ان تكنلوجيا المعلومات غزت الدنيا والعالم اليوم اصبح قرية صغيرة ولم تعد المسافات تشكل عائقا او حاجزاً في سبيل الوصول الى المعلومة وتوصيلها الى الآخرين و بالرغم من كل ذلك التواصل والإنفتاح والثقافات المختلفة التي ليست بعيدة عن متناول اليد والعين ومن السهل الحصول عليها فإن اللجوء الى التطرف والإقصاء والتهميش والاعتداء على أشده بين البشرية والدول المتنافسة على المنافع والاستحواذ على المغانم ، وتسعى لاستغلال هؤلاء وتضخيم اعدادهم عن طريق تلك الوسائل. لذلك ترى اليوم ان الكثير من المؤتمرات تعقد نشم منها رائحة التسابق المارثوني للوصول الى اهداف ومكاسب حمقاء وتشترك بها الدول وفق استراتيجيات وسيناريوهات مسرحية وانتقائية لمكافحة الإرهاب وحتى في إطار الصراعات الإقتصادية والمنافسات السياسية ومحاولات مد النفوذ من أجل الحصول على المصادر والمصالح وتشكيل الدول والحكومات التابعة والذيلية وتأمين منافذ وممرات لفرض الارادات والسيطرة على خيرات الشعوب المهضومة والمحرومة التي تعيش على كنوز من الذهب والمعادن .
دول العالم رحبت بالمساعي الدولية للقضاء على الارهاب وتجفيف منابعه على شرط ان تخرج المؤتمرات بنتائح عملية ملموسة تستشعر حجم الخطر الذي يتهدد السلم العالمي وبما انه لم يبق احد بعيداً عن شظايا ونيران حقد وقسوة الارهاب لذلك اصبح الامر واضحاً للجميع ولكن يجب ان تكون النوايا صادقة لا ان تكون على حساب نفوذ وفرض مشاريع جديدة توسعية تحت ظل تحالفات دولية ويجب تقديم الدعم الاستخباراتي واللوجستي تحت غطاء استراتيجيات موحدة لا مؤتمرات متفرقة وغزو الشبكات الاعلامية بسيل الاعلام والتطبيل لها … ويبدو إن الدين تحول عند بعض االدول الى طريق سهل للوصول الى الإستبداد المخيف الذي يسبب شكلا من أشكال الرعب لايفهمه هؤلاء إلا بالدم والقتل والسلب وطمس الحضارات الدينية والانسانية لأنهم ببساطة جهلاء يريدون فرض مفاهيمهم التي لا يعرفون معانيها يكتبونها بأقلام حبرها دم المظلومين لابفرشة الحب والوان السعادة كما تريده الاديان السماوية السمحاء وامرت بها، ويتسترون بغطاء داعش لان شعارهم القتل والنهب والاغتصاب تحت ذريعة احكام جهاد النكاح المشؤومة لاطفاء غرائزهم الحيوانية ويسيحوا في الارض مفسدين وليرهبوا البشرية ويبعدونهم عن مفاهيم الدين والمقدسات بحماية دول الإستبداد الديني المصدرة والمنتجة للالحاد والافكار الهدامة والناشرة لقوى الظلال والالحاد مثل المذهب الوهابي والبعيدين عن قيم السماء والارض. ان قوى الشر و الموت القادم من كل بقاع العالم ومن جوف الصحراء,والتي باتت تعبث فساداً في الارض و تخرب الممتلكات والشواخص التاريخية والحضارية وحرق الحرث والنسل دون النظرالى قدسية اراضيها المباركة والتي لا يمكن قبولها وتصنيفها بالعفوية، بل على العكس تبدو أنها مدروسة ومخطط لها، بعقول تعشق الخراب والعبث وتتقن فنها، للوصول لغايات آنية قذرة ,والتي باتت تعيث فساداً في أرض الرافدين وتزرع الحقد الطائفي وهي بعيدة عن القيم الربانية والانسانية . واليوم تتجدد تلك الافكار تحت تسميات جديدة (دولة الخلافة الاسلامية) فداعش هو واحد من المجموعات و التنظيمات والحركات التي تمارس أشكالا مختلفة من العنف والتطرف وانتهاك المقدسات الاسلامية والتي طالت الاماكن العبادية السنية والشيعية والمسيحية وغيرها من الاديان والمجاهرة بالفظائع التي ترتكبها .فهذه التنظيمات مهما تباعدت أجندتها وطروحاتها وانتمائاتها ولكن تستقي من منبع واحد.
ان تعامل بعض الدول مع آفة الإرهاب، لم يكن تعاملا أخلاقيا، بل ورقة سياسية تستخدمها القوى الغربية حيث ما شاءت، بالتعاون مع بعض الدول الاقليمية ، متى ما خدمت مصالحها الأنية، وأولوياتها السياسية في حين أن هذه الدول نفسها لم تتورع أن تكون راعية لبعض التنظيمات الإرهابية وممولة لها وحاضنة لنشاطها إذ وجدت في هذه التنظيمات وفي نشاطها ما يخدم مصالحها ورؤيتها والسير وفق ما يخدم اسيادهم. وهم ماضون جميعا الى نهاية واحدة وهو تجزئة الدول العربية إلى دويلات متناحرة تتصارع فيما بينها, وبذلك تحكم قبضتها على الشرق الأوسط ( الجديد ) ويسهل تقسيم ميراثها تحت غطاء الديمقراطية العرجاء ، والى مرحلة تشابك قد تؤدي الى الدمار الشامل البعيدة عن روح القانون والعرف الإنساني المتزن والسوي ..
داعش يهدد العالم اجمع لايستهدف دولة دون اخرى اومجموعة دون اخرى انما الانسانية في خطر وعلى الجميع ان يقف لمواجهة هذا الشر البغيض .
ولكن سوف تفشل اذا ما وعت الشعوب المناهضة للارهاب ووقفت وقفة واحدة للدفاع عن اوطانها ومكتسباتها ووحدة كلماتها مثلما يقف الشعب العراقي باطيافه المختلفة بوجه الزحف الشيطاني بكل بسالة وإباء وهو مستمر في سحق فلوله وطرده من كل شبر في اراضيه يحاول ان يدنسها…
العراق الجديد هو امتداد لجيل الابطال كما قال عنهم الجواهري الكبير:-
يا موطن الأبطال حيث تناثرت قصص الكفاح حديثُها والاقدمُ
حيث انبرى مجدٌ لمجد ٍ والتقى ، جيلٌ بآخر زاحف يتسلمُ
وسيتجاوز المرحلة رغم كل التحديات التي يواجهها ويساهم الجميع لعبور المحنة والحفاظ على امنه واستقراره ويتجه للتطوير والتنمية والانفتاح نحو العالم بعلاقات راسخة وخاصة دول الجوار ولتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والامني مع مراعاة عدم التدخل في شؤون البلدان الاخرى .