23 ديسمبر، 2024 4:54 ص

اسباب تعطيل العملية السياسية في العراق و نتائجه 

اسباب تعطيل العملية السياسية في العراق و نتائجه 

التظاهرات و الاعتصامات و اقتحام المنطقة الخضراء بل و دخول مجلسي الوزراء و البرلمان من قبل المتظاهرين الغاضبين لم يكن لها نتائج تذكر و السبب هو رغبة المتظاهرين في الاصلاح على ان يتم من قبل النظام السياسي نفسه دون تغيير شامل له رغم فشله في بناء دولة حقيقية في العراق و على الرغم من فشل المتظاهرين في تحقيق ما يطالبون به حتى الان إلا ان اثار تحركهم و الصراعات السياسية الموجودة اصلا استطاعت ان تجبر الاحزاب على تغيير قواعد اللعب فيما بينها فعلى الرغم من اتفاقها على مبدأ واحد و هو المكاسب اولا إلا ان سبل حماية كل حزب لمكاسبه و مصالحه تختلف عن الاخر .

ان حالة الشلل التي اصابت العملية السياسية بعد اقتحام المتظاهرين للمنطقة الخضراء سببه فقدان الثقة بين الاحزاب و كذلك الانهيارات التي تعرضت لها التحالفات السياسية فاعتبار المتظاهرين الذي اقتحموا المنطقة الخضراء من اتباع التيار الصدري يعني ان تمردا حدث داخل البيت الشيعي الامر الذي سيدفع المكونات الاخرى الى الحذر من أي اتفاق سياسي مع التحالف الوطني ما لم يقدم الاخير ضمانات على عدم تكرار ما فعله انصار التيار الصدري و على هذا الاساس قدم العبادي اعتذارا غير مباشر عندما اعتبر مقتحمي المنطقة الخضراء مندسين و كذلك اوامره بتشديد الحراسة على المنطقة الخضراء خصوصا بعد ان اتهمته الاحزاب بالتساهل و عدم مواجهته للمتظاهرين بحزم.

و كذلك التمرد الذي حدث في البرلمان نفسه و اعلان بعض النواب الاعتصام ثم تشكيلهم لكتلة الاصلاح التي اقالت هيئة الرئاسة في مجلس النواب و حاولت اقالة رئيسي الجمهورية و الوزراء على الرغم من ان النواب المعتصمين ينتمون الى الكتل التي تنتمي لها الرئاسات الثلاث بل و رفضهم ( النواب المعتصمين ) لهيمنة رؤساء الكتل على القرار السياسي و كذلك رفضهم للمحاصصة في خطوة لا علاقة لها بالاصلاح الحقيقي الذي يطالب به الشعب لكنها تفتح الباب لازمة جديدة في البرلمان تشغل الشعب العراقي بدلا من ازمة حكومة العبادي التي يفترض ان تكون مستقلة فانشغال البرلمان بأزمة داخلية يجعل التصويت على حكومة جديدة في غاية الصعوبة و بالتالي بقاء الامور كما هي عليه و رغم كشف السبب وراء تمرد النواب و انشقاقهم عن كتلهم إلا ان التساؤلات عن الذي يقف وراء تصدع الاحزاب مستمرة و تعطيل البرلمان بحجة العطلة التشريعية رغم الازمات التي تعصف بالعراق ابرز نتائج فقدان الثقة بين الاحزاب و على هذا الاساس عطلت العمل السياسي في البلد لاعادة هيكلة اتفاقاتها السياسية لتتناسب مع التطورات الاخيرة.

ان هشاشة النظام السياسي في العراقي و فقدان الاحزاب المشاركة فيه للثقة فيما بينها امرا طبيعيا لأنه ( النظام ) بني على اساس ضعيف بعيدا عن الاسس المتعارف عليها فالاتفاقات السياسية و وثائق الشرف هي التي تنضم العمل السياسي بدلا من الدستور الذي يفترض ان يكون مرجعا لحللة الازمات السياسية و خضوع الاتفاقات السياسية لمزاجات رؤساء الكتل يجعلها معرضة للانهيار متى ما اراد رؤساء الكتل ذلك و كذلك تضارب مصالح الاحزاب و الكتل السياسية يجعل من استقرار العملية السياسية امرا شبه مستحيل و النتيجة هي ان العراق و شعبه لا طائل لهما مما يحدث فأتفاق الاحزاب يعني زيادة مكاسبها و اختلافها يعني ان الشعب هو الضحية.