ربما يستغرب البعض من اختيار هذا العنوان، لكن وقائع الأيام التي تلت 25/9/2017، تؤكد بان اغلب الأطراف ما زالت تتعامل مع ازمة العلاقات الدستورية بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بمعادلة الحلول العددية وليس الحلول الصفرية، والاختلاف واضح بين كلا النوعين ، فالحل الصفري يعني تصفير المشاكل في صفة واحدة فيما يطرح النموذج الاخر اكثر من سلة للحلول كل منها يحتوي على نماذج مختلفة يعصب التعاطي معها كاستراتيجيات مستقبلية، وتبقى مجرد توافقات مرحلية، هكذا كتب الدستور العراقي الدائم، وهكذا طلب من العراقيين التصويت عليه وهو لا تضمن القاعدة الأساسية لبناء الدولة وهي العقد الاجتماعي على أساس المواطنة، وتم تقديم (المكونات) على كلمة( شعب)، لينته المطاف بهذه المكونات الى (تنابز الألقاب)وتبادل الاتهامات ، التي تبدأ بانتهاك الدستور ولا تنته عند الخيانة الوطنية العظمى !!
وبذات الأسلوب تمت معالجة ازمة الانفصال الكردي ما بعد اعلان نتائج الاستفتاء،فالحلول المطروحة لا تقوم على (اعلان دستوري شامل) يضع حلولا لمعضلة نظام الحكم في العراق الجديد، تدعى اليه جميع الأطراف، ليحدد مفهوم الصلاحيات ما بين الإقليم والحكومة الاتحادية بمبادئ الوطن الواحد والعقد الاجتماعي للمواطنة الذي يقدم على الهويات الفرعية الأخرى، وهكذا أضحت الحلول التي تطرح اليوم مثل ذلك الذي يريد قتل الذبابة بالمدفعية الثقيلة ، فالاحزاب المتصدية اليوم للسلطة منذ عام 1992 في مؤتمر صلاح الدين وحتى اليوم لا تقدم حلولا عراقية لمشاكل وطنها بل تتعامل مع الحلول الإقليمية والدولية التي تمثل مصالح تلك القوى الأجنبية ، وليس مصلحة المواطن العراقي ، فقط لتنال الرضا والقبول عند تلك القوى .
وعليه فان أي حديث عن حلول عراقية لمشكلة استفتاء كردستان يمكن ان يبدأ أولا بالصمت الإعلامي لسياسي هذه الأحزاب ، فصخب التصعيد للاستهلاك المؤيد للحلول الإقليمية والدولية لن ينته الا بحرب اهلية متعددة الجوانب ، هناك عودة لحرب كردية – كردية على مناطق النفوذ لاسيما في كركوك ، وحرب عربية كردية على نقاط التماس في ما يعرف بالمناطق المتنازع عليها ، وحرب أخرى بالوكالة بين إسرائيل وايران ، بمباركة أمريكية لن يكون غير شيعة الجنوب لا سيما من المتطوعين في الحشد الشعبي وقودا لها ، وعلى ذات الخط ، ظهرت محاولات من قيادات سنية تسعى لاستغلال الفرصة لعل ابرزها رسالة طارق الهاشمي حول هذه الازمة .
كلما تقدم يؤكد للعراقيين، بعربهم وكردهم ، وجميع شرائحهم الاجتماعية ، ان ( مدفعية الحلول) التي تقصف نتائج الاستفتاء لن تكون بصالح أي طرف منهم ، الا انها تبقى حاجة سياسية ضرورية للشخصيات المتصدية للسلطة اليوم في جميع الأحزاب ، كل منهم يريد النفخ في نار هذه الفتنة بطريقته ، فهل من مدرك.. ولله في خلقه شؤون .