لابد للانسان ان يصاب بالذهول عندما يستعرض حجم الاموال التي صرفت على قطاع الكهرباء في العراق فهي بمليارات الدولارات وهذا باعتراف مسؤولين تنفيذين او تشريعيين ومنها اعتراف رئيس مجلس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي الذي قال في تصريح عام 2022 ان المبالغ التي انفقت على الكهرباء تبلغ 81 مليار دولار ومن دون الحاجة الى احتساب ما تلاها من مليارات في 2023و 2024 فان هذه المليارات كفيلة ببناء مدن وليس تحسين شبكة الكهرباء !! اذن ليست هنالك مشكلة مادية في موضوع ازمة الكهرباء , اما في ما يتعلق بالجانب الفني فان قطاع الكهرباء كان يضم خبرات هندسية وفنية معتبرة وقادرة على ادارة هذا القطاع اذا ما اتيح لها ان تمارس دورها بعيداً عن تسلط العناوين الفنية والهندسية الزائفة التي تبوأت مواقعها بفعل المحاصصة وما خلفتته من فساد كبير وخطير ناهيك عن امكانية الحكومة التعاقد مع شركات عالمية معروفة في مجال الكهرباء وهو ما يصرحون به ليلا ونهاراً من دون ان نلمس اي نتائج ايجابية.. وهنا لم يبق غير الجانب السياسي وهيكيلية العملية السياسية المبنية على اسس خاطئة في مقدمتها المحاصصة التي يعترف الجميع بما فيهم المستفيدون منها بخطورتها وعرقلتها كل عمليات البناء والنهضة في كل القطاعات وليس الكهرباء فقط . ليس في ما نقول من جديد فجميع السياسيون يلعنون الفساد جهاراً لكنهم في نفس الوقت يتفنون في استنباط كل وسائل الشيطنة لممارسته حتى صار الفساد ظاهرة لايخجل منها اصحاب الحل والعقد في عراق لم ينعم مواطنيه فيه بالراحة برغم ما انعم الله به علينا من ثروات !!
لا نريد ان نبدو متشائمين غير ان واقع الحال منذ الاحتلال في نيسان 2003 والى اليوم يؤكد فشل العملية السياسية بامتياز وانها جاءت بمقاسات سياسيو الصدفة ليحققوا من خلالها ما لايخطر في بال على حساب حرمان المواطن من ابسط حقوقه في خدمات ضرورية ومنها الكهرباء , لذا فان من الوهم تصور امكانية معالجة ازمة الكهرباء في ظل وجود هذه الطبقة السياسية التي يقول احد رموزها رئيس مجلس النواب الاسبق محمود المشهداني وبكل صراحة انهم جاؤا للتفليش فكيف يمكن ان نثق بما يدعونه اقوال و تصريحات ووعود ورديه بتحسن اوضاع العراق !!
باختصار شديد ان معالجة اوضاع الكهرباء وغيرها من الازمات المتعددة التي نعيشها لاتتحقق من غير تغيير جذري وحقيقي ينهي حالة الفوضى والتخبط واللابالية ونهب المال العام التي نمر بها وهذا يتطلب اعلى مستوى المسؤولية من قبل التيارات والقوى والشخصيات الوطنية لتقول كلمتها صراحة ومن دون مجاملة لاحزاب السلطة او خوف من ميليشياتها المنفلته !!
العراق يحتاج الى تغييركبير للعملية السياسيةوهيكلتها لتبنى على اسس الوطنية الحقة بعيداً عن الطائفية وكل المسميات الفرعية التي تفرق ولا توحد العراقيين .. الحلول ينبغي ان تبدأ من الاساس لكي يأتي البنيان قوياً وصلباً والا فسنبقى نعيش دوامة الازمات ومنها ازمة الكهرباء ..