23 ديسمبر، 2024 10:24 ص

استراتيجية الولايات المتحدة في مساءلة بعد الجمود العراقي في الرمادي

استراتيجية الولايات المتحدة في مساءلة بعد الجمود العراقي في الرمادي

روبرت بيرنز- كاتب في مجال الأمن القومي لدى الاسوشيتد برس/ ايلاند باكيت
صيف من الجمود في الجهود المبذولة لإستعادة مركز المحافظة العراقية، الرمادي، على الرغم من التفوق العددي الهائل للقوات العراقية المدعومة أمريكيا على مقاتلي تنظيم داعش، مما يثير الشكوك بشأن ليس فقط قدرة العراق على الفوز باختبار الارادات حول الأراضي الرئيسة، ولكن أيضا على الاتجاه المستقبلي لنهج واشنطن الخاص بالحاق الهزيمة بالجماعة المتطرفة.

المواجهة في الرمادي، ومن دون اي احتمال لهجوم عراقي وشيك على المدينة، تستمر رغم استعداد الولايات المتحدة لاصلاح نهجها لمواجهة تنظيم داعش في سوريا وشهادة الجمهوريين في الكونغرس على أن الرمادي تشكّل دليل فشل الاستراتيجية الأمريكية. يقول السيناتور الجمهوري من ولاية اريزونا جون ماكين، وهو أحد أبرز المنتقدين، إنه من الواضح أن الولايات المتحدة ليست في طريق تحقيق النصر، “وإذا لم تكن تنتصر في مثل هذا النوع من الحروب، فإن ذلك يعني أنك تخسر”.

تصر إدارة أوباما على أن الصبر سوف يؤتي ثماره، حتى في الرمادي، التي كسب تنظيم داعش، في آيار، السيطرة ضد القوة العراقية التي تفوقه بكثير من حيث العدد، محطماً مزاعم المسؤولين العسكريين الأمريكيين من أن الجماعة كانت في وضع دفاعي في جميع أنحاء العراق.

بعد ذلك، قال وزير الدفاع الأمريكي اشتون كارتر إن العراقيين الذين ليس بينهم جنودا دربتهم الولايات المتحدة وفروا من الرمادي، “لم يبدوا أي إرادة للقتال”.

إن فقدان الرمادي حمل أهمية خاصة لدى المحاربين القدامى في حرب الولايات المتحدة الطويلة في العراق، والتي قتل فيها العشرات من الجنود الأمريكيين خلال معركة مكافحة التمرد لاستعادة سيطرة الحكومة العراقية في العام 2006؛ حيث لقوا مئات آخرين حتفهم في القتال بمختلف أنحاء محافظة الأنبار، التي تمثل الرمادي مركزها.

الهجوم المضاد في الرمادي، الذي تم الإعلان عنه في تموز، كان من المفترض أن يمثل نقطة تحول للقوات العراقية، التي برهنت أنها لا تضاهي التصميم الذي عليه مقاتلي تنظيم داعش. وبدلا من ذلك، تعثرت هذه القوات وتباطأت بفعل الخلافات الطائفية، وحرارة الصيف المدمرة، إضافة إلى استخدام المتشددين القنابل البدائية الصنع لخلق ما يرقى إلى حقل ألغام حول الرمادي.

ويقول ضباط أمريكيون في العراق، يعملون بصورة مباشرة مع القادة العراقيين في التخطيط والتنفيذ للهجوم المضاد، إنه على مدى الشهرين المنصرمين، اضافت الحكومة العراقية نحو 3,000 من القوات العراقية، التي دربتها الولايات المتحدة، إلى عملية الرمادي، وهو ما يمثل ثلث المجموع الكلي، إلا أنه يبدو أن العراقيين ليسوا في عجلة من أمرهم.

وبدلا من الهجوم على تنظيم داعش داخل الرمادي، فقد كافح العراقيون بجهود امتدت لأسابيع من أجل عزل المدينة عن طريق قطع الطرق أمام داعش لإعادة التموين والتعزيز، الأمر الذي تعثر بسبب الخلافات التي نشأت بين الشرطة الاتحادية وقوات الحشد الشعبي، الميليشيات الشيعية المدعومة إيرانيا وتعد القوة القتالية الأكثر فاعلية على الأرض.

وقال المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية العقيد باتريك رايدر، الجمعة، “إننا نقر بإن العراقيين لم يقوموا بأي تحرك مهم باتجاه الأمام في الآونة الأخيرة”، مضيفا أن الولايات المتحدة تحث القادة العراقيين على المضي قدماً.

