23 ديسمبر، 2024 12:42 ص

استضافة قادة عسكريين في التلفزة !

استضافة قادة عسكريين في التلفزة !

الموضوع او العنوان محدّد هنا ببرنامج ” شهادات خاصة ” التي تعرضه قناة Utv الذي يقدّمه د. حميد عبدالله , الذي يقدّم برنامجاً آخراً مشابه ” الى حدٍ كبير” بعنوان ” تلك الأيام ” , والحق يقال أنّ كلا البرنامجين يحظيان بمشاهداتٍ واسعة وكبيرة من الجمهور العراقي والعربي , لا لدقّة ما يتحدثون به ضيوف البرنامج عن احداثٍ سابقة , او افتقادها للدقة , لكنّ تلك الأحداث تمسّ كلّ مواطن وتفتح شهيته على مصراعيها لسماع ايّ معلومةٍ تتعلق بالأوضاع الستراتيجية والخطرة للدولة في مرحلتي ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي والى غاية الإحتلال , وحتى ما بعده .

ما دفعنا اوجرّنا للكتابة بهذا الشأن لا يقتصر فقط على الحلقتين الأخيرتين من المقابلة التلفزيونية مع الفريق اوّل ركن ” علي غيدان ” والتي ستليها الحلقة الثالثة يوم الجمعة القادم , وما تحدّث بها عن سرده لأحداثٍ تمسّه شخصياً وعن بعض الصور الميدانية المحدودة لبعض مجريات حرب  , 1991والتي ادت الى فصله وطرده من الجيش , وكان آنذاك برتبة عميد ركن ووكيل قائد فرقة , وقد اعيد الى الخدمة العسكرية بعد احتلال العراق وجرى منحه الرتب العسكرية دفعةً واحدة , ثم جرى عزله عن الجيش ثانيةً لإتهامه مع آخرين في فشل التصدي لداعش وسقوط الموصل .

والى ذلك فجوهر الموضوع يتعلّق بمقابلاتٍ سابقة جرى عرضها مؤخراً مع ضابطين آخرين برتبة لواء ركن طيار

 

 , وحلقات اخرى مع بعض السياسيين الذين كانوا يتحدثون من الزاوية الضيقة و وفق اهوائهم الشخصية والسياسية وخلافاتهم مع نظام الحكم السابق على حساب وقائع موضوعية مجرّدة تمسّ مهنية الجيش العراقي وقياداته وبعيداً عن السياسة .!

   من الخطأ الجسيم استضافة هكذا ضيوف من قادة العسكر والساسة ليسرد ويتحدث ايّ منهم على سجيته ووفق منظوره الخاص و وفق اعتباراتٍ شخصية تسير وتسري معظمها بالإتجاه المعاكس .! , وما يعرضه و يقدّمه د. حميد عبد الله من استمراريةٍ في هذه الحلقات , فإنما يمثّل فرض وجهة نظرٍ محددة على الجمهور , وهي تمثّل ايضا عملية تضليلٍ نسبية على الأجيال الجديدة التي لم تشهد احداث تلك المراحل الزمنية , وكان الأجدر بمقدّم البرنامج ان يفتح مجال الإتصالات الهاتفية المباشرة للذين يرغبون بإبداء وجهات نظرٍ اعتراضية او تصحيحية على اية فقرةٍ غير دقيقةٍ يتحدثون بها ايّ من ضيوف هذه الحلقات , وخصوصاً للذين كانوا شهود عيان من القادة الآخرين او المساهمين في تلك الحرب والأحداث التي سبقتها وحتى التي اعقبتها . ثمّ وعلى ابعدِ تقدير بإستضافة شخصيات عسكرية وسياسية للرّد على ما يتحدثون به المستضافين في هذا البرنامج , ولو حدث ذلك او بأحتمال حدوثه مستقبلاً , لحظي كلا برنامجي < شهادات خاصة و تلك الأيام > بعناصر الكاريزما والدعاية والتشويق , وبما يسبقهما من المصداقية وثقة الجمهور , لكننا وللأسف نكاد نجزم ونُقسم بأغلظ الإيمان بأنّ مثل ذلك سوف لن يحدث , لسبب او لآخرٍ مبهم , دونما اتهام مقدم البرنامج في التعمّد بذلك .!

  في ملاحظةٍ اخرى ولعلّها الأخيرة بهذا الصدد , فمنذ سنواتٍ قلائلٍ , عرضت قناة الجزيرة واعقبتها احدى الفضائيات المصرية بعرض وإجراء مقابلةٍ تلفزيونية مع بعض القادة السابقين ” للجيشين الثاني والثالث ” من القوات المصرية التي عبرت قناة السويس في حرب تشرين \ اكتوبر في سنة 1973 , وتمحور معظم الحديث عن ” ثغرة الدفرسوار ” التي التفّ فيها الأسرائيليون من غرب القناة وحاصروا القوات التي عبرت شرق القناة , لكنّ الأهم في تلك المقابلتين أنّ الإتصالات الهاتفية كانت مفتوحةً بشكلٍ مباشر للرّد على احاديث اولئك القادة , ودخل على الخط شخصياتٌ عسكرية وسياسية رفيعة < بما فيهم من قادة المقاومة الفلسطينية > في ردودٍ مغايرة في تفنيد او تبرير عدم قدرة القضاء على القوة التي تسللت من  ” الدفرسوار ” والتي بلغت اكثر من  700 دبابة اسرائيلية , وقادت الى نهاية تراجيدية لتلك الحرب , ولا شكّ أنّ عرض الردود المغايرة ” عبر الإتصالات الهاتفية المباشرة ” قد اضاف واضفى بعداً اعلامياً ناجحاً وذو جاذبيةٍ لتلك المقابلة .. و < ليتَ لعلَّ وعسى > أن تستفيد من ذلك فضائياتٌ عراقيةٌ وعربية في اعادة البرمجة الإعلامية لأحداث كلا حربي 1991 & 2003 مع قادةٍ عسكريين محايدين , لتنوير المجتمع العراقي والعربي وسيما للأجيال الحديثة , وللرّد على ماكنة الإعلام الغربي التي فرضت هيمنتها المطلقة في تلك الحقبة .