18 ديسمبر، 2024 11:59 م

ازوًر ام لا ازوًر….

ازوًر ام لا ازوًر….

لجنة النزاهة البرلمانية قالت إن ثلاثين ألف موظف في الدولة العراقية دخلوا الوظيفة بشهادة مزوّرة، وإن ألفي مسؤول كبير “بدرجة وزير أو وكيل وزير أو مدير عام إضافة إلى بعض النوّاب” أصبحوا بفضل تزوير شهاداتهم مسؤولين و.. كباراً.
 وأنا أقرأ هذا الخبر تذكرت أيام الثمانينات، أيام كان كثير من شباب العراق مزورين محترفين كان التزوير يدعو للفخر لأن من يقوم به يريد أن ينقذ حياته وحياة من يزوّر له الوثائق من سلطة غاشمة ويقف بالضدّ من نظام يسوق الجموع إلى محرقةٍ بدا وقتها وكأنها بلا نهاية ولأنّ في الأمر مغامرة تجعل المزوّر عدواً لأقسى جهاز أمنٍ في العالم.
 كان صديق لي مزوًر محترف فصُل من الكلية  لأنه لم يشترك في معسكرات التدريب على السلاح في 1987 حيث الحرب مع ايران فقرر اخونا أن لا يلتحق بالجيش وكان لا بد له الا ان يتعامل مع جيش آخر صار له منهم أصدقاء الا وهو جيش مزوري الهويات والوثائق وأوراق الإجازات العسكرية.
كانوا يزوّرون كلّ شيء تقريباً .
صديق له كان يزوّر هوية انضباط عسكريّ “هل تتذكرون الزنابير؟” هو مغرم بتزوير هوية الكائن الذي يسبب لنا الرعب حتى في أحلامنا وأدوات التزوير مضحكة أحيانا نعال إسفنجي يمكن أن يكون ختماً لوزارة الدفاع أو ختم كلية الفنون الجميلة.
 كم من مرة قبض علينا يقول صاحبنا لكنّ أغرب حادثة وقعت له حين كان يسير بهوية لصديقي “وكان طالب كلية” وضعت فيها صورته بالتزويرالمحكم للغاية لكن حظه العاثر جعل الزنبور الذي أمسك بي صديقاً لعائلة صديقي صاحب الهوية ويعرفه جيداً والتقى بصديقي قبل لحظات
قُبض عليه وقتها وحجز لساعات وكانت تنتظره عقوبات قد تصل للإعدام “فرار من الجيش وتزوير وثائق ولم ينقذه إلا نقيب في الشرطة هو ذاته صديقي المزوًر مزّق الهوية وقال لي: افلتْ .. الكط اللاين فلكطته
 شكرته مراراً من قبلُ وبعد حادثة القبض عليّ متلبساً ففر من العراق لفترة طويلة استمرت 18 سنة ولم يعد صديقي إلا بعد سقوط صدام الرئيس الذي كانت أهون خطاياه أنه أجبره على التزوير
 كان مزوّراً حين كان التزوير بطولة ومنقذاً من الموت أما اليوم فإن التزوير بات يصنع وزراء وبرلمانيين ووكلاء وزراء ومدراء عامين وكم يشعر بالندم هو الان ويقول ضيّعت مستقبلي على هذا النحو المفجع لم أكمل دراستي وتغربت طويلاً بينما بمقدوري العودة إلى خبرتي القديمة لأصبح وكيل وزير أو على الأقل رئيس مجلس بلديّ !!
يفكر صاحبنا بجدّ في تزوير وثائق تجعل له راتباً فلكياً وتدخله في عصابة الصفقات المشبوهة وتركبه سيارة مصفحة وتجعل له حماية ويسمونه سيادة النائب أو معالي الوزير يشعر بالحيف أنه ليس بينه وبين أن أكون وزيراً أو وكيل وزير أو نائباً في البرلمان الا ورقة مزورة !

هذا لن يمر سلامات على الذي تلاعب بمقدرات العراقيين فسوف يأتي يوم الحساب عاجلا ام اجل باذن الله

فسؤال صديقي الان ما رأيكم …. أزوّر أم لا أزوّر؟! ونحن نقول لا تزور فلا يصح الا الصيح