9 أبريل، 2024 2:41 ص
Search
Close this search box.

استذكار الناقد الدكتور علي عباس علوان

Facebook
Twitter
LinkedIn

لم يبقَ أحدْ، يتحدى الوحش الرابضَ،
في بوابة طيبة، أو يرحل مجنوناً بالعشقِ،
الى شيرازْ، غير الشعراء ْ، فامنحني يا ابتي قبساً،
من برق الكلمات، لاواصل رحلة موتي، في ليل المعنى .

هذه القصيدة الجميلة اعلاه عنوانها ليل المعنى كتبها شاعرنا الكبير الرحل عبد الوهاب البياتي كتحية لاستاذنا الدكتور علي عباس علوان، ضمن مجموعته الشعرية الاخيرة نصوص شرقية التي صدرت آخر ايامه في دمشق عام 1999. وفي منتصف عام 1997 حين وصل الدكتور علي عباس علوان الى العاصمة الاردنية عمّان كانت فرحة الشاعر البياتي كبيرة بوجوده فهو صديق قديم له، ويعتبر الدكتور علي من أكثر النقاد العرب معرفة بشعر البياتي وبخاصة القناع والاسطورة في شعره، ولم يمّر يوماً من الايام إلا وكان البياتي والدكتور علي عباس في جلساتهم اليومية مستنزفين كل جهدهم من أجل الوصول بالثقافة العراقية وأبداعها الى مكانتها العالية، فأتفقا على اقامة الامسيات في غاليري الفينيق لمبدعي العراق الذين كانوا داخل العراق يرزحون تحت وطأة الحصار وتهميش السلطة لهم. فكانت أول أمسية كبيرة بحق شهدها غاليري الفينيق آنذاك داخل العاصمة عمّان أحتفاءً بالقاص الكبير محمد خضير، وقاد الدكتور علي عباس علوان هذه الاحتفالية لمحمد خضير بطريقة اكثر من رائعة، كان وجود البياتي في المقدمة ومشاركات كثيرة لادباء ونقاد عراقيين وعرب وحضور شخصيات سياسية وثقافية كبيرة داخل الدولة الاردنية الامر الذي كتبت الصحافة العربية في حينها عن هذه الامسية التي مازالت خالدة في الذاكرة. لقد كنت شاهداً على كل اللقاءات ما بين البياتي والدكتور علوان، الذي كان يخطط للكثير من المشاريع الثقافية التي تخدم ثقافتنا وكان يكتب الكثير من الدراسات ويشرف على الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراة لطلبة اردنيين، وكنت أرافقه في كل طرقه التي تؤدي الى المنفى في تلك الايام الصعبة. كان أنساناً بمعنى الكلمة ، وكان مثقفاً كبيراً وناقداً يعرف أسرار النصوص الابداعية. وكيف لا وهو الذي نذر عمره للتنقيب في بحور العلم والابداع على مدى سنوات طويلة. كان البياتي دائماً يوصي الدكتور علي عباس علوان وصيته الشهيرة حين يموت أن يدفن بجوار الشيخ محيي الدين ابن عربي في دمشق والتي هي اقدم عاصمة بالتاريخ، وكان له ما أراد في وصيته، وحين نعود من جلساتنا مع البياتي، كنت دائماً أسأل الدكتور علي عن سر وصية البياتي وكان يجيبني بأن الشاعر دائماً يعرف سر الاسرار. حتى جاءنا ذات يوم الشاعر جمعة الحلفي قادماً من دمشق ومبعوثاً من قبل وزارة الثقافة السورية الى البياتي، ليبلغه عرض الوزارة بالاقامة في دمشق وتخصيص له السكن اللائق والراتب العالي، حتى ظل البياتي يناقش الدكتور علي علوان لايام طويلة قبل أعلان موافقته، لكنه وبمجرد ان وافق قال لي الدكتور علي عباس علوان، سيذهب البياتي الى دمشق كي يموت هناك، فهو معتاد على وجود الاصدقاء يوميا اما في دمشق فنادرا ما تسنح له الفرصة بلقاء الاصدقاء وفعلا هذا ما حصل بعد شهور قليلة من اقامته في دمشق. لم تشدني وتعجبني شخصية ثقافية كشخصية الدكتور علي عباس علوان على الاطلاق، ففي داخله طفل بريء، وفي ظاهره استاذ وناقد كبير لا يضاهى، فتحية لاستاذنا ومعلمنا الكبير الدكتورعلي عباس علوان وانا استذكره هذا اليوم في هذه السطور القليلة ..

ملاحظة : هذا المقال نشر قبل يومين في جريدة الزمان اللندنية كتحية لاستاذنا الدكتور علي عباس علوان ، وهو نفس اليوم الذي رحل فيه من دون ان اعلم وكأني ارثيه !

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب