7 أبريل، 2024 8:56 م
Search
Close this search box.

ازدواجية المعايير للاعلام المقاوم! تغريدة ترامب بين التأويل والتهجم..

Facebook
Twitter
LinkedIn

يتردد لمسامعي ما قاله السيد الخميني: “اذا ما رضت عنكم اميركا فراجعوا انفسكم”، فكيف بحاله وهو يرى الظروف التي تمر بها ثورته من بعد وفاته والى الآن، كيف تحولت السياسات الى براغماتية تجزء حالات المقاومة، واحيانا تميعها، واحيانا اخرى تراها ناطقة باسم سياقات الامم المتحدة والقانون الدولي والحرب على الارهاب اكثر من اميركا ذاتها، مع ان هذه الكيانات هي ضمن الادوات السياسية لاميركا بصفة غير مباشرة كما اكد الامام ذاته.

هذا ما وجدته عن متابعة لتغريدة اعادة ترامب في منصة مقطع فيديو للفقيه المرجع احمد الحسني البغدادي يتحدث عن الجهاد وظروفه اذا ما تحققت كمسألة فقهية” يومها حقق الفيديو “4 مايو 2019م” الترند الاعلى تداولا في تويتر الاميركي، لذا وقتها اخذ الاعلام المقاوم مضطراً للرد عن اعادة التغريدة عبر مواقع الكتررونية.

كيف كانت صياغة ذلك؟!

– التأويل

مجرد اعادة التغريدة جاء التأويل الطبيعي للمقطع من حيث الشكل والمضمون.. فالشكل هنا يسلط الضوء على مرجع ديني اسلامي يتحدث بالجهاد للسيطرة على اميركا، اما من حيث المضمون فالمقطع جاء مع ازدياد العقوبات على الجمهورية الاسلامية الايرانية في ايران بداية شهر مايو الحالي، فيوحي الفيديو وكأنه رد فعل، وهنا المتلقي الاميركي لا يميز ما بين هو سني او شيعي، عربي ام فارسي، عراقي ام ايراني، ما دام المقطع يترجم باللغة الانجليزية.

من هنا كان اخذ الاعلام المساند لايران، الرسمي منه “قناة العالم الايرانية”، ام الاعلام العراقي تبيان ذلك، كلا حسب تأويلاته وسياقاته وبراغماتيته ما بين ما هو ايراني او اميركي… حيث اقتصر تناوله على المواقع الالكترونية فقط، الاخبارية منها خصوصا، سيما لا يمكن تغطية تغريدات ترامب او اعاداتها لاي موضوع، لكن لهذه التغريدة اثر حساس.

* كان الرد للاعلام الايراني من خلال موقع قناة العالم الايرانية على فضاء الانترنت في زاوية مسماة بـ”كشكول” متضمناً التبرير والتنصل مما طرحه المقطع، فتورد قائلة:

“من الواضح ان ترامب بنشره هذا الفيديو يحاول ان يعمم الصورة الوحشية التي رسمتها “داعش” والقاعدة والجماعات التكفيرية التي تعتنق جميعها الفكر الوهابي ، على اتباع اهل البيت عليهم السلام ، وقول انه لا فرق بين الوهابية والشيعة”.

* فيما ذهبت وكالة العهد نيوز التابعة لمجموعة قناة العهد (المملوكة لحركة عصائب اهل الحق العراقية) الى ادراج مقالة للكاتب هادي جلو مرعي الذي عنونها: “ترامب يهدد مصير اعلامي عراقي” حيث قال:

“ترامب ليس غبيا، وهو يعرف كيف يوظف ادواته السياسية والإعلامية، وإعتمد على بعض إلتقاطاته لينشر الفديو في فترة تبدو معركة أمريكا مع إيران قريبة، وهي بحاجة الى المزيد من التحشيد، وهنا يركز على شخصية شيعية تتحدث بطريقة داعش وتطرح الفقه الشيعي كما هو الفقه السني، متجاهلا خطابا إنسانيا ضروريا تحتاجه البشرية. فالحديث عن الجزية، أو الحرب مغامرة غير محسوبة العواقب في وقت يحتاج الأمريكيون فيه الى بعض الحجج ليتنصلوا من إلتزاماتهم، ويتحركوا وفقا لمصالحهم الحيوية، ويوجهوا ضربتهم الى إيران والقوى الشيعية في المنطقة.”

