22 نوفمبر، 2024 10:59 م
Search
Close this search box.

ازمة الديمقراطية في العراق

ازمة الديمقراطية في العراق

 يتشبث انصار الولاية الثالثة ، بالإستحقاق الانتخابي ، وصناديق الاقتراع، في دفاعهم عن مرشحهم الوحيد، السيد نوري المالكي، لتولي رئاسة مجلس الوزراء لاربع سنوات مقبلة اخرى، بعد دورتين سابقتين ، ولا يترددوا في اتهام خصومهم بشتى التهم لمجرد رفضهم التجديد، وكأن القضية الانتخابية مرهونة بشخص واحد، مثلها مثل الاستفتاءات التي كانت تجري في عهد النظام السابق ، للتجديد للرئيس، والمباركة له بالرئاسة “مائة في المائة”.
لا نريد ان نناقش واقع الدورتين السابقتين، ولا نطلق الاحكام عليها بين النجاح او الفشل.
ودعونا نفترض ، او نلزم انفسنا ، بأن الـ”8″ سنوات الماضية، كانت ناجحة وحققت الكثير من المنجزات على مستوى الوطن والمواطن، وعاش الشعب في رفاهية، واستقرار وأمن من دون مظاهر عسكرة مملة ومخيفة في الوقت نفسه، وعدالة وإحترام لحقوق انسان، لكن المشكلة ليس في الاداء، ولا في شكل الحكم، نجح أم اخفق، وانما في طبيعة النظام الديمقراطي، الذي لا يعترف بقائد ضرورة، ولا رئيس ابدي ، ولا حاكم مطلق، ولا رجل مرحلة، وانما يعتمد اساسا على التداول السلمي للسلطة، بل لا قيمة للانتخابات من دون حصول هذا التداول، والا هناك امكانيات تخرج على اطار صناديق الاقتراع، قد توفر لصاحب القرار، او الحاكم المتنفذ ، القدرة على احتكار المنصب، وينفذ تهديده ووعيده ” ما ننطيهه”.
ولو استعرضنا النظم الديمقراطية، لوجدنا بين الرؤساء من قدم خدمات جليلة لوطنه، مع ذلك غادر “الكرسي” بعد دورة او دورتين، وفسح المجال لغيره ، لخدمة الوطن.
ولعل الرئيس مانديلا، اقرب مثل الينا ، فقد نجح، حيث فشلنا، في تحقيق المصالحة الوطنية وسط مجتمع غير متجانس، برغم انه عانى الأمرين ، مثلما عانى شعبه من تسلط الجنس الأبيض الذي كان يرى في السود مرتبة أدنى أقرب ماتكون الى صنف العبيد، لذا مارس التمايز بحق أصحاب الأرض السود وزج الكثيرين منهم في السجون، مثلما قتل الكثير منهم، ويكفي ان مانديلا نفسه قضى اكثر عمره في السجن، ومع ذلك عندما تمكن لم يعلن شعار “الانتقام”، ولم ينادي امام قومه “بيننا وبينه بحر من الدم”، ولم يسن قانوناً إستئصالياً على من حاربه وآذاه، بل العكس إستطاع أن يخلق حالة تجانس من عدم، ويعلي كلمة العفو مكان الثأر، وبرغم هذا النجاح الكبير ونجاحات أخرى، والقبول الشعبي الذي لاقاه ، لم يجدد الولاية لنفسه، مع قناعته الجازمة، بأنه لو رشح دورة ثانية لفاز بلا منازع ، لكنه اكتفى بدورة واحدة، نعم واحدة ، وشبع، وسلم الراية لغيره، لذا اصبح مثلا، لكن للأسف ، مثلما هي كل الامثال، تضرب ولا تقاس.
نعيد ونكرر، اننا لا نطرح مشكلة شخصية ، ولا ننطلق من دوافع خاصة ضد المالكي، كما لا نناقش وضعاً مأزوماً عاشه العراق خلال ولايته، ولا نريد ان نقدم مبررات عدم التجديد له، فالأيام كانت ولا تزال حبلى بالصراعات والازمات، وكلنا يعرف ذلك، لكننا ازاء ازمة تستهدف نظامنا الديمقراطي الفتي، اذا ما تحولت الانتخابات الى مجرد تجديد لولاية الحاكم مرة، ومرتين ، وثلاثة، ورباع، والى الأبد، عندها تنتهي الديمقراطية كمنهج، وتصبح مجرد تقليد يمارسه الشعب كل اربعة سنوات.. مع بقاء الوضع على ما هو عليه.

أحدث المقالات