الخطوات البطيئة هذه كشفت أن الرمادي تمثل صورة مصغرة للعقبات التي يواجهها كلا الشركاء العراقيين والأمريكيين، بما فيها التنافس على القوة والنفوذ في بغداد ذات الأغلبية الشيعية، ودور الميليشيات المدعومة إيرانيا في القتال ضد تنظيم داعش، والعيوب العميقة التي تشوب القوات الأمنية العراقية. وكما الحال في الرمادي، فإن الحملة الشاملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش قد توقفت، بحسب ما تعتقده وكالات الاستخبارات الأمريكية.

وتعرب إدارة أوباما عن اعتقادها بأن الحل الدائم لتنظيم داعش لا يمكن ان تحقيقه عن طريق إرسال قوات أمريكية مقاتلة مرة أخرى إلى العراق. وتقول الولايات المتحدة إن الاختبار النهائي هو ما إذا كان من الممكن تقوية القوات الأمنية العراقية الى المدى الذي يمكّنها من استعادة بلدها. وإذا لم يكن بمقدورها فعل ذلك، بحسب الجنرال ديمبسي الذي تخلى عن منصبه الأسبوع الماضي كرئيس لهيئة الأركان المشتركة، عندها ستضطر الولايات المتحدة إلى الخروج بـ “خطة بديلة”.

ويشكك بعض المحللين بخطط الهجوم المضاد على الرمادي، مشيرين إلى أن الرمادي ذات الغالبية السنية لا تمثل الأولوية القصوى للحكومة التي يهيمن عليها الشيعة.

وقالت لينا الخطيب، وهي خبيرة في شؤون الشرق الأوسط وباحثة مشاركة في جامعة كلية لندن للدراسات الشرقية والأفريقية، عبر البريد الألكتروني، إن “الجيش العراقي يبقى ضعيفا رغم المساعدات العسكرية الأمريكية”، مضيفة “أنه ببساطة ليس واقعيا أن نتوقع جيشاً انهار تقريباً فقط قبل أكثر سنة في مواجهة انتشار تنظيم داعش، أن ينهض مجددا في هذه الفترة القصيرة من الزمن”.

وكانت الخطيب تشير إلى الانهيار المدمر للجيش العراقي في الموصل في حزيران 2014، والتوقعات المتلاشية من أن الموصل، وهي ثاني أكبر مدن العراق، من الممكن استعادتها قبل أن يترك الرئيس باراك أوباما منصبه في كانون الثاني 2017.

وفي وقت مبكر من هذا العام، قال مسؤولون عسكريون أمريكيون إنهم توقعوا هجوما عراقيا مضاداً على الموصل في آيار، والآن هناك حديث من أن المدينة باقية في أيدي داعش في المستقبل المنظور.

ويعتقد ديفيد أي جونسون، وهو عقيد متقاعد في الجيش الأمريكي وكبير المؤرخين في مؤسسة راند، أن المشكلة تسير على نحو أعمق من مجرد إعطاء الجيش العراقي مزيداً من الوقت لإستيعاب التدريب الأمريكي.

وقال جونسون “وجهة نظري هي أنهم فقط غير قادرين على فعل ما يراد القيام به” لاستعادة الرمادي، فما بالك بالنجاح في التحدي الأكبر المتمثل باستعادة السيطرة على الموصل.

واضاف جونسون أن “الموصل ستجعل من الرمادي تبدو وكأنها لعبة أطفال”.

يقول جيم أم دوبيك، وهو فريق متقاعد في الجيش الذي ترأس التدريب الأمريكي للقوات العراقية خلال العامين 2007-2008 ويعمل حاليا استاذاً في مركز الدراسات الأمنية التابع لجامعة جورج تاون، إنه ينبغي على الولايات المتحدة وحكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي أن يعملا بجدية أكثر.

وقال دوبيك “أخشى حقاً من أن نهجنا الحالي قد لا يعمل في الوقت المناسب”. ويتعرض العبادي لضغوط هائلة ليس فقط من قبل تنظيم داعش، ولكن أيضاً من داخل حكومته، بضمنهم اولئك الذين يفضلون إعطاء الميليشيات المدعومة إيرانياً دوراً رئيسياً في الرمادي. واضاف دوبيك “إلى حين يصبح المزيد من العراقيين مقتنعين أن العبادي سوف ينتصر على الجبهة السياسية، فإنه من المرجح أن يكافح على الجبهة العسكرية”.

ويجادل العميد البحري كيفن جي كيليا، رئيس الأركان في مقر القيادة الأمريكية لمكافحة تنظيم داعش ومقرها في الكويت، حول فكرة ان الهجوم المضاد قد توقف.

ويقول إن “هناك حركة على كلا الجانبين كل يوم”