قبل أيام وفي البرلمان العراقي, أثناء استجواب وزير الدفاع العبيدي, جرى ما يشبه المسرحية, ومع اعتياد الشعب على ذلك, فقد صَدَّقَ كثيرا منهم, إنها حقيقة وليست بالمسرحية!إن كل ما جرى يومها, عبارة عن اتهامات متبادلة, فمفهوم الاستجواب حسب علمي, هو عبارة عن سؤال يتبعه جواب, أو تكون الأسئلة دفعة وحدة, ويكون الجواب كذلك, إلا أن ما شاهدناه على الشاشة, عبارة عن مقاطعات وتقاطعات, وكأن نواب البرلمان والسيد الوزير, في ساحة حرب برشقات متبادلة, وكأن كل واحد يقول: سلاحي هو الأقوى.
القانون هو الفصل, مع ان أغلب أعضاء البرلمان, متفقين في تصريحاتهم الفضائية, على أن القضاء فاسد ومُسيَّس! هذه المسرحية التي تُسمى, استجواب المسؤولين لكشف الفساد, عرضت مرات عديدة, مع إختلاف أجناس وشخوص الطرفين, فقد جرى استجواب وزراء سابقين بجلسات سرية! وكأن الشعب لا يعلم بحجم الفساد, ومن يغطي عليه, بل وحتى المبالغ المدفوعة, لهذا الطرف أو ذاك.
ظهرت أول النتائج, التي يسميها أحد الباعة المتجولين” نتائج خنفشارية”, وهي كلمة استهزاء بكل ما يصدر, من أمور مستهجنة, وَصَفَ أحد المهتمين بالرياضة, قرار القضاء لصالح سليم الجبوري بقوله:” كنا نتصور أن القضية, ستكون كسباق الضاحية, لنكشف الثير من الخلل لدى المتسابقين, وقد فوجئنا, أنه سباق الخمسين متر, وفضت القضية في دقائق”.
لقد صدق من قال:” إنك عندما تُقاضى, لا تبحث عن مُحامٍ حاذق بالقانون, بل ابحث عن محام يعرف القاضي بحذاقة”, لم يكن ذلك مثيرا لاستغرابي, إلا أن ما يثير الاستغراب, هو نشر أحد أفراد الشعب, امتعاضه تحت عنوان” الآن مات القضاء العراقي”, ولا أدري متى كان القضاء العراقي حياً! فقد كانت الأحكام تصدر زمن الطاغية, بمحكمة أسموها محكمة الثورة في دقائق, وبكلمات لا تمت للمواد القانونية, كـ” من ابو الدشداشة الى اليسار إعدام وإلى اليمين براءة”.
لقد أضحى القضاء العراقي سخرية المجتمع, الذي ستتم محاكمته يوما ما, بتهمة استهزاءه من سلطة مستقلة, فتفرض عليه أحكام عرفية, ويلغى البرلمان لشبهات الفساد.وإلى ذلك اليوم, يبقى الحال كما هو عليه, وعلى الشعب اللجوء إلى الصبر, فالموت البطيء, خير من حبل المشنقة, من يُبرز ما في جيبه يَبرُز بريئاً.