مجرد كلمة واحدة وردت في ايميل ادت الى حدوث خسائر مالية فادحة لشركة من الشركات المتعددة الجنسيات
كتبت هذه الرسالة باللغة الانجليزية وارسلها شخص لغته الام انجليزية الى زميل يتحدث اللغة الانجليزية كلغة ثانية .و لكون الزميل غير متأكد من معنى الكلمة بحث عنها الزميل في المعجم فوجد لها معنيان متناقضان وتصرف مستندا على المعنى الخطأ
وبعد مرور اشهر حققت الادارة العليا وبحثت عن سبب الخسائر التي بلغت مئات الالاف من الدولارات .
” ان السبب في كل هذه الخسائر هو تلك الكلمة” هذا ما قالته شيا سوان تشونغ مدربة مهارات الاتصال مابين الثقافات التي تتخذ من لندن مقرا لها والتي رفضت الافصاح عن الكلمة لانها ذات خصوصية صناعية عالية
وعند ما يحدث سوء فهم كهذا فتقع مسؤولية ذلك عادة على الشخص الذي لغته الانجليزية هي اللغة الام. وحسب ما قالته تشونغ ان اصحاب اللغة الام هم اسوء من الاشخاص الذين تكون لغتهم الانجليزية لغة ثانية او ثالثة
وتضيف تشونغ: تغمر السعادة الكثير ممن يتحدثون اللغة الانجليزية كلغة ام لان لغتهم اصبحت لغة عالمية تستعملها معظم شعوب الارض لذلك لا يشعرون بالحاجة الى تعلم لغة اخرى. وغالبا ما ترى ان قاعة الاجتماع في كل شركة مليئة بأشخاص يتواصلون باستخدام اللغة الانجليزية ويفهم بعضهم البعض ولكن حالما يدخل شخص انجليزي او امريكي الى القاعة ويشرعون بالحديث فلا احد يفهمهم
ومن الواضح ان متحدثي اللغة اغير الام يتحدثون بعناية وبقصد كأي متحدث يتكلم لغة ثانية او لغة ثالثة. اما متحدثو اللغة الانجليزية الام فيتكلمون مع الاخرين بسرعة يصعب معها على الاخرين فهمهم او متابعتهم ويطلقون النكات وكلمات في لهحتهم ويستخدمون مختصرات غير مفهومة مثل المختصر الانجليزي (أو أو أو) وهذه هي الحروف الاولى من العبارة الانجليزية (Out of office )
ومن المعروف ان المتحدث بلغة الام هو الشخص الوحيد الذي ربما لا يشعر بالحاجة الى التكييف والاندماج مع الاخرين
ولكون المتحدثين بلغة غير لغة الام يشكلون اغلبية في العالم فانه على متحدثي لغة الام تحسين أدائهم حيث تقول جنبفير جنكينز وهي أستاذة أنواع اللغة الإنجليزية في جامعة ساوث هامبتون البريطانية ان متحدثي اللغة الام هم الذين يعانون عندما يتصادف وجودهم في وضع يغلب عليه وجود متحدثين لا يتحدثون اللغة الام. وتضيف ان متحدثي اللغة الام يواجهون صعوبات في فهم الاخرين وتفهيمهم
يستخدم متحدثوا اللغة غير الام مفردات محددة وتعبيرات ابسط ودون تنمق او بدون كلمات من اللهجة الدارجة ولهذا السبب يفهم بعضهم البعض مباشرة وشكليا . فقد اكتشفت الأستاذة جنكينز على سبيل المثال ان الطلبة الأجانب في الجامعات البريطانية يفهم بعضهم البعض جيدا وبسرعة يتكيفون لمساعدة بعضهم ممن هم اقل فصاحة في مجموعاتهم.
أما مايكل بلاتنير مدير التدريب في مجموعة زيورخ للتأمين والذي مقره جنيف فيقول انه لا يتواصل بلغته الام وهي الألمانية السويسرية ولكن معظم الأحيان يتواصل بشكل مهني باللغة الإنجليزية. ويضيف “غالبا ما اسمع من الزملاء انهم بدون لاشك انهم يفهمونني بشكل أفضل بكثير مما يفهمون متحدثي اللغة الام”
ويقول مايكل بلاتنير في اول مرة اعمل في سياق دولي سمعت شخصا ما يقول بالانجليزية (اي تي أي 16:33= Eta) وقلت لنفسي ما الذي يقوله هذا الرجل ومما يزيد الطين بلة ان المختصرات في اللغة الإنجليزية البريطانية تختلف تماما عن نظيراتها الامريكية
وهناك أيضا الأسلوب الثقافي التجملي فعندما يكون رد فعل الشخص البريطاني على مقترح ما يقدمه غيره من الأجانب بالقول “شيء جميل” ربما في داخله يقصد “شيء تافه” ولكن اشخاص من جنسيات أخرى يفهمون ذلك بمعناه الشكلي الظاهري
واضاف بلاتنير انه من غير المفيد اللجوء الى الكلمات غير المعتادة اوالى سرعة الحديث والتنميق بالكلام وخاصة اذا كان نوعية الاتصال عبر الهاتف او الفيديو غير جيدة ونتيجة لذلك يقوم الشخص المتلقي في المقابل بقطع الاتصال او القيام بعمل اخر لانعدام فرصة الفهم والاستيعاب . وفي الاجتماعات كما يقول مايكل بلاتنير , يهيمن الناطق بلغة الام على 90% من وقت الاجتماع ولكن المدعوين الاخرين جاءوا لسبب معين
ويوافق بلاتنير شخص اخر اسمه ديل كولتر رئيس قسم اللغة الانجليزية الخاص بتقديم دورات اللغة في الإنترناشونال هوس في بادين في سويسرا حيث يقول ان متحدثي اللغة الانجليزية الذين لا يجيدون لغة اخرى غالبا ما ينقصهم الوعي في التحدث باللغة الانجليزية دوليا
وفي برلين كولتر يرى ان العاملين معه من الالمان في شركة فورتشن 500 اطلعهم مقر الشركة في كاليفورنيا على اخر مستجدات الامور عن مشروعهم من خلال اتصال عبر الفيديو. بالرغم من كفاءة الالمان باللغة الانجليزية الا انهم لم يلتقطوا الا زبدة ما قاله مسؤول المشروع الامريكي . لذلك فيما بينهم اتفقوا على تصورصيغة ربما هو المطلوب من طرف المركز في كاليفورنيا او ربما غيره كما يقول كولتر.
ويحذر الفرنسي جون بول نيريري مسؤول التسويق الدولي التنفيذي السابق في شركة آي بي ام بالقول ان متحدثي اللغة الام غالبا ما يجازفون في عقد الصفقات لعدم ايصال كل المعلومات المقصودة
ويضيف ان اعداد لا تحصى من غير متحدثي اللغة الام يخشون فقدان ماء الوجه ويهزون رؤوسهم بالموافقة وهم غير فاهمين ما تم قوله في الاجتماع
ولهذا السبب صمم نيريري برنامج ” غلوبش” وهو برنامج تعليمي باللغة الانجليزية تم تجريده من الكلمات غير المفهومة مع الابقاء على 1500 كلمة انجليزية بسيطة و مفهومة وقواعد نحوية بسيطة . يقول نيريري ان البرنامج ليس لغة كاملة ولكنه اداة او وسيلة. ومنذ اطلاق هذا البرنامج في 2004 وحتى الان باع منه نيريري اكثر من 200000كتاب تدريسي في 18 لغة
ويقول نيريري اذا كنت تستطيع الاتصال بشكل فعال بلغة بسيطة تستطيع توفير الوقت وتتجنب سوء الفهم ولا تعمل اخطاء في الاتصال
ويقدم روب ستيغليس كبير المدراء الاوربيين في شركة الاتصالات العملاقة أن تي تي للاتصالات يقدم نصيحة الى متحدثي اللغة الانجليزية. يقول ستيغيلس يجب ان يكون كلامك قصير و واضح ومباشر وعليك التبسيط ولكن هناك خيط رفيع بين القيام بذلك او ان تكون انت السيد الآمر في الموقف. انها عملية اشبه بالسير على حبل رفيع
تقول جنكنيز عندما يكون المرء يتواصل في اللغة الانجليزية مع اشخاص بدرجات مختلفة من الطلاقة من المهم عليه ان يكون مستمع ومتكيف ويكييف اذنيه الى نطاق كامل من الطرق في استعمال اللغة الانجليزية
واضافت ان الاشخاص الذين تعلموا لغات اخرى يجيدون ما قلته سابقا ولكن متحدثي اللغة الام بشكل عام لا يجيدون الا لغة واحدة ولا يتقنون التمييز في التنوع اللغوي
وحسب ستيغلس : في الاجتماعات غالبا ما يميل متحدثوا اللغة الانجليزية الى الاسراع في الحديث ويعتبرون ذلك طريقة عادية ويسرعون ايضا في سد الفجوات في الحديث
ويضيف يمكن ان يكون متحدثي اللغة غير الام يحاولون صياغة جملة . فما على المرء الا ان ينتظر ويعطيهم فرصة والا بعد الاجتماع تراهم يسألون ما موضوع كل ما جرى؟ او يخرجون ولم يحصل أي شيء لانهم لم يفهموا ما قيل
ويوصي ان عليك ان تستفسر منهم في عدة طرق مختلفة و تحاول ان تجرهم الى اعتراف على ما قمت به او بعض الفعل او رد الفعل
اذا لاحظت عدم وجود مشاركة لدعوتك فلا تعرف فيما اذا فهموا او لا
ترجمة بتصرف عن ال BBC