22 ديسمبر، 2024 8:45 م

استراتيجية واشنطن تجاه اليمن…أين الخطأ؟

استراتيجية واشنطن تجاه اليمن…أين الخطأ؟

تطرح السياسات الصهيوأمريكية العدوانية المستهدفة شعوب الأمة العربية في هويتها وشخصيتها الوطنية وثقافتها القومية ووحدة تراب وطنها، بالعمل على تفتيتها وشرذمتها الى دويلات طائفية وأثنية، كما يحصل الآن في بعض الدول العربية وعلى الأخص اليمن، بهدف تعميق عملية النهب للثروات اليمنية وإبقاءها خاضعة للهيمنة الصهيوأمريكية.

لم تكتف الإدارة الأمريكية بما أشعلته من حرائق في العالم العربي والإسلامي منذ أن أعلنت منفردة حربها على الإرهاب، وخلطت فيها الأوراق بين الحق المشروع في المقاومة والعنف الذي يستهدف الأبرياء، وخلق حالة من اللاستقرار السياسي والمادي والعمل على إنهاك المجتمعات العربية بالدخول في مستنقع الإنشغال الحياتي “البقاء على الفقر”، بما يضمن السيطرة المادية عليها والعمل على استغلال هذا المستنقع وتسهيل التغلغل بين أوساطه لغرس الثقافة الأمريكية الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية.

في هذا السياق إن المتابع للشأن اليمني يعلم جيداً أن أمريكا ومنذُ بداية العدوان على اليمن كانت متورطة حتى النخاع في الحرب على هذا البلد، بل إنها تعمل على إطالة أمد الحرب في اليمن وهي مسؤولة عن استمرارها.

وفي هذا الصدد نُشرت خلال السنوات الاخيرة العديد من التقارير التي كشفت بشكل واضح دور أمريكا في الحرب على اليمن حيث إن هناك العديد من المعلومات التي تشير إلى مشاركة أمريكا بالعدوان على اليمن من خلال تقديم جميع أنواع الدعم العسكري واللوجستي بل إن أمريكا وجدت الحرب على اليمن سوقاً لبيع السلاح وتزويد تحالف العدوان بكل أنواع السلاح الذي استخدم في العدوان على اليمن.

وهنا يتضح جلياً أن الأمريكي يحاول إخضاع الجغرافيا اليمنية للهيمنة الأمريكية، أي إن المراد هو أن تكون السلطة السياسية في اليمن منسجمة كلياً وخاضعة كلياً لسلطة الأمريكان، أو بعبارة أخرى لا يجب أن يترك اليمن خارج المنظومة الأمريكية ويجب أن يفقد استقلال قراره وأن يتم صهره لصالح المشروع (الأمريكي – الصهيوني) في المنطقة.

بالتالي إن الأهداف الخفية لواشنطن من شن الحرب على اليمن، حيث أن الرواسب النفطية في اليمن يمكن أن تلبي احتياجات العالم من النفط لـ50 سنة قادمة، وذلك وفقا لما كشفته عمليات التنقيب عن الوقود الأحفوري والتي أظهرت بأن رواسب الغاز الطبيعي تتجاوز طاقتها النفطية تحت الأرض.

لا يخفى على أحد أن ظهور حركة أنصار الله في اليمن كحركة مقاومة رافضة للتوغل الأجنبي في البلاد وتحويل موارد البلاد بالجملة إلى الأسواق الخارجية، دفع أمريكا وشركائها (شركات النفط، والبنك الدولي والنقد الدولي ونادي باريس وغيرهم) لشن حرب على اليمن بهدف سحق الحركات المقاومة باستخدام القوة والتحريض على حرب طائفية بين اليمنيين على غرار العراق.

فالمتتبع لمواقف الولايات المتحدة الامريكية يستطيع ان يرى نواياها المشينة وقراراتها المتحيزة لبعض القضايا منها القضية الفلسطينية التي لا تزال إسرائيل تقتل الفلسطينيين، حتى بدا أن وظيفة إسرائيل النهائية ومهمتها العظمى ورسالتها هي إفناءهم بأية وسيلة وحتى آخر رمق من أنفاسها، فإسرائيل تقتل وتدمر كيف تشاء ومتى شاءت، وأمريكا تتحدث عن ضرورات ضمان أمن اسرائيل، هذه السلوكية العدوانية الإسرائيلية هي السبب في إفشال مساعي السلام وكل المبادرات التي كانت تأمل بسلام عادل وشامل. ونرى العراق اليوم الذي حولته الولايات المتحدة الى ساحة عنف وقتال طائفي وأرض للعصابات وساحة مفتوحة لكل الناس ولم تأن في تكريس الإنقسام بين السنة والشيعة عن طريق بث المعلومات الكاذبة بهدف تحقيق الفوضى والخراب للعراق، فضلاً عن الحرب على أفغانستان بحجة ما تسميه مكافحة الإرهاب التي خلفت الفقر والدمار بتلك الدولة المسلمة، بالإضافة الى باكستان التي أصبحت جزءاً من الحملة التي قادتها واشنطن ضد الحركة المسلحة الإسلامية منذ هجمات سبتمبر 2001. ولا ننسى محاولة تفتيت سورية ومصر وتونس والسودان ولبنان والصومال من خلال محاولة صنّاع القرار الأمريكيين بتكريس الخلافات وتشجيع النعرات الطائفية وإنشاء تكتلات دينية مختلفة، كما عملت على عزل إيران وفرض العقوبات عليها لإجبارها على إيقافها عن تطوير التكنولوجيا النووية.

اليوم تعيش المنطقة العربية أجواء خوف من التقسيم لأن سياسة الصهيوأمريكية لا يمكنها العيش في منطقة قوية بل تريد تمزيقها وتفتيتها من خلال الركوب على ثورات الشعوب العربية لإسقاط أنظمتها التي كانت قبل سقوطها تدعمها وتساندها بكل الوسائل الممكنة، وإظهار محاولات تعاطف كاذبة مع متطلبات الشعوب العربية للإصلاح وتحقيق الديمقراطية مثلاً.

وأختم بالقول، مجملاً…بالرغم مما تتعرض له الأمة العربية عامة واليمن خاصة لمحاولات عديدة لإعادة تشكيلها، وتهيئة مناخها لميلاد شرق أوسط جديد فما زلت متفائلاً بأن هناك أمل في مستقبل أفضل يحرر الأوطان من الاستبداد والفساد والهيمنة الأجنبية، كما إن الوحدة الداخلية اليمنية ضرورة وطنية لمواجهة التدخل الخارجي والتيار التكفيري، لحفظ وحدة اليمن وإحباط المشروع الأميركي لبناء الشرق الأوسط الجديد، لذلك لا بد لليمنيين من إقتناص الفرصة المناسبة لإنقاذ اليمن في ذروة الإرتباك الأميركي في المنطقة، وصمود اليمن ومحور المقاومة في المنطقة.

 

[email protected]