19 ديسمبر، 2024 12:51 ص

ازمة المتعلم  العراقي  بين الثقافة والوعي 

ازمة المتعلم  العراقي  بين الثقافة والوعي 

يمكن القول ان اشكالية المثقف في العراق ولربما  حتى المثقف العربي هو الصراع بين الذات المتأزمة  للمثقف والناتجة  عن الواقع  الذي يعيشه  وجدلية عقله  واطلاعه التي تفرض عليه ان يكون نمطا مختلفا عن مجتمعه الذي يعيش حالة السطحية والسذاجة الفكرية التي تعيشها طبقات المجتمع  بغالبيتها  وهذه الشيزوفرينيا  الثقافية هي ما نحتاجه لتفكيك هذه  الشخصية المزدوجة للمثقف الذي عانى ولا زال يعاني  من علاقات معقدة  يعجز الكثير من الباحثين عن فهمها  ولربما يكون الدكتور علي الوردي من اكثر من كتبوا عن ضرورة ان يكون هنالك علم اجتماع خاص بالشخصية العراقية يناقش  تراكمات ازمة الوعي عند الشخصية العراقية  والتي يجب ان تدرس من خلال ثلاثة ابعاد التاريخ – الدين – الاعراف الاجتماعية والثقافية ,, ويضاف  لها طبيعة الاحداث التي مرت وتمر والتي احدثت هزات في المجتمع العراقي  مثل الحروب والصراعات الطائفية والاثنية  اضافة الى الهجرات التي مثلت عامل تفاعل اجتماعي مهم  وقد تاثر المتعلم كما هو الاحرى ان نسميه   بطبيعة هذه العوامل  التي انتجت خليطا  من  الفوضى الفكرية  والتناشز الاجتماعي  وازمة العقل الباطن الذي ما عاد مستوعبا لحجم التأثيرات التي طرأت على المجتمع العراقي ويمكن القول ان الثورات والتغييرات الاجتماعية التي مست الكثير من الاقطار العربية ولامست الواقع العراقي  جعلت  هنالك عدة آثار مهمة  يمكن ان نجملها في عناصر مهمة : 
1-   الهروب  من الواقع  المعمق والاتجاه الى المشاهد البسيطة وعدم الخوض في تفصيلات الثقافة العالية والاكتفاء  بالعناوين الواضحة والساذجة
2-   محاولة  التمسك  بالقضايا الشكلية بل والتطرف فيها سواء اكان ذلك تطرفا دينيا كما هو التمسك بالموروث الشعائري  او التمسك بالعادات القبلية او الاجتماعية القديمة  والتردي نحو الماضي بجميع مفاصله  ولربما تكون السلفية هي احدى تمظهرات هذا التردي .
3-   الفراغ الفكري وجمود  العقل  اذ تؤدي مثل هذه الازدواجية  بين  التقدم العلمي الشهاداتي  وسطحية التفكير  الى  جمود عقلي  وانعدام اي ابداع او قدرة على تحليل الواقع او التعامل معه  وهذه ايضا احدى تمظهرات الجهل المركب  الذي يجعل الشخصية العراقية المثقفة  جاهلة الوعي  مثقفة التحصيل العلمي  .
4-   الطبيعة العدائية للشخصية من هذا النوع فكما هو معروف الناس اعداء ما جهلوا  واشكالية  الشخصية المزدوجة هي عدائيتها لكل ما هو جديد ومستحدث  وهنا نلاحظ  تمظهرات صراع اجيال  بين محتكري الثقافة الخاوية القديمة  وتيار التجديد  الشبابي الذي يفكر بآليات وثوابت تختلف كليا وتريد ان تحدث تغييرا  مرتبطا بواقعها  الذي تريد تغييره .
5-   الانانية  المفرطة او المريضة  : ان طبيعة المتعلم العراقي وفي نسبة ما العربي  اصبحت اليوم مادية بحتة وشخصية ذاتية لا تفكر الا بنفسها حيث اضحى المثقف الاسمي  هو محور الفساد  والتكالب على المصاحب الشخصية  وامست النزعة المادية هي المحدد الفكري له  وصار يبرر  لكل قضايا الفساد  والمصالح الشخصية بعناوين  دينية او اجتماعية  وحتى ثقافية  مزيفة .
6-   التوجه نحو احتقار الاخرين  في محاولة  لسد النقص الذي تشعر بهذه الشخصية  فنرى العديد ممن يدعون التعليم او المرتبة الثقافية  يحاولون احتقار الاخر  والانتقاص منه ومحاولة تسقيطه  بسبب انعكاس  للمرض وعقد النقص التي يعانون منها  .
7-   النفاق باتجاه  ذوي النفوذ والسلطة  في مشهد يمثل شخصية ممسوخة  تتسم بالانحطاط والدناءة في تقبيل ارجل المسؤول ولعق اعتابه لمجرد كونه  صاحب القدرة في منح الامتياز او القدرة على العقاب  او حتى لمجرد كونه مسؤول  وان كان اقل رتبة علمية او مستوى اجتماعي  من  شخصية المتعلم  .
 
ختاما يمكن القول ان ازدواجية شخصية   المتعلم العراقي هي امتداد لازمة الثقافة وازمة مجتمع اضحت فيه مقاييس الوعي متدنية لأدنى درجاتها واضحى الوعي  والاحساس الانساني والثقافة الفكرية  هي  مفاهيم غائمة لا تفهمها الا قلة قليلة  من الناس  نشعر انها بدأت تذوب في طوفان السطحية والفكر القشري  لما يسمى المثقف  ونحن نسميه المتعلم  العراقي