23 نوفمبر، 2024 4:10 ص
Search
Close this search box.

استاذنا المميز

فتحت درج مكتبتي الذي خصصته لحفظ كل غال ونفيس من اشيائي الخاصة ورسائلي ومذكراتي فوقع بصري على دفتر المذكرات الذي مضت عليه حقبة من السنين حين طالعته لآخر مرة .امسكته بين يدي وقبلته فهو صفحات وكلمات وسطور لخصت تاريخ حياتي وايضا فيه من الكلمات ما كان لها اثر كبير في تحديد مساري وتوجهي. احسست بحاجة الى ان استرجع قراءته فتوجهت الى منضدة القراءة ووضعت الدفتر عليها ثم اضئت المصباح ورحت اقلب الصفحات وعند صفحة استاذي المميز توقفت … فرن في مسمعي صدى صوته الحنون ها انا اسمعه حرفا حرفا وكلمة كلمة واستعيد مشهد الذكريات وهي ندية كأنها حدثت للتو ….
قال لي استاذي المميز انك طالب نبيه ولسوف تحقق آمالك في قابل الايام وبعد لحظة صمت امضاها وهو يوقع دفتر مذكراتي الذي قدمته اليه ليكتب لي بعض الكلمات احتفظ بها للذكرى ..اشد على يديك واريدك ان تستمر بمنهج الاجتهاد.
…استاذي المميز رجل على اعتاب الخمسين من العمر. قامته المديدة علامة مميزة في مدرستنا ولم تترك اثرا في اي انحناءة تذكر على قوامه الرشيق ومن الغريب ان يكون مدرسا لاهم مادة في المنهج الدراسي الا وهي الرياضيات وفي الوقت نفسه مدرسا للرياضة البدنية اما كيف حدث هذا فهو ما اوجبه موقع مدرستنا كونها تقع في منطقة ريفية نائية وقد عجزت دائرة التربية عن تعيين مدرس للرياضة ولما كان استاذي احد الوجوه المميزة على الصعيد الرياضي لذا اعلن استعداده لسد هذا النقص واخذ على عاتقه المباشرة في تدريس مبادئ الرياضة محققا بذلك هدفين في آن واحد احدهما تدريس مادة الرياضة بشكل علمي واعطائها اهميتها التي يغمط حقها واستحقاقها الكثيرون وهو بهذا حقق انجازا رائعا حين تصدر فريق الكرة الطائرة لمدرستنا فرق البلدة و ايضا استطاع ان يجعل اوقات الفراغ لحصة درس الرياضة وقتا ممتعا لممارسة الرياضة البدنية ومن ثم مراجعة بعض التمارين لمادة الرياضيات التي يجدها بعض الطلبة صعبة الفهم وتمكينهم من الوصول الى حلولها الصحيحة فكان لنا في المدرسة اب وصديق ولم نعاني كغيرنا من طلبة المدارس الاخرى صعوبة في فهم مادة الرياضيات وحققت مدرستنا نجاحا بنسبة 100%في مادة الرياضات وهو تمييز آخر حسب لمدرستنا بفضل استاذنا المميز الذي لم يكن يسعى للحصول على درع التمييز وان كان هو الاحق به انما يعمل ذلك طلبا لرضا الرب عز وجل وإداء الامانة ولم يستعن بغير الله وارادته ونيته الحسنة .
اطالع كلمته:
الطالب المجد
اتنبأ لك بمستقبل زاهر فانت وزملائك عماد مستقبل بلدنا وهو امانة في اعناقكم واجدكم خير من يؤدي ما اوتمن عليه ..اشد على ايديكم واجد انكم ستبنون بلدنا وترتقون بواقعنا الذي نعمل سوية من اجل ان يكون زاهرا ومزدهرا ..بالعلم والعمل تبني ذاتك وبلدك…

مدرسك المخلص
انهى كلمته بالتوقيع..
رجل مميز لا يبحث عن الشهرة ولا يتحدث عن انجازاته فهي التي تتحدث عنه.
كلمات كأنها اضاءات من نور ..كلمات كان لها سبب في بناء شخصيتي واستمراري بمنهج الاجتهاد الذي تحقق بفضل التوجيه والمثابرة .
اذكر وجهه وتفاصيل الفصل الدراسي (اللحظات, الدقائق ,الايام ,الاسابيع ,الشهور ) وانتهى العام عام مميز في سلسة الاعوام الدراسية.

اعدت قراءة الكلمات لمرات عديدة وفي كل مرة ازداد امتنانا لشخص افنى حياته مخلصا لعمله فأثمر اخلاصه جيلا طيبا على انه لم يكرم بدرع التمييز ولم يبذل جهدا لنشر انجازاته على الملء وان كانت مهمة وكبيرة وعظيمة لأنها اثمرت رجالا مجتهدين .
سؤالي الذي يلح على الان …هل نجد في حاضرنا استاذا كأستاذنا المميز…؟ وهل تم تكريم مثل هذا الاستاذ…؟

أحدث المقالات

أحدث المقالات