مازالت الاجيال السابقة تتذكر بحسرة فاجعة ملعب الشعب عندما خسر منتخبنا الاولمبي مع شقيقه الكويتي في المباراة الفاصلة المؤهلة للنهائيات الاولمبية, حيث تقدم منتخبنا في الشوط الاول بهدفين للنجم نزار اشرف, مع تشجيع كبير من خمسون الف مشجع غص بهم ملعب الشعب, لكن حصلت الفاجعة في الشوط الثاني والذي شهد انقلاب المباراة وتحقيق الكويتيين لريمونتادا تاريخية ليفوزوا بثلاثة اهداف مقابل هدفين, وليفوزوا بتذكرة الصعود الوحيدة للنهائيات الاولمبية, لتعيش الجماهير العراقية ليالي شديدة الحزن.
هنا نحاول فهم ما حدث, ومن السبب الحقيقي في حدوث الفاجعة الكروية, وموت حلم العراقيين.
· عمو بابا يقود المنتخب
بعد ان حقق المدرب عموبابا نجاحات كبيرة في عام 1979 مع المنتخب العراقي, وكان اهمها الفوز بكاس الخليج وكاس العالم العسكري, ليستمر مع المنتخب, وكان في ذلك الزمن المنتخب الوطني والالمبي منتخب واحد, لذلك في نهاية شهر كانون الثاني استدعى عمو بابا التشكيل المناسب, والذي شهد غياب الثنائي الزورائي فلاح حسن وعلي كاظم للاصابة.
وكان مخطط من قبل الاتحاد لعب بعض المباريات الودية بغرض الاستعداد الجيد, لكن كانت هنالك خلافات كبيرة داخل الاتحاد, مع توسع تدخل الحزب الحاكم بكل شيء.
وقد خاض ثلاث مباريات ودية: مبارتين ضد نادي بولتكنيكا الروماني فاز بالاولى وخسر الثانية, ثم لعب مباراة ضد نادي الوكرين الدانماركي وفاز منتخبنا فيها,
· اقالة عموبابا
كان رئيس الاتحاد مع مؤيد البدري في تصعيد كبير ضد عموبابا بهدف ابعاده عن المنتخب, وبعد هذه المباريات الثلاثة الودية قرر الاتحاد اقالة عموبابا, بالتحديد قبل 21 يوم من انطلاق التصفيات الحاسمة, في تصرف غبي من القائمين على الكرة العراقية, وتشكيل لجنة للاشراف على المنتخب مؤلفة من شوقي عبود وواثق ناجي وزيا اسحق ومحمد ثامر وباسل مهدي, لكن اللجنة هذه وضعت صلاحياتها بيد المدرب واثق ناجي ليكون هو المدرب الاول للمنتخب.
· ثلاث وديات قبل التصفيات
لعب منتخبنا وديا مباراة ثانية ضد نادي الوكرين الدانماركي وفاز فيها 3-2سجلها نزار اشرف هدفين وحسين سعيد, ثم لعب ضد المنتخب البولندي مبارتين, تعادل في الاولى 1-1 سجله مهدي جاسم, ثم فاز في الثانية بهدف نزار اشرف, وظهر تراجع كبير في مستوى حسين سعيد وتاثر واضح لغياب فلاح حسن وعلي كاظم, مما ينذر بضعف شديد في الهجوم العراقي.
· تغييرات قبل التصفيات بايام
قبل اسبوع من انطلاق التصفيات حصلت قرارات مخيفة في محاولة لاصلاح الخلل الكبير في المنتخب, حيث قررت الهئية التدريبية المشرفة على المنتخب بقيادة المدرب واثق ناجي استدعاء المهاجمين ضرغام الحيدري (الصناعة) وجليل حنون (الميناء) ومهدي عبد الصاحب (الطلبة), كما قررت في الوقت ذاته ابعاد كل عبد الاله عبد الواحد (الزوراء) وحسن علي فنجان (الجيش) وعلي حسين محمود وفيصل عزيز (الشرطة) وحارس محمد (الطلبة) لاصابته ! في مسعى لدعم خط الهجوم الذي لايزال يعاني لغياب فلاح حسن وعلي كاظم.
