23 ديسمبر، 2024 1:04 ص

الدستور هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة ,ونظام الحكم ,ومنهجية الحكومة, وينظم السلطات العامة فيها ,من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات التي بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها تجاه السلطة, ويلزم الحكومة بعتبارها الراعي الأول للدستور الالتزام بجملة ما جاء فيه من قوانين ومواد.
لقد ركزهذا التعريف وبشكل دقيق على نظام الحكم وشكل الحكومة والسلطات العامة ,التشريعية ,والتنفيذية ,والقضائية. فكانت لها النصيب الاكبر في مواده وفقراته ,لما لها من اهمية في تحديد المصالح والسياسات العامة للدولة .كما انه في المقابل لم يغفل _الدستور _ ولم يتجاهل لما للمواطنين والافراد من واجبات اتجاه الدولة وما لهم من حقوق عليها .فقد جاء بالمادة ثلاثين ,الفقرة اولاً, من الدستورالعراقي على إن تتكفل الدولة بتوفير المقومات الاساسية للعيش في حياةٍ حرةٍ كريمة للمواطنين ,بمختلف مذاهبهم وقومياتهم وانتمائاتهم, وذالك من خلال تأمين الدخل المناسب والسكن الملائم.
“السكن المناسب والملائم” .. فلنقف متأملين قليلاً عند هذا الجزئية ,ونغور في عمقها بقدر ما استطعنا إلى ذالك سبيلا, المشكلة التي باتت من اعقد المشاكل التي تعاني منها الكثير من بلدان العلم ,المتقدمة والنائية ايظا ,إلا ان الأولى , استطاعت من تحديد هذه المشكلة, وتشخيصها بوقت مبكر , فوضعت لها الخطط المناسبة ,وفق معايير علمية دقيقة, واليات رصينة ,فتمكنت من تحجيمها ,والحد منها , وبالتالي فانها لم تعد تمثل لها أي مشكلةَ تذكر .اما في العراق فما زالت تمثل 0عائقا كبيرا ورقما صعبا في معادلة الحياة , لا يمكن حلها وفك طلاسمها ,لا بشق الانفس او من خلال المعجزة ما.
لقد عانى العراق ومنذ عقد الثمانينيات وحتى اليوم من هذه الازمة الخانقة , والتي أدت بشكل مباشر وغير مباشر, إلى خلق الكثير من النزاعات والمشاكل الاجتماعية , والاقتصادية, وكان ذالك جلياً من خلال تزايد حالات الخلاف والمشاحنات في البيت الواحد ,والتي تضم اكثر من عائلة واحده على الاغلب ,خصوصاً في المناطق الشعبية منها , بالاضافة لحالات الطلاق التي باتت هي الأخرى من اعقد المشاكل التي عصفت بالبلاد مؤخرا , ومن اكثر أسبابه ومبرراته هي أزمة السكن , ففي أحصائية قد نشرت مؤخرا ,إن ما نسبته 44% من حالات الطلاق التي حدثت في الأونة الاخيرة هو بسبب عدم توفر السكن الملائم والمناسب ,وهذه نسبة خطيرة جدا ,ينبغي على الحكومة إن النظر لها بعين الاعتبار ,وان تضعها في مقدمةاولوياتها ,لما لها من انعكاسات سلبية على البنية المجتمعية بشكل عام.
كما وقد دفعت هذه الازمة والتي على ما يبدوا انها ازلية ,المواطنين التجاوز على الاراضي العامة الدولة عنوتاً ودون رضاها وبناء المساكن العشوائية في الطرقات والساحات العامة ,غير مبالين بالعواقب والنتائج والتبعات التي قد تترتب عليها , مما أدى الى فقدان الكثير من المدن لجماليتها ولطرازها العمراني.
كما وانها تسببت ايظا ًبخلق مشاكل اقتصادية كبيرة, تجلى ذالك من خلال زحف الانفجار السكاني إلى المناطق الزراعية والاراضي المعدة للزراعة ,في معظم محافظات العراق ,وتحويلها إلى مدن غير نظامية , ليس لها موقع على الخارطة الاساسية للمحافظات . فكان لهذا اثر بالغ على الوضع الاقتصادي بشكل عام واندثار الثروة الزراعية ونهيارها تماماً . كما وان المشكلة, وتبعاتها لم تقف عند هذا الحد , بل تعدت ذالك, لتصل بأثيرها إلى الخدمات العامة ,فالاعداد الكثيرة والغفيرة من هذه المساكن العشوائية , والتي هي نتاج ازمةَ كبرى , تحتاج بطبيعة الحال إلى الخدمات, من ماء ,وكهرباء ,وصرف صحي,وما إلى ذالك, وبما أنها غير قانونية ونظامية ,اضطر قاطنيها, إلى التجاوز على شبكات الكهرباء والماء وغيرها , فكانت لها تأثير كبير وبشكلاً ملحوظ, إلى كميات الانتاج للطاقة الكهربائية , والماء ايظا , وهذه بالنتيجة قد أدت إلى خلق ازمة أخرى جديدة تضاف إلى قائمة المشاكل التي ذكرناها ولتي لم نستطع ذكرها .
هل ان الوضع المالي المتأزم في العراق هو السبب في هذه المشكلة؟
ام انها المزايدات السياسية ؟.
قد يكون للازمة المالية دور كبير في هذه المشكلة ,في حالة اذ ما تبنت الحكومة والمؤسسات المعنية التابعة لها وتكفلت بتوفير ما يلزم الاتمام عملية بناء الدور ,من خلال توفير مستلزمات ومواد البناء , والقروض المالية الكافية الاتمام عملية البناء , وتهيئة الكوادر الفنية لذالك, نعم عندها نستطيع القول إن الوضع المادي المتردي للحكومة سبباً في عدم انجاز المشاريع الخاصة بقطاع السكن .
إلا إن هذا الامر غير ملحوظ , فالكثير من المساكن التي بُنيت وما زالت تُبنى كانت بجهود ذاتية لمالكيها وباموالهم الخاصة ,دون إن يكون للحكومة دور في دعم وتمويل حكومي لهذه المشاريع , سواء كانت نظامية قانونية او عشوائية متجاوَزه.
اذن لم يبقى أمامنا إلا إن نقول انها المزايدات السياسية المقيتة ,واجراءات معقدة جدا, وبيروقراطية حانقة, ومحسوبيات واعتبارات , تلاعبت وما زالت تتلاعب بمصير الملايين من ابناء هذا الوطن ,غير عابئين للنتائج الوخيمة المترتبة على هذه ألازمة ومثيلاتها من الأزمات ,وما لها من تاثير بالغ وكبير على المستوى, الاقتصادي , والاجتماعي ,بالاضافة لانعكاساتها على الوضع السياسي ايظا , فهذا قد يترك انطباع سلبي من المجتمع على الساسة والمتصدين إلى إلعملية السياسية ,ويكون عائقا للنهوض بالعملية السياسية برمتها.
حضرني خبرا طالعته مؤخرا في بعض المواقع الاخبارية , ينقل موقفاً للنائب الفرنسي (كوندوروسيه )قبُيل الانتخابات واثناء مناقشة حق الاقتراع العام في البلاد ,حيث وقف النائب وذكر ما مفاده “كيف تريدون منا إن نسمح للخياط والفلاح وكل من لا يمتلك ارضاً في فرنسا بالتصويت ,وان نضمن تصويتهُ لصالح البلاد”!
ياليت قومي يفقهون..!