وغيرها الكثير من الوكالات الذي نقلت الخبر فقط، دون التعقيب عليه.

خلاصة التأويلات

هنا جاءت التأويلات من قبل موقع قناة العالم الرسمي على الانترنت، او من قبل بعض ممن كتبوا بهذا الموضوع، مبهة، فترامب لم يعقب حينما اعاد التعقيب، ولم يوجه اي رسالة من خلاله، وهنا الغاية من ادراج ذلك تتعلق بسياسة القناة وما تريد ايصاله للمتلقي، ودخدخة مشاعره فيما يتعلق بالمساواة بين الارهاب الوهابي او الشيعي كما تحذر؟! وانما هي غاية للتملص من تصريحات لا تعبر عن وجهة النظر الرسمية التي تلعب بروح براغماتية وبلغة هادئة وان كانت في اوج شعاراتها “المقاومة”، ولا المتلقي الاميركي سيهتم بالفرق وان علمه، هذا من جهة، من جهة اخرى العجيب ان يذهب هادي جلو مرعي وهو اعلامي ومرشح سابق عن التحالف المدني الى العنوان: “ترامب يهدد مصير اعلامي عراقي” مع ان الاعلامي ليس طرف اساسي، بقدر ما كان الضيف الفقيه المرجع احمد الحسني البغدادي الذي ناقش مسألة “اسلامية” هو المهدد بالتصفية من قبل ترامب قبل الاعلامي “عماد العصاد العبادي مقدم برنامج سحور سياسي الذي ادار الحوار مع السيد البغدادي 19 آب عام 2011م”.

– فالتأويلات جاءت بصورة رسمية من قبل الاعلام الايراني “قناة العالم” ليس للرد على ما صحة ما ذهب اليه السيد فقهياً بقدر ما التحجيم من رأي الفقيه المرجع كونه لا يمثل الموقف الرسمي العام الايراني او “الشيعي”، وهذا ما سوف ندرجه من خلال فقرة التالية.

– التهجم

التهجم هنا لم يكن على ترامب من قبل الاعلام الرسمي والخاص في ايران والعراق، بقدر ما تبيان الموقف “السلطوي المقاوم” المتؤجس والمحذر من اثارة ترامب للفيديو في هذا الوقت الحساس “الحملة الانتخابية الاميركية وفرض حزمة من العقوبات على ايران في الشهر الخامس”، حيث اخذ دور الدفاع “البراغماتي” من خلال التهجم على شخصية الفقيه المرجع السيد احمد الحسني البغدادي الذي لا ذنب له سوى انه عرض للمسألة الفقهية التي تتعلق بالجهاد؟ وهنا جاء الرد “المقاوم” الذي يهدد ويرعب، بدور اقل من المعتدل، بل جاء كرد مماهي لخطاب ترامب وشيطنته للشخصية الفقيه من خلال اعادة التغريدة التي اجتزاءت الكلام، الا لكون من نطق بهذه المسألة يتخذ مواقف ثابتة:

– رفض الاحتلال الاميركي ومشاريعه من دستور وعملية سياسية في العراق.

– رفض الخضوع للواقعية الايرانية الرسمية في العراق لدعمها الاحزاب في تنفيذ ما ارساه الاحتلال الاميركي.

– رفض الواقعية السياسية والتوفيقية لموقف المرجعية المبهم والمطاط من العملية السياسية والمشروع الاميركي.

هذه المواقف كانت كفيلة للتهميش، والاقصاء، والحرب المسعورة، والحملة التشويهية لهذا الفقيه من قبل احزاب السلطة وابواقها، وممثلو الرؤى غير الوطنية “الايرانية” المنضوية ضمن نظام “الطائفية السياسية”، ولربما هذا ما ذهبت اليه قناة العالم الايرانية، للتهجم بصورة لا تمت للمهنية الصحفية، ولا للمنطق العقلاني لمجرد اعادة ترامب تغريدة في الاساس هي، تشرح صورة المقاومة القائمة على الجهاد والصمود والتضحية، حيث تابعت في زاوية كشكول، جملة من الافتراءات والتهجم الكيدي، وسنعرض لكم بعض المقتطفات:

– اخيرا استغل ترامب جهل الراي العام الامريكي والعالمي ، بتفاصيل المشهد الشيعي ، عبر اظهار البغدادي وهو يضع على راسه عمامة سوداء للايحاء بانه يمثل الشيعة.

– بينما الشارع الشيعي يعرف ان البغدادي له مواقف مناهضة للمرجعية الشيعية العليا في النجف الاشرف، وله مواقف وتصريحات مقززة تنال من صرح المرجعية الشيعية وشخص السيد السيستاني ، حتى انه افتى بعدم جواز تقليد السيستاني ، ترى بعد هذا هل يمكن ان يمثل البغدادي الشيعة.

* هذه الفقرات توضح زاوية “دس السموم” من خلال اللعب على الوتر الطائفي من خلال هذا التأويل، فالامر لا يتعلق “بشيعة وسنة” كما تصور، لم تكتفي بذلك، بل ذهبت متجاوزة: “يضع على راسه عمامة سوداء للايحاء انه يمثل الشيعة”، وهنا هذه المقولة تعبر عن افتقار الرد لادنى مراتب الاخلاق والذوق العام، كون الفقيه من سلالة علمية عريقة لها مواقفها الجهادية الواضحة، تمتد السلالة لشرفاء مكة، فالمتحدث المتهكم، يحاول ان يساند كلام ترامب من حيث يشعر او لا يشعر، فلا معيارية لترامب ولا للرأي العام الاميركي، ان كانت قناة العالم “الايرانية” اكدت على سيادة الفقيه ام طعنت به، بل هي رسالة للمتلقي “الايراني او السائر بفلكه” للتقليل والاستنقاص، مع علم القناة الرسمي، بكونهم تهجموا على حفيد الفقيه المرجع محمد الحسني البغدادي المرجع الوحيد الذي وقف مع السيد الخميني في مواجهة شاه ايران، بينما كانت المرجعية متحفظة ومدعومة من الشاه “الحكيم – الخوئي”، ولجد الفقيه لقاء للخميني معه في مدينة النجف في ستينيات القرن المنصرم.

وهنا فات موقع قناة العالم باعتراف ضمني بمواقف سماحة الفقيه السيد احمد الحسني البغدادي رغم الافتراء والكيدية في طرحها لا سيما ما يتعلق الامر بمواقفه من المرجعية الدينية في النجف، فالفقيه المرجع السيد البغدادي لم يفتي قط على عدم جواز تقليد السيد السيستاني بقدر ما كان متحفظاً على مواقفه السياسية من الاحتلال والعملية السياسية، وادراج بعض المفردات “مقززة” هي لاستثارة القارىء.

فالعجب العجاب ان يكون التهجم بهذا الطريقة “الرخيصة” بعبارتهم: “ترى بعد هذا هل يمكن ان يمثل البغدادي الشيعة”، فالامر يوضح مدى الافلاس، وكأن هنالك صفات يقاس بها، من هو الشيعي من عدمه، حتى نجدهم يخرجون فقهياً دينياً من اسرة علمية من هذا الوسط، بل من عموم تشيعه، فهل هنالك صكوك غفران، او مقاسات للانتماء لهذه المذهب، او الامر يتعلق من لا يعترف بالقيافات السلطوية “ولاية الفقيه” او بالتنوع والاجتهادات العلمية، يكون مصيره الطعن والاتهامات، لمجرد انه لا يخضع للرؤية الرسمية الايرانية لقضايا تتعلق بالدبلوماسية او البراغماتية التي تنتهجها ايران في تطبيق المشروع الاميركي، او تنتهجها بعض المرجعيات الدينية حفاظا على سياستها ضمن ما سمي بالواقعية السياسية والتوفيقية… ولعل هذه اللغة ليست غريبة على العلماء لطالما ابتلى بها العلماء، من التشهير والطعن والحمالات التشويهية… نتيجة لعدم خضوعهم للسلطات او للقيافات الرسمية التي تقوم على العصبية البعيدة عن الدين والتدين.

