قبل ايام اضطر رافد جبوري على تقديم استقالته من عمله كأحد المتحدثين بأسم رئيس الحكومة حيدر العبادي، وكان الرجل شجاعاً بحيث ابعد الضغوط عن العبادي مضحياً بوظيفته المرموقة. ولو كان هناك من يحترم الشجعان لما اضطروه الى مغادرة وظيفته التي كان أداؤه فيها رائعاً. وكل جريمة جبوري انه كان قد غنى نشيداً لصدام، لم يذاع فحسبت عليه كأحدى الكبائر. ولم يحسب له موقفه الاخير الذي اتسم بالتضحية بوظيفته ليمنع عن رئيسه القيل والقال، واوار حرب تسقيطيه شعواء.
وقبل يومين تعرض وزير الدفاع(العبيدي) الى تهمة اقرب ما تكون الى الخيانة الوطنية، حيث قالت عنه احدى النائبات بأنه لا يستحق منصبه لان سكرتيره الصحفي كان يعمل سكرتيراً لدى عدي ابن صدام! تلك في نظرها كبيرة الكبائرهي الاخرى. وحتى لو كان قد فعل ذلك ، فعذره ان اي صحفي لا يجد فرصته للعمل الا في الصحافة ، وكانت كل الصحف وقتذاك تدار من قبل صدام وعدي ، فماذا يستطيع ان يفعل (الشريفي) اذا كان الحال هكذا؟
والحقيقة الاخرى التي لاتعرفها النائبة هي أن(الشريفي) آنذاك كان في عمر الشباب، وكان الكثير من الشباب مندفعون وراء شعارات صدام، ولكن(علي) لم يكن كذلك فقد عمل في الصحافة على اساس العقد حيناً، وبأجور يومية حيناً آخر، ولم يكن بعثياً متقدماً، ولا من اصحاب المراكز المرموقة، بل كان شاباً ملؤه الحماس لمهنته الصحافية فأين يعمل؟! ووقتها لم تكن شبكة الاعلام موجودة، ولم تكن له علاقة في ذلك الوقت بعلي الشلاه حتى يستجير به (الشريفي) ليجد له عملاً آخر !!
الغريب أن هناك حرباً ضروساً بين سياسي هذا الزمان وقودها صغار البعثيين السابقين وليس كبارهم، من كانوا بعثيين أو عملو في دوائر الدولة المرموقه في عهد صدام حسين. وكثير من الناس لم يكونوا يحبون صدام، ولكنهم مضطرون أن يعملوا في دوائر غير أمنية ليعيشوا.. وكان الاعلاميون من بين هذه الفئات ممن لم يجدوا فرصة للعمل في خارج المؤسسات الصحفية الحكومية أو التي يديرها عدي.. وهذا لايعني أنهم مغرقون في بعثيتهم، بل لأنهم يريدون أن يعيشوا.. وليس عندهم خيار غير ذلك!
لكن المفارقة إن من يشهر بهم حالياً في الحرب البينية بين سلاطين الحكم في هذا الوقت، انما ينظر الى الامر بعين واحدة.. فكثير من من كانوا في الصفوف الاولى في العهد البائد هم اليوم في مراكز رفيعه في الدولة الجديدة.. ولايستطيع أي احد أن يذكرهم بسوء.. ويكفي أن نذكر أن القيادة العامة للقوات المسلحة، أو مايشبهها في عام 2008 كان عديدها ثلاثة وعشرين شخصاً، من بينهم ثمانية عشر شخصاً مشمولون بالاجتثاث، ولكن رئيس الوزراء(المالكي) أستثناهم حسب الصلاحية المخولة له دستورياً.. فلماذا سكت الجميع وقتها وبعد وقتها ولم يذكر أحد من سلاطين هذا الزمان اعضاء القيادة العامة أولئك بسوء.. بينما يصرخ بعلو صوته ويشعل الحرائق لأن احد منتسبي مكتب العبادي غنى نشيداً لصدام ولم يذاع في وقتها، وآخر كان يعمل صحفياً في عهد أممت فيه الصحافة بكاملها؟! وما أهمية منصبي جبوري والشريفي آنذاك ليحاسبا ويبعدا عن وظائفهما اليوم أمام قائد عمليات لأحدى المحافظات عرف عنه انه قتل المئات من المنتفضين عام 1991 وغفر له كبير السلاطين كل ذنوبه بل وكافأه بمنصب رفيع في عراق مابعد التحرير ؟
اخيراً ..اقول عيب عليكم ان تسلكوا هذا المسلك المشين في حروبكم المصلحية. فأذا كنتم مخلصين كما تدعون فما كان عليكم ان تفتكو بالصغير وتقدموا الكبير ممن كانوا يشغلون مناصب متقدمة في عهد صدام وعهد مابعده .. لكن على من نعتب اذا كان من بيدهم الامر لايستحقون العتب ؟!!