وهذه القرارات كانت يجب ان تكون خلال فترة الاعداد وليس بعد انتهاء المباريات الاعدادية, وقبل اسبوع من انطلاق التصفيات.
وكانت التشكيل النهائي من 15 لاعب فقط.. وهي: رعد حمودي- كاظم شبيب – عدنان درجال – حسن فرحان(كابتن) – واثق اسود – ابراهيم علي – ناظم شاكر – علاء احمد – هادي احمد – ضرغام مهدي – عادل خضير – حسين سعيد – جليل حنون – نزار اشرف – مهدي جاسم.
· انطلاق التصفيات في بغداد
كانت المجموعة تتكون من العراق والكويت وسوريا والاردن واليمن الديمقراطي, ونص نظام البطولة تجري التصفيات بنظام الدوري على ان تقام لاحقا مباراة فاصلة بين الاول والثاني, وفاز منتخبنا في الافتتاح ضد الاردن باربعة لصفر سجلها هادي احمد هدفين ومهدي جاسم وحسين سعيد, ثم تغلب في المبارة الثانية بصعوبة على سوريا بهدف يتيم سجله نزار اشرف, ثم تعادل منتخبنا مع الكويت سلبيا, وفي المباراة الرابعة فاز منتخبنا على اليمن الديمقراطي بثلاث اهداف مقابل لا شيء, احتل العراق المركز الاول برصيد (7) نقاط بفارق الاهداف عن الكويت, وطبقا لنظام التصفيات, فقد توجب ان يلعب الاول والثاني مباراة حاسمة (بلاي اوف) لتحديد هوية الفريق المتاهل.
· مباراة النكسة
في المباراة الحاسمة عاد المدرب لاشراك الحارس رعد حمودي, فيما تراجع عادل خضير مع المدافعين مع تاثر غياب ناظم شاكر المعاقب من الاتحاد, فاسحا المجال لضرغام الحيدري لتكملة ثلاثي الوسط مع هادي وعلاء احمد ! فيما بقي التشكيل العراقي المتبقي على حاله ! توقع الجميع ان الحسم سيكون عراقيا .. وفعلا بدا منتخبنا بداية قوية .. ففي الدقيقة الخامسة استغل المهاجم نزار اشرف الفرصة التي تهيات له امام المرمى الكويتي وهز بها شباك الطرابلسي ! لتنفرج اسارير الجماهير ويشتد هجوم منتخبنا فيما انكفا الكويتيون في مناطق دفاعهم, ولاحت فرصة لحسين سعيد لتوسيع الفارق عند الدقيقة 28, بعد ان استلم كرة خاطئة من الطرابلسي انفرد بالمرمى لكنه اطاح بها عالية من فوق العارضة, واستمر الهجوم العراقي, وقبل ان يطلق الحكم صافرة نهاية الشوط الاول, اقتنص نزار اشرف كرة ثمينة اسكنها شباك الكويتيين, ليخرج منتخبنا الى الاستراحة وهو ضامن التاهل بشكل كبير.
في الشوط الثاني استمر منتخبنا في الهجوم, واضاع ضرغام فرصة لزيادة الغلة! ليحدث المنعطف بعد ذلك ! ففي تلك الاثناء, فاجانا مدرب المنتخب واثق ناجي باخراج المهاجم نزار اشرف الذي كان اكثر المهاجمين انتاجا في تلك المباراة, وادخال البديل مهدي جاسم, دون ان يكون هناك اي مبرر لهذا التبديل,بل كان عليه اخراج حسين سعيد الذي كان غير جيد في المباراة.
لتتسارع الدقائق بعد ذلك ويحصل الكوتيون على ركلة جزاء قللوا بها الفارق عند الدقيقة 61, ليضيفوا بعد دقيقتين لا اكثر هدفهم الثاني الذي كان هدف التعادل, ليضيع منتخبنا في الملعب اثر اهتزاز اعصاب اللاعبين الذين فقدوا التركيز ليمنحوا الكويتيين فرصة افضل للتحرك في الملعب, ويسجل النجم جاسم يعقوب الاصابة الثالثة التي كانت بمثابة رصاصة الرحمة لمنتخبنا, فيما كانت تلك اول خسارة لمنتخبنا مع الكويت في بغداد .