9 أبريل، 2024 12:27 ص
Search
Close this search box.

ازيحت قنبلة نووية من طريق الحرير

Facebook
Twitter
LinkedIn

في اواسط الخمسينات من القرن الماضي كانت بدايات التطلع الايراني صوب الطاقة النووية والذي اتخذ سعيا جديا وعمليا في بداية السبعينات حيث بدأ شاه ايران يأخذ الامر بجدية اكبر وبدا ببناء المحطات النووية بدعم امريكي سعيا لجعل ايران قوة اقليمية عظمى . بعد الثورة الايرانية والاطاحة بحكم الشاه لم يكن ممكنا تواصل العمل بالمنشأت النووية واستكمالها ، خصوصا وان الحرب الامريكية التي شنها صدام بالنيابة على ايران لم تكن تسمح بذلك ، في التسعينات بدأت ايران بنهضة كبرى في كل مجالات الحياة ، طبعا عدا تلك المتعلقة بحقوق الانسان ، وكان من ضمن مشاريع نهضتها استكمال مابداه الشاه في مجال الطاقة النووية .
لا يمكن الجزم بدوافع الاهتمام بالطاقة النووية لكن الاكيد ان حلم الشاه بدولة عظمى لها نفوذها على دول الاقليم قد ورثه حكام ايران الجدد ، والعالم ظل صامتا او غير مبال وهو يرى ايران تحبو صوب دخول عالم الدول النووية ، ربما كانوا يشككون بقدرات الايرانيين الذاتية وربما ارادوا ان يستنفذوا هذه القدرات ويوصلوها الى مرحلة يصبح ضربها والقضاء عليها ممكنا بعد انهاك ايران اقتصاديا مثلما فعلوا بالمفاعل النووي العراقي ، المهم ان التصعيد الغربي والاسرائيلي بدأ مع بداية حكم احمدي نجاد واتضاح رؤيته وتصريحاته العلنية تجاه اسرائيل ، هنا بدأت لعبة على مستوى لم يكن سهلا فهمها ، هذه اللعبة يدركها لاعبيها فقط وهم الامريكيين والايرانيين ، امريكا من جانبها صورت لدول الخليج ان ايران قاب قوسين او ادنى من امتلاك قنبلة نووية شيعية ، وركزت جدا على المفردة الاخيرة ، لانها تعرف جيدا مَن تخاطب ، فيما ايران من جانبها اوضحت ان برنامجها للاغراض السلمية لكنها لم تخفي اصرارها المريب على هذا البرنامج .
الفتوى الايرانية بحرمة صنع اسلحة الدمار الشامل لم تنجح في ان تبعث برسالة اطمئنان للخائفين من قنبلة ايران النووية ، ولا يمكن ان تقنع احدا عاقلا ، فليس من المعقول مثلا ان تخلوا ترسانة الجيش الايراني من الاسلحة الكيميائية ، وهي اسلحة دمار شامل ، ولا من المعقول ان ترى ايران طريق الحرير معبدا بالقنابل النووية فيما يعبد بالزهور في اراضيها ، ولا من المعقول ان تدفع ايران كل هذه الاثمان الباهضة دفاعا عن برنامجها وهي لاتنوي صنع قنبلة نووية ، فما الذي حدث لايران لتقبل بتوقيع اتفاق يسلبها حلمها بايران العظمى ومالذي حدث لامريكا لتقبل بتوقيع الاتفاق على خلاف رغبة التوأمين اسرائيل والسعودية ؟ في حسابات البيدر والحقل ايران الرابح الاكبر لو انها فعلا لم تكن تنوي صنع قنبلة نووية ، لكن هذا افتراض بعيد عن المنطق ، لذا فايران خسرت شيئا وربحت اشياء ، فهي ربحت عدم استخدام القوة الامريكية للاطاحة بالاسد وربحت تفرجا امريكيا من بعيد على الاحداث في العراق ولبنان  وربحت امكانية انتاج وقودها النووي بنفسها وربحت الخلاص من طوق الحصار المفروض عليها ، والاهم جنبت نفسها حربا يستحيل الانتصار فيها فضلا عن انها ستعيدها قرونا للخلف .
في المقابل لم يكن يتوقع من اوباما ( الديمقراطي ) غير هذا النهج ، فالتجربة وعلى مدى عقود بينت ان الحزب الديمقراطي يعمل على تحقيق المصالح الامريكية بالقوة الناعمة عكس الحزب الجمهوري الميال دوما لانتهاج سياسة الحروب ، طبعا امريكا ربحت في الاتفاق وهو يشكل نصرا لها باعتبارها نجحت في منع ايران من الحصول على القنبلة النووية دون اللجوء الى ضربة عسكرية مجهولة العواقب قد تطيح بامريكا كاكبر قوة اقتصادية في العالم ، مصاعب الاقتصاد الامريكي حاليا لاتعتبر اولوية لاسرائيل او السعودية لكنها تشكل اولوية لاوباما وفريقه ، لذا ترى اسرائيل والسعودية حانقين على هذا الاتفاق وابدوا انزعاجا واضحا منه رغم الترحيب الدولي ، والانزعاج الاسرائيلي مبرر ومفهوم باعتبار ماصدر من تصريحات ايرانية تبشر بزوال اسرائيل لكن الانزعاج السعودية كان يمكن ان يشكل لغزا لولا وضوح النهج الطائفي الاعمى الذي يسيطر على عقلية العائلة المالكة ، فالسعودية ترغب بزوال ايران اكثر من رغبة ايران بزوال اسرائيل ، مع ان العقل والمنطق يجب ان يدفعا السعودية الى علاقات جيدة وحميمة مع ايران لدواعي المصلحة واستقرار المنطقة وايضا كورقة يمكن ان تنفع السعودية في يوم ما قد تلجأ فيه للبعد عن امريكا او معاقبتها خصوصا وان امريكا ليس لها حليف دائم ومصالحها فوق كل الاعتبارات ، وما الخذلان الذي شعرت به السعودية من الموقف الامريكي اتجاه سوريا والاتفاق النووي الاخير الا دليل على ذلك وتعبيرا على موسم الاحباط الذي يمر به ال سعود .
اما نحن في العراق وتأثيرات مثل هذا الاتفاق علينا فلا يمكن الجزم الا بضعف التأثير العراقي وقوة التأثر فوسط هذه الفوضى الامنية والفساد الذي يضرب اطناب البلاد طولا وعرضا لا يمكن ان يكون لنا اي دور وكان يمكن ان يكون مثل هذا الاتفاق مفيدا للعراق لو انه انتج اتفاقا او تقاربا سعوديا ايرانيا ، فالتوافق الايراني الامريكي فيما يخص الشأن العراقي قديم ومفعل وما ينقصنا هو التفاهم مع السعودية ان اردنا ان نقضي ليلة بدون انفجارات . وسنكتفي بما يسفر عنه الاتفاق من تمهيد لمؤتمر جنيف قد ينعكس ايجابا في حل المعضلة السورية .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب