23 ديسمبر، 2024 2:54 م

ازرع عدلا تحصد امنا

ازرع عدلا تحصد امنا

الامن والعدل متلازمان ولايمكن تناول احداهما بمعزل عن الاخر ، فاي خلل باحدهما يتصدع الاخر ، وان القمع والظلم لا ينتجان أمنا ، هناك قول قديم ومأثور لبعض الحكماء(الأمن أهنأ عيش والعدل أقوى جيش)، وهي حكمة تتجانس مع مانعيشة من ماسي، وتقودنا دلالة هذه العبارة إلى أن العدل ليس أسبقاً من الأمن فحسب بل هو سببه وأساسُ وجوده ، كما أن عمق النظرة لتلك العلاقة التبادلية بين الفرد والمجتمع يكشف على أن محورها هو العدل فالفرد قد يتنازل عن كثير من متطلباته ويعطي للدولة كل ما يستطيع إلا العدل ، العدل الذى يطهر النفوس من بذور العنف ونوازع الانتقام والثأر،
لأن الاحتكام إلى العدل يعنى ان يعاقب المذنب على الجرم الذي ارتكبه، وأن يخلى سبيل البرىء ، ولكي نعتمد ابسط قواعد العادل نتخلى عن ابتذال مصطلح «الإرهاب»، الذى صار عند البعض وصمة تلاحق كل من يعارض السلطة، اوتخاصم مع اشخاص متنفذين بالسلطة ،او ابدى برأي ، وربما كل من لا يعجبنا فى مظهره ، لأن الاحتكام إلى معايير القانون، ضوابطه كفيل بتبديد أى التباس يثور فى هذا الصدد ، ولو اطلعنا على احصاءات السلطة القضائية لوجدنا بان اكثر من سبعمائة الف شخص تم توقيفهم منذ عام ((2005 ولغايه2013)  في حين تم الحكم على مايقارب اربعة الاف ، وهذا يعني ان ستمائة وتسعون الف ابرياء لم تصدر احكام بحقهم وهذه ارقام تعطيك صورة عن حجم الكوارث التي تحيط بنا من ظلم وسوء ادارة للامن ، وبالتالي ان الذين افرج عنهم اوضحوا قصص ماساؤية مورست عليهم من قبل ساديين ومرضى عقليين لكنهم امنييون  ، انه اجتهاد سادي في تطبيق الأوامر، حتى أصبحت العلاقة بين الطرفان كلها كره وعداء لا يستفيد منه إلا أصحاب النفوس المريضة، المطبوعة بأساليب الماضي الأسود، والتي لا تريد أن ترى معالم عهد جديد يتوافق مع القرن الواحد والعشرين ،  ان القمع يولِّد المرارة والخوف، ثم إنها خطرة لأنها تشيع الكراهية وتزرع بذور الثأر التى لا تنبت إلا عنفا، إذ العنف يستدعى مزيدا من العنف، والقمع يعلم الناس دروسا فى القمع ، وإذا اتبعت سياسة البطش والقهر والظلم، فإنها لن تستخرج من الناس سوى اسوأ ما فيهم،  ذلك أنها حين تحكم فإنها تؤدى دورا آخر غير منظور يتمثل فى أن أداءها وتحيزاتها تربى الناس وتؤثر فى قيمهم وأخلاقهم،  وهو ما اختزلته عبارة الإمام على(ع) التى قال فيها الناس بأمرائهم أشبه منهم بآبائهم ، فى التمثل والتلقى والتقليد ما من مسئول يتحدث فى العراق إلا ويضع عنوان استعادة الأمن على رأس أولويات خطابه ، لكنة لايمتلك الرؤية ولا لديه القدرة على طرح حلول منطقية ، ان فكرة تعليق استتباب الأمن على الاستمرار بالقمع ، خاطئه ونتائجها خطيرة ،وضرورة الادراك بان مفهوم استعادة الأمن بات يحتاج وسائل اخرى فاعلة ، وان تشديد القبضة الأمنية والاستمرار فى النهج القائم الذى ينتهى بالاجراءت واحكام تعسفية  ، والخطا المتبع من الحكومة الحالية باعتقادها ان استتباب الأمن مرتبطة فى الرؤية السياسية لنظرة رئيس الحكومة باستمرار القمع ، ونتائجها الكارثيه الواضحة للجميع ، فالسلطة التى تقدم على الابتزاز ويتمتع اقطابها بامتيازات استثنائية ، لابد وان تخلف جهازا مرتشيا، والسلطة التى تتعامل مع الشعب بطريقة فاشية، فإن جهازها لابد وأن يكون فاشلا ،وتلك التى تنتهك القانون وتتلاعب به ، ينبغى ألا تتوقع من الناس ان يحترموا القانون أو يبال به
 
الخاتمة
المخابرات الاجنبية عندما اجلست صناع القرارفي العراق ، في الصفوف الأولى التي ينظر لهم الشعب ويستنجد بهم المواطن إذا ما أحاطت بهم المصاعب ، اوعندما يجورعليهم الزمان  ،  فقد اصبحوامتخصصين بتجاهل قضاء حاجات ومطاليب الناس وصم اذانهم ، ليوصلوا الشارع الى حالة الإحساس بالظلم ، والحكومة المنتهى صلاحيتها هي التي أقامت كل جدران الفصل بينها وبين المجتمع ، لتكتمل الأهداف المرسومة بنشر الفساد وغياب الأمن وإشغال الناس بأنفسهم ليسهل السيطرة عليهم بعد ان تعم فيما بينهم النزاعات والشقاقات ، واتباع نهج  لغة القوة مع الخصوم ، والابتعاد عن لغة الحوار ، والتذرع لتبرير ضرب خصومها الذين لا يشاركونها الافكار والاراء ، بحجة بأن الخصوم لا يفهمون غير لغة القوة ، وهي نفس العقيدة السابقة التي كان مارسها النظام السابق  ضد معارضيه ، ، أذكِّر أخيرا بقصة خليفة المسلمين عمر بن عبدالعزيز الذى تلقى رسالة من أحد الولاة عبر فيها عن حاجته إلى اصلاح الحصون التى تهدمت ، فرد عليه قائلا «حصن ديارك بالعدل»، وهى عبارة جديرة بأن نستلهمها فيما نحن بصدده بحيث نقول لمن يهمهم الأمر (أمِّنوا عراقنا بالعدل)
*[email protected]