بالتأكيد انها ليست المرة الاولى التي يدخل فيها العراق بازمة، ان كانت على المستويات السياسية او الامنية او الاقتصادية، لكن في كل الازمات الماضية كانت هناك حلول معينة ربما تكون كافية، تبعد هذه المشكلات عن المواطن بحيث انه لا يتأثر بها، واذا تأثر فان تأثيره بها قليلا جدا قياسا لحجم الازمة—لكن الذي حدث في زمن حكومة الكاظمي، ان الازمة الاقتصادية لم تمر على البلد، ووصلت الى مستوى بان الحكومة عجزت على سد رواتب الموظفين والمتقاعدين،!! وان الازمة تتفاقم اكثر واكثر، ووصلت الى حد بان موظفي البلد لم يستلموا رواتبهم بالرغم من مرور 45 يوم و اغلب أو كل الموظفين يعتمدون على هذه الرواتب في إيجارات وسلف ومعيشة وهي جميعها لا تحتمل التأخير ابدا فضلا عن شرائح أخرى تعتمد في مدخولاتها اليومية عما يصرفه الموظفين والمتقاعدين بشراء احتياجتهم الضرورية من السوق وبالتالي فان الجزء يعتمد على الكل — ويسود اعتقاد لدى اصحاب الرواتب من الموظفين والمتقاعدين وبقية الشرائح التي تستلم رواتب شهرية من الحكومة,, بانهم غير مقتنعين بتبريرات الحكومة , وانهم يعتقدون بأن ,, التاخير قضية مفبركة من قبل الحكومة للحصول على موافقة البرلمان لها لاقتراض جديد!! وطالبوا اللجنة المالية باستضافة وزير المالية وبحضور رئيس مجلس النواب ونائبيه لمناقشة الموضوع بالتفصيل وعدم تكرار التاخير مستقبلا
نعم – واجه العراق خلال أقل من عام أزمات متتالية ضربت الاقتصاد بشكل مباشر وأثرت على قدراته المالية، فالاحتجاجات التي انطلقت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عطلت العديد من الأنشطة والمرافق، وجاءت جائحة كورونا لتعطيل مزيد منها والتي أثرت بشكل واضح وانهيار قطاع النفط عالميا وانهيار أسعار الخام -الذي يشكل 92% من إيرادات الدولة العراقية- خلال الشهرين الماضيين بشكل كبير,, وأبرز تأثيرات هذا التردي الاقتصادي ينعكس على رواتب موظفي الدولة، ما أثار قلقا شعبيا من أن تكون الحلول الحكومية قد تمس معاش الناس– وبينما بلغ العجز في موازنة 2019، نحو 23 مليار دولار، فأن أي عجز في ميزانية 2020، التي لم تقر بعد، “سيكون غير ثابت، وذلك لعدم استقرار أسعار النفط” وهذا ما يدعمه خبراء اقتصاد، بأن تكون ميزانية البلاد شهرية، للسيطرة على تذبذب الأسعار-ولتجاوز الأزمة، هناك عدة سيناريوهات قد تلجأ لها حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، منها تخفيض الرواتب، غير أن الكاظمي استبعد المسّ برواتب ذوي الدخل المحدود والمتقاعدين، موضحا أنه سيسعى لتخفيض رواتب موظفي الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة والعليا، ومزدوجي الرواتب والوهميين فقط، إلى جانب الحرض على ترشيد الانفاق
ويرى خبراء الاقتصاد أن جزءا من المشكلة التي يواجهها العراق هو فقدان الكفاءات بإدارة الملف الاقتصادي، وهيمنة القرار السياسي، منبها إلى أن القروض ستحمل العراق أكبر من طاقته، بسبب فوائدها، فضلا عن أنها من نوع القروض الاستهلاكية وليست استثمارية ينتظر أن تدر أرباحا ,, أنه يجب إعادة هيكلة جهاز الدولة، وتخفيض الرواتب العليا وإعادة النظر بالمخصصات التي تشكل من إجمالي الرواتب ما نسبته 65% وتحديدا الدرجات العليا,, وحملوا ، وزارة المالية المسؤولية الكاملة لتأخر رواتب الموظفين، فيما بين ان البنك الدولي حذر في تقرير سابق له من ذهاب العراق نحو الافلاس , واشاروا الى ان “الاقتراض الذي طالبت به المالية، امر غير معقول، كونها طالبت في وقت سابق باقراضها لتمشية مصالح الدولة حتى نهاية 2020، لكنها تعود الان وتطلب تمرير قانون الاقتراض وهذا يدل على عدم وجود اي خطة لدى وزارة المالية لتمشية رواتب الموظفين سوى اللجوء الى الدين الداخلي
اكدت لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية ، ان تأمين الرواتب مسؤولية الحكومة وليس مجلس النواب، فيما حذرت من افلاس الدولة بسبب استمرار الاقتراض,, وقالت اللجنة في بيان “في الوقت الذي استبشرت فيه لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية بالإصلاحات الإقتصادية التي تروم حكومة مصطفى الكاظمي القيام بها لتدارك وضع الاقتصاد العراقي في ظل انخفاض اسعار بيع النفط وتقليل حصة العراق في ضوء مقررات اوبك+ واستمرار جائحة كورونا حيث نبهت لجنتنا الحكومة على الكثير من الخطوات الاقتصادية والاستثمارية التي من شأنها تعظيم الموارد المالية دون الحاجة إلى الاقتراض – واضافت، “رغم تشريع البرلمان لقانون الاقتراض لسنة 2020 في 24 حزيران الماضي لدعم الحكومة وتمكينها من تنفيذ رؤيتها بالإصلاح وبعد ترحيبنا بالخطوات التي اتخذتها الحكومة في أحكام السيطرة على المنافذ الحدودية وتشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد الا اننا لمسنا عودة للتخبط المالي من خلال عدم انتظام صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين وقيام الحكومة بسحب مشروع موازنة 2020 وتقديمها لمشروع قانون اقتراض جديد وربطها تأمين الرواتب بتصويت مجلس النواب على مشروع قانون الاقتراض وهي سابقة لم نألفها طيلة عمل الحكومات السابقة
هناك عدة اسباب تقف حائلا امام ورقة الاصلاح الحكومي ابرزها خمسة وهي { النظام السياسي بني على الخطأ، وتورط بعض الاحزاب {لم يسمها} بالفساد، واصطفاف بعض القوى الامنية والعسكرية مع الاحزاب، وتسلم وزير المالية في حكومة مصطفى الكاظمي تركة فساد ثقيلة عمرها 17 عاماً ,, لذا اي اصلاح في الحكومة بالتأكيد ستمس هذه الاحزاب بالتالي ستكون في مواجهة دائمة معهم ، ان” الحكومة الحالية هي مؤقتة وعمرها اربعة اشهر وتنتهي بعد 9 اشهر وهي غير مكلفة باجراء اصلاحات كبيرة!!
وكان وزير المالية عبد الامير علاوي، اكد في ايلول المنصرم، ان ورقة الاصلاح ستقدم الى الحكومة نهاية الشهر.فيما بين، أن برنامج الاصلاح الاقتصادي بحاجة لوقت طويل لتقديمه بسبب ان الوضع الاقتصادي في العراق يمر بوضع حرج جراء تداعيات لسياسات اقتصادية تراكمية سابقة مرت على الدولة العراقية منذ عقد الخمسينات في القرن الماضي ولحد الان وخاصة تشريع قانون الاصلاح الزراعي وقرارات الحزمة الاشتراكية اضافة الى فقدان الرؤية الاقتصادية التي اضعفت القطاع الخاص واصبحت جميع الموارد بيد الحكومات !!
نحن بحاجة ماسة لوقف التخبط الاقتصادي ووضع برنامج الاصلاح الاقتصادي يتضمن تشكيل هيئئة للسياسة النقدية والمالية تتولى ابعاد العمل النقدي والمالي عن المؤثرات السياسية والبرلمان من خلال اعادة هندسة الاقتصاد من خلال العمل بالمتغيرات الكلية للاقتصاد العراقي., والغاء نافذة العملة وايجاد سياسات بديلة لها واعداد موازنات لعدة اعوام يتلائم انفاقها مع الخطط الموضوعة على المستوى الوطني ،ومن خلال رسم السياسات المصرفية وانعاش العمل المصرفي وربطها بالسياسات الجزئية القطاعية لبلوغ الطبقات الهشة والشرائح الفقيرة بشكل مباشر وغير مباشر من اجل حمايتها ورفع مستواها المعاشي ,, البرنامج يتضمن التاكيد على سياسات التدريب والتشغيل واقامة المشاريع للخد من البطالة،و استئناف الاكتفاء الذاتي من خلال دراسات الطلب والسوق واحلال المنتج العراقي محلي،والتاكيد على اقتصاد العرض المحلي بالاستفادة من الميزة النسبيةللاقتصاد العراقي في مجال النفط وتصنيعه والحد من حرف الغاز المصاحب وجعل انتاج النفط بايد عراقية قدر الامكان، و الاخذ بنظر الاعتبار استدامة التنمية البشريةمن خلال تمكين طلبتنا في كافة المراحل ومنحهم القدرة المالية مما يجعلهم متفرغين للبحث العلمي،واعادة تدوير القوة العاملة بما يتماهى مع بناء سياسات تحويل البلد من مستهلك تلى منتج،وتفعيل دور الشركات الانشائية وتاسييس المزيد منها لاغراض البناء وسد الطلب من المساكن والمجمعات السكنية وتلبية مايحتاجه البلد من البنى التحتية،واتخاذ الاجراءات اللازمة لتعديل ميزان المدفوعات مع الدول الاخرى باتباع سياسات تصديرية واستيرادية جديدة،و الاسراع في نقل التكنولوجيا والخبرات الى العراق و محاولة تطوير قطاع الاتصالات ومجالات التصنيع فبه ودخول العراق مجال الاقمار الصناعية. والحد من الانفاق المظهري الذي يستنزف ثروة العراق،و عمل المزارعين باسلوب الشركات البسيطة ثم تطويرها لدعم الزراعة.