23 ديسمبر، 2024 9:37 ص

تقرير المصير وحلم الوطن الكوردي شعور وليس شعار ، تغذت عليه الأطفال ، وأُهِلت لاجله الكبار ، فكان مطلباً لا يخضع للنزاع ولا يقبل الاختلاف ، وان اختلفوا في من يحمل رايته ، لانه واقعاً سيجعله يرث الوطن الكوردي لسنين عديده ، ولكنه الهدف الاستراتيجي المرحلي ، فهو هدف توارثه الأبناء عن الآباء ووضعوه موضع التنفيذ ، وهو مرحلي لشد الانتباه عن الصراعات التي تعصف بالإقليم ، بسبب خزانته الفارغة ، وساسته المتناحرون ، ورئاسته المنتهية ، ومديونيته الكبيرة
الانسان عليه ان يختار بين واقعين ، اما ان يكون كما يريد ضاربا ً زمكانيته وظروفه عرض الحائط ، او ان يكون كما يستطيع لا كما يحلم ، والخيارات المصيرية التي تحمل امال الشعوب يجب ان تراعي الخيار الثاني اكثر من سابقه ، لان الشعوب حينما تنتكس نتيجة الخيبات فهنالك شيءٌ يموت بداخلها وان استمرت ! ، حينما طُرح مشروع الاستفتاء لقيام الدولة الكوردية كان مأزقاً لمسعود اكثر مما كان مهرباً ، فالمشاكل تلف بأستفتائه من كل الجهات ، واصبح بين مطرقة الشركاء وسندان جمهوره !
الدساتير هي الكتاب المقدس للحكومات ، وهي ما تحدد ما يجب وكيف ومتى ، والدساتير العالمية التي كتبت للشعوب التي لها ميول إستقلالية راعت هذا الجانب ، فكل دستور يحدد متى وكم مرة يكون هنالك استفتاء حول استقلال جماعة معينة ، كدستور المملكة المتحدة الذي أجاز ان يكون هنالك استفتاء كل سنتين خاص بالاسكتلنديين اذا ما قرروا الاستقلال عن المملكة ، وهنالك دساتير تمنح هذا الحق مرة واحدة ، كيلا تفتح المجال امام النزاعات التي تهدد الامن القومي لهشاشة المجتمع ، ومن أمثلة هذا النوع من الدساتير هو الدستور العراقي ، الذي سمح بأجراء الاستفتاء مرة واحدة في ٢٠٠٥ ، حينما صوتت الاغلبية الساحقة من المكون الكوردي بالإيجاب والبقاء مع العراق الموحد بأقليم خاص بهم ، واذا ما أراد مسعود استفتاءه فعليه ان يجمع الاصوات الكافية ليعدل الدستور اولاً ، وليس ان يقرر مصير إقليمه !
الاستفتاء ليس رغبات وأمنيات ، وانما حالة حساسة تحدد مصير الشعوب والاوطان ، ولهذا فهي يجب ان تنظم بقوانين خاصة بالاستفتاءات ، تحدد اليات الاستفتاء ومواعيده وشكله والاجهزة المشرفة عليه سواء كانت وطنية او دولية ، وهو ما لم يكن بحسبان البرزاني ، فليس هنالك قانون ينظم الاستفتاء ويحدد آلياته ، وهو ما يحدد ان اولويات الاقليم متداخلة ويعاني من تخبط غير مسبوق ، سيكون له عظيم الأثر في مواقف الشركاء ، وسيحول الكثير من الاصدقاء الى المعسكر الاخر الذي سيجعل منه تخبطه اكبر من يتساهل مع تطلعاته !
الدولة الكوردية سترسم حدودها بالدماء ، قالها مسعود وصدق وان كان يكذب ! ، فحدود الاقليم توسعت بأتجاه المناطق المجاورة بنسبة ١٠٠٪‏ عن حدود الاقليم لعام ٢٠٠٣ ، وهو ما لن يسمح به قاطنوا هذه الاراضي بعد ان تسلحوا ونظموا صفوفهم جراء حرب داعش ، والعشائر ومن خلفهم لن يتنازلوا عن شبر واحد من أراضيهم فكيف بعشرات الاميال ، وهو ما سيخلق بيئة عدائية تغذيها اطراف خارجية مجاورة رافضة للإقليم لما له من تهديد خطير لأمنها القومي ، لان الحمى ستنتشر وان كانت اجواء الحدود الباردة ، وهو باب لا يجرأ احدُ على فتحه ، لانه سيفتح أبواب جهنم حتى على من يعتقد انه بعيداٌ عن لهيبها ! .