20 مايو، 2024 8:10 م
Search
Close this search box.

ازمة مثقفين

Facebook
Twitter
LinkedIn

اثبت بما لا يقبل ادنى شك ان سبب معانات المجتمع  الاسلامي وخاصة العربي  هو  مثقفيه وليس جهلائه فالمثقف العربي يرى نفسه انه ارقى وافضل واكثر علما ومعرفة وعلى  الذي اقل معرفة ان يصعد اليه وهذا مستحيل لهذا نرى المثقف معزول عن الجماهير بعيد عن القاعدة بل انه يعيش في واد والناس في واد  وهكذا اما يصاب بمرض  الغرور وفي هذه الحالة يصاب بالعزلة او التقرب الى الطغاة
 فالمثقف يرى في كل ما هو موجود خطأ وغير صحيح ويجب الغاء حرقه القفز عليه وهذه جريمة بحق المثقف وبحق الاخرين جميعا
لهذا على المثقف ان ينزل الى مستوى الناس الى واقع الناس ويتعامل معهم ويعيش نفس المستوى ثم يعمل على رفع ذلك المستوى تدريجيا
ليس من الحكمة  ان يقوم المثقف بالاصطدام مع عقائد الاخرين مهما كانت غير مقبولة وغير عقلانية بل يجب احترامها ثم محاولة نقد السلبيات لا من خلال فكر اخر مضاد بل من خلال الفكر الاعتقاد نفسه
فعندما تنتقد بعض السلبيات في ما يحدث في تصرفات وعادات بعض المسلمين يجب ان يكون  منطلقا من الاسلام ومستندا الى الاسلام ومن الاسلام نفسه وبهذا يمكن للمثقف ان يطرح رأيه  بحرية ومن الممكن ان يكسب البعض الى جانبه وفي نفس الوقت يجعل من رد الفعل لدى المقابل ليس بتلك الحدة وحتى لو رد البعض  فيكون الرد ليس بالرد القاتل لان الرد مستند الى نفس المنطلق  كما له القدرة على الدفاع اذا لم اقل التصدي
فالامور لا تحقق برغبات الاشخاص فكثير من المثقفين والمفكرين واهل العلم والمعرفة طرحوا افكار من افلاطون الى الانبياء الى ابي ذر والامام علي لكن تلك الافكار بقيت حبرا على ورق لان  الظروف غير مهيأة لها الا انها بدأت تتفاعل باعتبارها افكار ونتيجة لهذا التفاعل  ولدت افكار جديدة هذا بالنسبة للافكار التي دعت الى الاصلاح والتغيير بالطرق السلمية
في حين نرى الافكار التي استخدمت القوة والثورة نجحت وفرضت نفسها نتيجة للقوة وليست نتيجة لقناعة الناس بها لهذا نرى هذه الافكار تراجعت بل فشلت رغم صحة تلك الافكار ونبلها لانها لم تهضم من قبل الجماهير بل كانت بعيدة عنها كما ان الذين دعوا الى تطبيقها هم انفسهم كانوا مخالفين لها فكانت افعالهم تخالف اقوالهم وكان في كل ذلك الضحية هي الجماهير
والدليل ما حدث للمعسكر الاشتراكي فهذا الفكر فرض بالقوة وبمجرد زوال تلك القوة عاد الوضع الى طبيعته الحقيقية
فالمثقف يكتب للناس العادين للاغلبية لا للاقلية لا للنخبة يسعى لتغيير قناعات الاغلبية لا الاقلية يسعى لتجديد لتطوير عقلياتهم بدون ان يصطدم معهم  ويكون بعيد عن الحكومة والحكام يقول الكاتب المعروف  رسول حمزاتوف
ان المثقف الحقيقي قليل الظهور بسبب الصراع على السلطة ومن يناضل من اجل السلطة ليس مثقفا
فالمثقف كثير ما يتهم الاخرين بالتخلف والجهل لا يدري ان هذه الحالة التي يعيشها هؤلاء هي مرحلة  محددة من عمر المجتمع كاي مرحلة من مراحل عمر الانسان فالطفل في عمر الست او السبع سنوات ليس متخلف وانما هذه هي حالته يتطلب النزول اليه ومواكبة عقليته ومعرفته وكذلك المجتمعات التي تعيش في مراحل العشائرية الدينية فلابد من الانطللاق من واقعها ثم رفع مستواها
هذا يعني على المثقف ان يكون معلما ومدرسا للشعب وخاصة الاغلبية الساحقة من ابناء الشعب تلك  اي تلك الشرائح المهمشة او التي هشمت بقصد او غير قصد وبث روح الامل والتفاؤل في نفوسها وزرع الثقة والقدرة والقوة على المواجهة والنصر وهذا لا يأتي الا من خلال  تنازل  المثقفين الى مستوى هذا الشرائح والتحدث معها وفق عقولها كما ان المعلم يتنازل ويعلم الاطفال في مرحلة عمرية معينة في ست  او سبع سنوات ويعلمهم دار دور نار نور فالقصد ليس الدار والدور والنار والنور القصد ان بناء اجيال علم وعمل في كل الاختصاصات العلمية ولولا  قيامهم بالدار والدور لم نصل الى ما نريد ولو بدأنا بمستوى اعلى من ذلك ربما لا نحصل على المطلوب ومن هذه الحقيقة يجب ان ينطلق المثقفين في تطور وتقدم الشعوب في كل المجالات
 لهذا يتطلب من المثقفين ان يكونوا بهذا المستوى ان يتحدثوا اليهم وفق مستوياتهم ووفق عقلياتهم  وهذا للاسف لم يحدث لدى الكثير من المثقفين
لهذا يتطلب فصل المثقف تماما عن السياسي   كما يجب ان يشعر ويدرك المثقف انه ارقى واعلى مستوى من السياسي وعليه ان يجبر السياسي ان يلتجئ  اليه ويدور الى جانبه في الوقت نفسه ان ينزل الى الجماهير ويتعلم منهم  ويترجم معاناتهم طموحاتهم تطلعاتهم وحثهم ودفعهم الى الامام لتحقيق ذلك فالمثقف لا يبني مدرسة ولا معمل ولا يقضي على الامية والجهل وانما الجماهير هي التي تفعل ذلك

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب