هذا ما يعتقده الكاتب مختار الاسدي في كتابه ازمة العقل الشيعي ولان هذا الكتاب تم تاليفه قبل سقوط الطاغية لان فيه معلومات واستنتاجات استطيع ان اقول عنها فندها وردها السيد السيستاني في مواقفه من الوضع في العراق بعد السقوط .
هنالك تسميات حاول الكاتب التفريق بينها وبين الخطاب الاسلامي ، وملخص هذا الكتاب ان الحوزة العلمية بحاجة الى تطوير مناهجها التدريسية بحكم الحداثة والتغيير الثقافي لدى المسلمين وغير المسلمين ، وحتى يثبت ما يريد ان يصل اليه اعتمد بعض مؤلفات السيد الشهيد محمد باقر الصدر والتقى مع الشيخ محمد مهدي شمس الدين والسيد محمد حسين فضل الله واخرين وحقيقة من خلال مطالعة بعض صفحاته وجدت انه غير موفق في طرحه هذا ، بالرغم من اننا نتفق معه بضرورة نهوض الخطاب الاسلامي بما يستجد على الساحة الاسلامية والعالمية من افكار وثقافات .
توقفت عند فقرة نقلها عن السيد الشهيد الصدر وهو يتحمل مسؤولية النقل جاء فيها على لسان السيد الشهيد ” وكل ما تقدم يدل على ان التوعية التي مارسها النبي (ص) على المستوى العام للمهاجرين والانصار لم تكن بالدرجة التي يتطلبها اعداد القيادة الواعية الفكرية والسياسية لمستقبل الدعوة وعملية التغيير وانما كانت توعية بالدرجة التي تبني القاعدة الشعبية الواعية اي ان ( سطح المجتمع ) والتي يمكنها الالتفاف حول قيادة الدعوة في الحاضر والمستقبل . ( ازمة العقل الشيعي ص68)
عبارة القيادة الواعية الفكرية والسياسية ، عبارة غامضة وفائضة، اي هل ان النبي محمد (ص) لم يؤكدعلى من يكون القائد من بعده ؟ عشرات الاحاديث والمواقف التي اكد بها النبي على قيادة الامام علي عليه السلام ، والعجيب في طرحه هذا الذي ينتقد فيه الفلسفة بدا هو يطرح اسئلة فلسفية افتراضية منها على سبيل المثال لنفرض ان الرسول اصر على كتابة الوصية رغما عن انف الحاضرين كيف سيكون الوضع ؟
والعجيب في هذا النص ان الرسول تبنى القاعدة الشعبية الواعية للالتفاف حول القيادة ، فهذه القاعدة اين كانت عندما اراد الامام علي عليه السلام المطالبة بحقه بعد وفاة الرسول وحسب ما ذكرت كتب التاريخ لم يخرج معه الا اربعة والبقية بدات اعذارهم الواهية انهم بايعوا فلان ، زمن خلافة الامام علي ومن بعده الامام الحسن عليهما السلام ، اين كانت القاعدة الشعبية ؟ اتمنى ان اكون مخطئا في فهم هذا النص ،ولكن عبارة السيد عن هذه القاعدة الشعبية في الحاضر والمستقبل ، هل يقصد حاضرنا هذا ، فحاضرنا هذا اصلا لم يستطع ان يحافظ على السيد الشهيد نفسه وغيره من علمائنا الذين تمت تصفيتهم على يد البعث الفاشي ، اين كانت القاعدة ؟
واما حواره مع بعض الاعلام فحقيقة اود ان اوجه سؤال له ان هؤلاء الاعلام الذين انتقدوا المنهج التدريسي في الحوزة انهم لولا حضورهم في هذه الحوزة لما كانت لهم هذه المكانة ، الحوزة باختصار حسب فهمي انا تعمل على كيفية تثبيت قواعد فقهية او اصولية لتمكن المجتهد من استنباط الحكم يعني ان المشرع لابد له من يكون ملما بالقواعد والاصول التي تساعده على وضع القانون .
ومسالة انتقاد الشيخ محمد مهدي شمس الدين عدد ايات الاحكام حسب ما ذكر علماؤنا انها خمسمائة اية فيرى شمس الدين انها اكثر ، ولك الحق في قول ذلك اكتشف هذه الايات واستدل بها واطرحها على الملأ ، فهذا امر رائع ، اي اثبت ما تقول بالدليل والعمل ، واما السيد فضل الله انتقد مثلا المستحب في الطعام ان تبدا بالملح وتختم بالملح وذهب بعيدا السيد قائلا هنالك مناطق حارة وهنالك مناطق باردة فالمناطق الباردة لا تفقد الملح ، عجبا هل هذه نقطة تستحق البحث ؟ ولماذا لم يقوم السيد والشيخ شمس الدين رحمكما الله بتاسيس حوزة وتكون الدراسة فيها وفق ما تريدان ؟
ليس كل ما ذكره المؤلف من انتقاد هو غير صحيح ولكن اليس من الافضل ان تاتي بالبديل بدلا من الانتقاد ، فالحوزة التي تراها جامدة وحتى ذكرت عبارات قاسية بحقها هاهي اثبتت اليوم عمق تفكيرها بخصوص الوضع الراهن في العراق وهاهي قدمت الشهداء من اجل حفظ العراق ومقدساته فما صدر عن السيد السيستاني حفظه الله يكفي للرد على هذا الكتاب .
كلمة السياسية كلمة مستحدثة ومسالة ان الدين بعيد عنها نعم انه بعيد عنها عندما ترتدي ثوب النفاق فالدين واضح في مفاهيمه ومعايره التي تصب في صالح الانسان .