18 ديسمبر، 2024 10:59 م

استقالة عبد المهدي تُفاقم الازمة وعملية محسوبة

استقالة عبد المهدي تُفاقم الازمة وعملية محسوبة

إذا تعافى العراق تعافت المنطقة ، وهذه حقيقة لا يمكن انكارها وأعداءه يعملون على الضد من ذلك، لهذا تقع على كاهل دولها مسؤولية عموماً ان لا تتنكر في معرفتها بهذه الحقيقة ، إذ إن أمن العراق من أمنهم بشكل خاص، وأمن المنطقة والعالم بشكل عام. والنظام الرسمي العربي خصوصاً عليه مسؤولية تاريخية للمساهمة في حفظ امنه ويجب ان يعمل على مساعدته للخلاص من الازمة الحالية ولا يكتفي الجلوس على التل والسكوت والبخل حتى في اصدار بيان يساند شعبه من قبل الجامعة العربية على الرغم من كونه حبر على ورق و الحروب اذا تبدأ بشرارة صغيرة في النطاق المحلي، وما أن تطول نسبياً في الزمن، وهو أمر لا مفر منه، حتى تصبح دولية، أو على الأقل إقليمية وهي ازمة خطيرة تشعل المنطقة لو حدثت لا سامح الله ،

واستقالة رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي في ظل تفاقم الأزمة تخلق فراغاً دستورياً في البلاد ولا تساهم في تفكيك الازمة بل تزيدها التهاباً وعنفاً وتعقيداً و لا تساهم في تهدئة الاوضاع في البلد وإذا فشل البرلمان لمرتين في الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة، يمكن لرئيس الجمهورية أن يحل البرلمان ويدعو إلى انتخابات مبكرة. هذه الإجراءات الدستورية واضحة في حال استقالة رئيس الحكومة أو إقالته واعتقد و أظن أنها ستكون الهدف الاول للقوى السياسية لمدة ستة أشهر أو عام كأقصى حد تمهد لانتخابات مبكرة، و لكن الأزمة لن تنتهي إلا بتحقيق مطالب اكثرية الجماهير التي لا يزال الكثير منا يعتقد أن المطالب اقتصادية أكثر من كونها سياسية ومن يعتقد خلاف ذلك فهو متوهم .

وانا اعتقد لا يمكن الاتفاق على اي شخصية مستقلة إلأ من هو مستعد ان يُذبح في مسلخ مصالحهم . وبلا حياء بفسادهم و سرقتهم للأموال و جني الرواتب الضخمة وتعميق المحسوبية و المنسوبية معتبرينها حقّ طبيعي و حُصّتهم من المحاصصة العادلة بين قادة الأحزاب .. و على اكثرالمستويات والسلطة التنفيذية التي يشكل الفساد المتجذر فيها ابرز سماتها المعروفة والتي لا يمكن للعراق أن يخرج بنفسه من دائرة الفساد الذي ينخر مؤسساته في ظل استمرار هذه الأحزاب في قيادة البلد، وهو ما أدركته الحركة الاحتجاجية التي طالبت في بعض شعاراتها باسقاط الحكومة واجراء إصلاحات سياسية جذرية في بنية العملية السياسية القائمة منذ ستة عشر عاما.

رغم ذلك تقع المسؤولية على كاهل ابنائه الشرفاء لدرء الخطر عنه وإلأ كيف يا ترى يمكن قيادة دولة يتم تدميرها بطريقة فوضوية على مراحل عن طريق “مندسين في التظاهرات المحقة” و من قبل بعض الضعفاء و كيف يمكن تسهيل إعادة بنائها في ظل صراع الإرادات العنيفة هذه وحتى اللامسؤولة والضغوطات الهائلة داخليا وإقليميا ودوليا؟ كيف يمكن محاربة الفساد والمفسدين وتعديل الدستور وإصلاح مؤسسات الدولة والمسؤول يخاف على نفسه ؟ وكيف لرجل الامن ان يحافظ على الامن ولا يوجد بيده سلاح للدفاع عن المسؤولية المكلف بها ؟وكيف يمكن بناء اقتصاد مدمر وتقديم الخدمات لشعب يئن تحت ساطور واقع مرير ومخلفات حكومات متعاقبة بغيضة بكل ما تعنيه وما لهذه الكلمة من معنى وقبح؟ كيف يمكن ضمان أمن الناس وتخليص البلاد من الإرهاب والعصابات المنظمة ؟ومتى يتم تنفيذ سياسة اعطاء الكفاءات الكبيرة محلها في ادارة المؤسسات والتي بدونها لا يمكن التعجيل بإعادة تعمير البلاد ونهوضها؟ كيف يستطيع العراق مواجهة التحديات الإقليمية من كل جانب و من كل صوب وحدب طالما بقي السياسيون يتقاتلون فيما بينهم لتقسيم المنافع والحفاظ على الكراسي بطرق بشعة والاساليب الملتوية والضحك على الذقون .

إن الكتل السياسية الحالية ليس لديهم نية صحيحة لحل الواقع العراقي الجاري ولا يمكن العيش على امالهم وهم يتلاعبون بالعواطف و هناك بعض الكتل السياسية تعمل على خلق الأزمات اعتقادا منها بأنها تستطيع أن تحكم البلد بهذه الطريقة مدة اطول ،و عدم ايجاد حل للأزمة الحالية سوى الجلوس وطرح المشاكل بدون حلول للازمة وتبقى تراوح الامور في مكانها ، يعني أن البلد سيسير الى الهاوية ولا احد يعرف نهايتها من خلال ابعاد وواجهات متعددة شرسة وانفعالية في بعض مفاصلها انتقامية مصبوغة بدم الابرياء والمعوزين ،تدعو غالبية المواطنين ومعظم المراقبين للقلق والحذر والتوجس من انزلاق البلاد إلى منزلق خطير تجتمع في هذه الأوضاع المؤلمة .

أن ما يجري ذو خلفية سياسية اقليمية تحاول ابقاء البلد يراوح في محله ، يعني ثمة صراع مرير واضح للسيطرةعلى العراق تحركها ايادي استعمارية بطرق جديدة وعلنا يصعب التحكم بجميع حلقاتها مما يجعلها منفلتة و أحيانا يبدو وكأنها صراعات قد تجر الى الحرب الاهلية :التي تعني “النزاع الذي ينشأ بين أكثر من طرف داخل حدود أراضي الدولة نفسها، حيث تختلف أشكال هذه الحرب تبعاً لدوافعها”، بيد جماعات منفلتة يذهب ضحاياها البسطاء من المواطنيين، تقاد من قبل شياطين وليس من قبل سياسيين يخدموا ويُؤدوا واجبهم تجاه الوطن. أما من يقول: إن هذا الصراع ليس سياسيا على السلطة والمواقع فهو يخدع نفسه لا غيرلان الامور تحاكي الى ان هناك مخطط مرسوم يتم تنفيذه في الداخل بتوجهات خارجية وعلى مراحل و إلا كيف يمكن لهذه القوى أو تلك أن تنفذ برنامجه وسياسته بدون ان يكون من يقف ورائه ؟ والحال يتمثل في تناقض الطموحات والمساعي والرؤى السياسية لهذه القوى المتصارعة التي تجتر شعاراتها وأساليبها وأخطاءها بدون مراجعة للذات وللبرامج. ومن هنا لا بد وان نعلم بأن السياسيون العراقيون يخطئون حين يرفضون الاستجابة إلى صوت المحتجين. من خلال هذا البطء الغير المبرر في تشريع القوانين اللازمة في هذه المرحلة الصعبة فهم عن طريق ذلك البطء إنما ينتحرون ويخربون البلد. لان المحتجين السلميين ليسوا سياسيين ولا ينتمون إلى احزاب وليست لديهم منطلقات عقائدية ولا يتحركون وفق أجندات مسبقة. ما لديهم من الأسباب لا يمكن فهمه إلا من جهة الواقع الاجتماعي الذي يعيشونه. وهو واقع لن يغيره القتل. لن يكون القتل فيه إلا سببا مضافا للاحتجاج.

ومعظم المناكفات لا علاقة لها بمصالح البلاد العليا ولا بهيبة الدولة أو الحكومة الحالية او مجلس النواب التي لا تحتكم في قراراتها في مجملها للقانون والدستور و تلجأ إلى أساليب صراع مفتعل ومكشوف واللوم والاتهامات فيما بين والتسويف والمماطلة وبالتي لا نعرف من هو االفاسد ومن هو السالم و يجعلها في دوامة الاتهام بكونها تريد تهدئة الشارع بهذه الاساليب فقط ليس إلأ في ظل مجريات الأحداث التي تتطور بين يوم واخر و تجعل معظم الأطراف مدعاة للتندر و ما يغفل عنه المسؤولون أن الانتفاضة العراقية الحالية تعارض كافة شرائح النخبة العراقية الحاكمة والتدخل الخارجي وتطالب التعجيل والاسراع لانتخاب رئيس وزراء مؤقت واللجوء الى حكومة التكنوقراط او اقالة الحكومة واللجوء الى الانتخابات المبكرة لكن بعد اقرار قوانين الانتخابات والمفوضية.

وترفض التدخلات الاجنبية من جانب الولايات المتحدة الامريكية لانها هي قادرة على تغيير المسار . ولا يزال المواطن العراقي العادي يشعر بمزيد من الاستياء من استمرار الوجود الأميركي في البلاد وتدخله السافر في الشأن الدخلي في المطالبة بالاستجابة لمطالب المتظاهرين والتي ترفض هذه الجماهير مثل هذه التدخلات وهناك رفض ايضاً عام وسائد للتدخل من جانب تركيا التي قامت باحتضان مجموعة من المؤتمرات للعصابات الارهابية تحت مسميات “المعارضة” وتاسيس قاعدة عسكرية لها على التراب العراقي.