رفع علاوي وزير المالية، الذي يتحدّث كثيرون عن “خبرته الاقتصادية”، وثقته بنفسه، راية الاستسلام أخيراً أمام ما وصفها بـ”الشبكات السريّة والعلنيّة” التي تختطف الدولة العراقية، بحسب ما تشير كلماته التي أوردها في نص الاستقالة.
سبق لوزير المالية رفضه أن يُستضاف في البرلمان استجابة لطلب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وهو تصرف نادر أو فريد في بلد تخضع السلطة التنفيذية دائماً لشخصيات حزبية في البرلمان أو لشخصيات دينية وسياسية خارج دائرة المناصب الحكومية.
وعلل سبب استقالته إلى صعوبة استمرار الحكومة طويلًا وهي حكومة (تصريف أعمال) وعدم امتلاك صلاحيات كاملة لفعل كل شيء، واصفاً الأمر بأنه “محبط للغاية أن نكون في وضع نعرف ما يجب القيام به ولكننا غير قادرين على القيام بذلك بسبب محدودية الصلاحيات وغياب الشرعية البرلمانية”.
وأكد وجود خلافات في الرؤى وعدم رضاه على بعض القرارات الحكومية في الفترات السابقة، وبينما قدّر استجابة الكاظمي لمناقشة هذه التحفظات، إلا أنه وصفها بأنه “ليست تحفظات سطحية بل مبدأيه واضطررته لتقديم استقالته”.
وأكثر شيء أعجبني اعترافه الذي قال فيه “يجب أن اعترف أنني لم أتوقع التدهور المروع في معايير الحوكمة في بلدنا على مدى السنوات الخمسة عشرة الماضية”، وأن كل “شيء يتآمر لإحباط أي تغيير حقيقي وترسيخ استمرار الممارسات الفاسدة التي تدمر الأسس الاخلاقية والمالية للبلد”، وإن كل هذا محمي من الأحزاب والشخصيات المهمة بالعراق وبالخارج حيث أكد أنّ “هذه الشبكات محمية من قبل الأحزاب السياسية الكبرى والحصانة البرلمانية وتسليح القانون وحتى القوى الأجنبية”، وتحافظ على صمت المسؤولين الأمناء بالتهديد والقوة والخوف.
وأرادت الحكومة استغلال الاستقالة لصالحها بقول المتحدث باسم مجلس الوزراء حسن ناظم اليوم خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي الى إن “استقالة وزير المالية عبرت عن احترام كبير لإنجازات الحكومة”، مبيناً أن “نص استقالة الوزير صف إجراءات الحكومة وإنجازاتها بالاستثنائية كما بين أن الحكومة مُكبلة بالصراع المستشري بين القوى السياسية”.
واوضح أن الوزير علاوي قد أشار أيضا إلى “النمو السريع للاقتصاد في العراق وتضمن حديثاً عن وفاء الحكومة بالوعود التي أطلقتها للعراقيين”، وبدورنا كمواطنين نشكر الوزير والمتحدث الرسمي للوزارة على تنبيهنا أن هناك انجازات لحكومتنا الرشيدة، إن كانت هذه الانجازات غير ملموسة لنا كمواطنين قد تكون موجودة في مكان غير العراق أو في خيالهم الواسع.
والسؤال هل اكتشف بدايةً أم عند قيامه بمحاربة الفساد، أو كان مراقباً ليصل إلى هذه النتيجة ليبلغنا بها؟.
وهل قال علاوي ما لم يقل غيره، وهل جاء بجديد لم يعرفه أحد؟، بنظرة بسيطة على رسالة الاستقالة المطولة الذي قدمها وزير المالية إلى مجلس الوزراء، فهو يرى هناك فضيلة ولا فضيلة للحكومة ولا فضيلة للعملية السياسية، إنك تكلمت عن الفساد كما أتكلم أنا كمواطن وغيري من المواطنين، لا بل حتى السياسيين تكلموا بعمومية عن الفساد، لماذا لم يسمي السيد الوزير الأسماء بمسمياتها؟، لماذا لم يظهر وثائق تفضح الأحزاب ورجالات الدولة الفاسدين ومن ورائهم،
عندما قرأت رسالتك للوهلة الأولى كتبت على صفحتي الشخصية في الفيس بوك تأييداً لك، واعتبرت الاستقالة شجاعة وعندما قرأت بتمعن لا أرى شجاعة بل عكس ذلك، وأرى أبعد من ذلك قد تكون جزأ من خطة لتوليتك منصب رئاسة مجلس الوزراء، وما هذه الرسالة الا برنامج انشائي لحكومتك القادمة بعد أن تلمست أن هناك رفض لشخص الكاظمي وتحلم أن تكون الشخصية المقبولة في الفترة القادمة.