة الخطى ونحوها , من خلال إطالة أمد المعركة وعدم حسمها منذ انطلاقها في 14شباط \ فبراير من السنة الماضية , وافتقاد الأفق الإفتراضي بنصرٍ حاسم في المدى المنظور .

كانت النظرة العالمية الى القوة العسكرية الروسية ” كدولة عظمى ” قد بقيت مترسّخة في الرؤى والأذهان منذ وجود الإتحاد السوفيتي السابق وإبراز الجيش الأحمر آنذاك .. وكلّ ذلك وسواه دونما استثناءٍ لإدراكٍ دقيقٍ ومفترض لمديات تسليح القوات الأوكرانية من قبل نشوب المعركة , والتي كان من المفترض عدم مقارنتها بالتسليح الروسي وتقنياته واحجامه , بالإضافة الى ما يتمتع به الجيش الأوكراني من الضبط العسكري ودقة نظام ” القيادة والسيطرة ” لديهم , بجانب ادراك هيئة الأركان الأوكرانية لمدى الخسائر العسكرية والأقتصادية التي حلّت ببلادهم .

لكنّه وفي إقرارٍ آخرٍ , فيُثَمّنْ تحمل واستيعاب موسكو لحجم وسعة كميات الأسلحة البالغة التقنية التي ترسلها الولايات المتحدة ودول الأتحاد الأوربي او حلف الأطلسي , لإنزال اكبر الخسائر في صفوف القوات الروسية والتي تتجنّب مدياتها الى حدٍ ما , وتتجنّب الألتحام المباشر ” في العموم وفي استثناءات خاصة ” مع القوات الأوكرانية تجنّباً لتأثيرات تلكم الأسلحة الغربية والتي آخذة في الإزدياد والتكاثر النوعي والكمي .!

تنبغي الإشارة هنا الى ما يُعلن عنه في الإعلام عن ارسال بريطانيا 14 دبابة طراز تشالنجر2 , وارسال المانيا لِ 50 دبابة من نوع غيبارد المحمّلة بأسلحة مضادة للجو , ومدرعات فرنسية خفيفة الى اوكرانيا , فإنّها أرقام غير حقيقية ومضلّلة ” وفق ابسط الحسابات العسكرية ” وما يجري ارساله للأوكرانيين يمثّل اضعافاً مضاعفة لذلك .

   ثُمَّ , وبالعودةِ الى أداء القوات الروسية في المعركة , فلم ينجح جهاز الأستخبارات العسكرية الخارجية الروسي – GRU في التفوّق السيبراني إلاّ بنسبةٍ محدودةٍ للغاية في تعطيل المنظومات الأوكرانية ذات العلاقة , وبفضل تحصينات الخبراء الأمريكان , والى ذلك كذلك , فلم تتمكّن الأجهزة الروسية الخاصة من خلال الأقمار الصناعية والتصوير الجوي والإستطلاع – Reconnaissance , من كشف المواقع المُمَوهة للقيادات العسكرية والأمنية الأوكرانية , سواءً في العاصمة كييف او في المناطق والمدن الأكرانية الأخرى , وحتى على مستوى الكثير من القيادات الميدانية .!

   من احدى الزوايا ذات العلاقة , فمن الملاحظ أنّ رئيس هيئة الأركان الروسية الجنرال < فليري غيراسيموف – Valery Gerasimov > لم يجرِ تداول إسمه طوال مسيرة المعركة , لكنّ ما متداول من تصريحاتٍ كان وما فتئَ منسوباً الى وزير الدفاع ” سيرغي شويغو ” وهو بالأصل مهندس مدني ويتمتع بقدرات تقنية عالية قام بتوظيفها الى قدرات الجيش الروسي مما أهّلته لتولّي حقيبة الدفاع , وفي الأيام الأخيرة قرّر الرئيس بوتين أن يتولى رئيس الأركان مهمة قيادة القوات الروسية في الجبهة الأوكرانية , وهو ما يدلّ على توجّهٍ جديدٍ في آليّة وستراتيجية الحرب او المعركة استباقاً الى التصعيد الأمريكي – الغربي , الذي لابدّ أن يشهد من تحولاتٍ عسكريةٍ قد تشهد بعض عناصر المباغتة والمناورة وربما حتى بعمليات التفافٍ عسكريةٍ في الجانب الأفتراضي العسكري .

وإنّها لحقيقة واقعة بأنّ ديمومة الحرب بهذا المستوى في القصف المتبادل النوعي وغير المتكافئ بين الجيشين المتقابلين , والدعم الغربي المهوول , فلابدّ من تحركٍّ عسكريٍ روسيٍ حادّ , ليضعَ حداً يكسر هذا الجمود المتلكّأ عسكرياً بشكلٍ او بصورةٍ اخرى , علماً أنّ كلّ التقارير الصحفة والعسكرية الغربية تتحدث عن الهجوم المرتقب او المفترض على الأقل .!

أحدث المقالات