هنا التبرء منه واخراجه من اي دائرة عامة وخاصة، امر غريب، هل هو فتح ضوء اخضر لاميركا الاستكبارية لاغتياله المتشدد؟!.. هل هذه هي الرسالة الايرانية التي ارادت قناة العالم نقلها لترامب.

ازداوجية المعايير

ما طرحه الفقيه المرجع السيد احمد الحسني البغدادي مذكور قرآنا وحديثاً وفقهاً واجماعاً، وما هو مقر، من ينكره ينكر اصوليات الدين.

ما طرحه الفقيه المرجع السيد احمد الحسني البغدادي مجمع عليه فقهياً وقد حدث في عهد النبي صلى الله عليه واله وسلم وفي عهد الائمة المعصومين ليست الا مسألة فقهية لا اكثر.

ما طرحه الفقيه المرجع السيد احمد الحسني البغدادي لا يتضاد بالوقوف مع المشروع الاميركي، لطالما تقاطع معكم في تماهيكم معه في العراق، ودعاكم لوجهة النظر الاسلامية للوقوف ضده، للوقوف وعدم دعم “العملاء المزدوجون” لكم ولهم.

ما طرحه الفقهي المرجع السيد احمد الحسني البغدادي مستل من دعاء الثغور واحاديث الجهاد للائمة، كما تتعلق بفرضيات الظهور للامام المنتظر “عج”.

ما طرحه قد طرحه قبله الامام الخميني ويطرحها السيستاني في بطون النصوص، كما يطرحها الخامئني، وطررحها الجريء الرئيس السابق احمدي نجاد بفناء الكيان الغاصب، ويطرحها الامين العام لحزب الله، فلماذا هذه الازدواجية.

هنا الاعلام الغربي لا يريد حجة حتى يتربص بالدوائر الاسلامية ليشوه من الاسلام لا سيما ان الحرب عليه بدأت منذ التسعين باسم الحرب على الارهاب ولا زالت، وشاركت في وقت ما ايران فيها، واليوم تواجه باسم الحرب على الارهاب الذي واجهته.

لذا هنا الازدواجية كون سماحة الفقيه المرجع ثابتا على ارائه، ولم يخضع للرؤية السلطوية “العصبوية التي تمثل قومنة الدين” التي تمثلها ايران، لتوافق الحملة شيطنة ترامب وتزيد عليه، والا لو كان عكس ذلك، لدافعت عن مواقفه وعن اللبس فيها، والتزامها وتوضحيها، او على الاقل الصمت عليها، لكن هو نهج الازدواجية لدى الصكوك السلطوية واستحقاقها امام هذه المرجعية المظلومة المتمثلة بشخصية الفقيه المرجع احمد الحسني البغدادي ومواقفه الجرئية لما يتعرض له دينه وبلده من اضطراب المعايير.

ما وجدناه في الشيطنة وكأنهم يريدون رضا اميركا ورائيها العام، مقابل الفقيه المرجع احمد الحسني البغدادي الذي ما زال صامدا في النجف مدينة جده بمواقفه وارائه لا يبالي لزوبعاتهم، لنختم لما قاله السيد الخميني: “اذا ما رضت عنكم اميركا فراجعوا انفسكم”، فيا ايها الاعلام المقاوم عليكم مراجعة انفسكم.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب