19 ديسمبر، 2024 12:47 ص

اسألوا البحر كم اكلت منا الاسماك والحيتان

اسألوا البحر كم اكلت منا الاسماك والحيتان

تعودنا  نحن العرب  وبعد  ثورة  الربيع العربي  ان نكون  المتميزين المتفوقين في كل شيء حتى الرياضة لم تخلوا من تميزنا  وتفردنا بتحقيق البطولات  والجولات والصولات ..  فمن منا ينكر تميزنا في  ركضة الماراثون .. وسباقاتنا في  هذه الركضة  تختلف عن السباقات المتعارف عليها في العالم .. فهي سباقات  تتمثل بالشمولية والعبثية  سباقات غير منظمة  وبلا اتجاه  ..  نركض ليس بارادتنا بل بارادة  من يشهر السلاح بوجهنا  من اصحاب الولاية  حاملي الراية  .. نركض بلا اتجاه  خوفا من موت محقق  .. نتمرد ومن ثم نتشرد نسكن  الخيام خوفا من غدر اللئام .. وان تجرأنا وتجاوزنا الحدود  فالموت يلاحقنا  .. بتنا  لانحمل هوية  بتنا بلا عنوان  ولا مكان  ..  اصبحنا نردد مع انفسنا  .. ” كان يا ما كان  في قديم الزمان ..  كان هناك شعب  شبعان وفي ليلة وضحاها بات هذا الشعب  متشردا جوعان”  .. خرجنا جموعا  نتمرد على فلان وفلان واتهمناهم بالطغيان  فحطمنا البنيان ولم نكسب من تمردنا غير مزيدا من الموت  في ارض باتت  حرارتها اقوى من حرارة  البركان .. ولم يسلم من  هذا البلاء  انسان  سواء كان في العراق او سوريا او ليبيا او اليمن او لبنان .. اسألوا البحر كم اكلت منا الاسماك والحيتان .. حشدونا  في ربيعنا العربي ليأكلونا  جعلونا اشبه  بقطيع الخرفان ” يمعمع ”  طلبا للنجاة  .. اخبروني برب الكعبة ماذا جنينا  من الربيع العربي.. الم نجني  موت ابدي وآهات وونات .. لنترك العروبة  ونتكلم عن العراق  .. بلد المليوني نازح  والمليوني شهيد والمليوني معوق ومليوني ارملة ومليوني عاطل عن العمل  و و و .. اخبروني كم نازح ومهجر لدينا وكم  سيكون عددهم بعد  اجتياح الموصل  وتحريرها من داعش وحتما ستكون هناك ضحايا  وسبايا  .. وحتما سيكون السكان  ضحايا  وسترتكب عناصر داعش مزيدا من الخطايا .. وحتما سيكون هناك نزوح  الى الجبال والسفوح  لا خوفا من داعش  بل خوفا من ارتكابها الفواحش .. اخبروني برب الكعبة  في اي عصر نعيش  .. الكل يهاجر والمهجرين  لم  يهاجروا بارادتهم  بل هُجِروا بارادة الغير  وان  لجوء المهاجرين الى خارج البلاد عار على  المسؤولين والحكومات  لان المهاجرين حتما هم اكثر شرفا واكثر كرامة من كثير من  المحسوبين على الوطن  من الذين ينادون بالقيم النبيلة  وهم بلا قيم او شرف  .. فصبرا  ايها العراقيون  المشردون  انكم لم تهاجروا من بلادكم بل هُجرتم بدون ارادتكم وان لجوئكم عار على كل العراقيين .. انكم هاجرتم لانكم تحديتم قساوة الانسان لاخيه الانسان .. هاجرتم وتغربتم  واخترتم ان تلقوا انفسكم في ظلام الموت بدلا من ضوء الانفجارات  .. انكم رفضتم ان تكونوا  كرة في ملعب التآمر الدولي .. انكم  الرئة التي يتنفس منها العراق .. رغم غربتكم  فانكم الحياة  انكم الارادة  ..ارادة ان  يكون الانسان انسان  .. ان يترك نزوات  الشيطان في زمن  انتشرت فيه الاكفان  وبات الانسان دفان  .. انه زمن التطبيل والتزمير ونشر  الاكفان .وبحسب روايات المختصين في شؤون الهجرة ان مدينة الموصل ستشهد  مزيدا من عمليات النزوح  .. وحتما سيرافق هذه العملية وقوع ضحايا  مثلما حصل في مناطق  عديدة حررتها القوات العراقية في وقت سابق وسيضاف رقما جديدا للارقام  ليتجاوز حجمه حجم الاقزام  .. لقد اخترت ايها المهاجر ان تلقي بنفسك في احضان المجهول بدل احضان الجنون  اخترت ان تطمئن الى نوايا البحر  اكثر من اطمأنانك الى  نوايا  المستبدين الحاكمين  .. نقف لك اجلالا  واحتراما لانك  عبرت عن ذاتك وادرت ظهرك  للكراهية  لتعيش بكرامة ابدية  .. بعيدا عن الصراعات السياسية  والعسكرية .. تحية لك ايها المهاجر لقد اجتزت البحار وعبرت الانهار  وعرضت نفسك للاخطار  لتزرع حديقة بيتك بالرياحين والازهار  .. تحية لك ايها المهاجر .. تحية لك ايها المهاجر