افرزت ازمة كورونا على القوى الاجتماعية بوجوب اشراكها بالحفاظ على الحياة على كل المستويات لان إمكانيات الدولة العراقية محدودة مهما كبرت ، وأن العمل الاجتماعي والسياسي يعضدان استمرار الدولة والمساهمة في إدارة الأزمات ، وقد فرضت الجائحة على الجميع بضرورة التعاون لانقاذ البلاد من كارثة غير مسبوقة ، وهو الشيء الذي يتطلب من جميع الأحزاب والساسة تقديم تنازلات دون شروط و القبول باقتسام الأدوار بعيدا عن الالتزام بمفهوم السلطة أو الاختصاصات .
لو احتسبنا باحصاءات بسيطة بعدد الأحزاب والحركات والتنظيمات السياسية المسجلة في مفوضية الانتخابات أكثر من 206 حزب و كيان سياسي ، وكما مسجل بان أهدافهم بان تكون الصحة وتنمية المواطن أساس اهدافهم ،وفي اخر إحصائية لمنظمات المجتمع المدني اكثر من 3200 في بغداد فقط واغلبها واجهات لاحزاب سياسية ، لو افترضنا ان كل حزب عدد المنظوين تحت مسمياته خمسمائة فردا كحد ادنى لكان الرقم مائة الف ، ولو احتسبنا منظمات المجتمع المدني لكل منظمة عشرة افراد لاصبح الرقم اكثر من 35 الف كحد ادنى، فيصبح التقدير الاولي اكثر( 135الف عنصر) يفترض ان يكونوا فعالين بالمجتمع ، في حين كانوا مغيبين عن ساحة المعركة مع الكورونا .
أن هذه الازمة اسقطت الأقنعة وفضحت الأحزاب ، وأصحاب الشعارات الزائفة انكشفوا، بأنهم لم يساهموا بلبنة واحدة في هذه الازمة (كالمساهمة بدعم العوائل المتضررة من الحظر ، او بتوزيع المواد الواقية من المرض كالكمامات والمطهرات على العوائل الفقيرة ، او المساهمة بزيارة المرضى الراقدين، او دفن الموتى او أي نشاط صحي ، في حين كانت تتولى توزيع المساعدات الاجتماعية خلال فترة الترويج للانتخابات التي تبدو ظاهريا على توظيف العمل الاجتماعي والخيري من أجل التسرب داخل المجتمع وتمرير مخططاتها الأيديولوجية) ، وبذات الوقت كانوا غير مبالين بالازمة التي تعصف بالبلاد ، وكان الموضوع لا يعنيهم ، وبصلافة وعدم الحياء اغلبهم زوار دائميين للقنوات الفضائية ومستمرين بمهاتراتهم السياسية والحوارات التافهة التي أصبحت مملة للمشاهد ،وغير مبالين بما يحصل من ماسي يوميا ، ثبت للجميع بان هناك ترهل فكري واخلاقي على مستوى الطبقة السياسية ، اختفوا سراق المال العام ، واختفوا لصوص العقود ،اختفوا عرابين الوزارات ، اختفت اللجان الاقتصادية ،ولم يساهموا باي مساهمة اجتماعية ، كورونا فضحت عن الكثير من حالات الغموض في توجهات الأحزاب في عملها السياسي وثبت بعدم اهتمامها الواقعي الخدمي والصحي بل هم من ساهموا بانهيار هذه المؤسسات من خلال لجانهم الاقتصادية (السيئة الصيت)
إذا كان حركة تشرين نجحت في إطلاق رصاصة الرحمة على الاحزاب ، فإن كورونا أكمل ما تبقى من الأحزاب التي يُفترض أنها تشكل الخارطة السياسية في البلاد ، من المؤكد بأنها ستفقد الكثير من قواعدها الشعبية والانتخابية ، وإذا كانت هذه الأحزاب اليوم هي من فرضت على نفسها “الحجر السياسي” الاختياري والطوعي فإنها ما بعد “كورونا” سيفرض عليها العراقيون “الحجر السياسي” الإجباري لتكتب بذلك وبخط يدها نهاية وجودها .
في الختام تحية للجيش الأبيض البواسل ، وتحية لقوات الشرطة الابطال بصمودهم بالشوارع رغم الوباء والحر الشديد ، والعار على الجيوش الالكترونية الحزبية ، والجيوش السوداء المتمثلة باصحاب القوط المختفين بمقرات احزابهم ولم يساهموا بانقاذ إخوانهم بهذه المحنة ، وعار على بعض الفضائيات التي تلمع صورة الساسة التافهين ممن ابتعد عن المجتمع وسرق امواله.