يدعي الدستور الاتحادي للولايات المتحدة الامريكية أنه “يضمن العيش الشريف للفرد…يضمن حرية التعبير عن الرأي …يضمن حرية المعتقد … يضمن الحرية الفردية المطلقة…”.
ولا اعتقد ان هناك من يعترض او ينتقد هذا الطرح … بصيغة العامة ، ولكن توجد ملاحظات نردها لاحقا ، وفق المنظور الاسلامي للحرية الفردية ومدى اتساعها ، ومجال التحرك فيها ، واين يمكن ان تقف ، وما هي محدداتها ، لكن وبالنظر الى هذا الطرح الانف الذكر وبشكله العام – كما ذكرت – لا يوجد اعتراض، غير ان التطبيق يختلف بل يكاد يعاكس هذا الطرح وتلك النظرية التي قدما الدستور الامريكي ، والشواهد على هذا كثيرة ، مرت وستمر عبر تاريخ البشرية ، وما عانته من التسلط الامريكي ، والتعسف والظلم ، وبشكل خاص تقييد الحريات الشخصية والفردية للمجتمع الامريكي بشكل خاص ، وللعالم بشكل عام، كونها القطب الاوحد ، والقوى العظمى التي اخذت على عاتقها تطبيق ما تعتقد انه الصواب على جميع البلاد حتى وان اختلفت معها في الثقافة والتقاليد والعادات.
ينقل التاريخ حملات التمييز العنصري والتهجير والقتل على الهوية التي مارستها الحكومة الفدرالية الامريكية بعد اعلان المستعمرات البريطانية استقلالها عن التاج الانكليزي نهاية القرن التاسع عشر، اضافة الى الانتهاكات لحقوق الانسان التي يتغنى بها الدستور الامريكي، فالاضطربات التي شهدتها ولايات الشرق الامريكي نهاية ستينات القرن الماضي بعد مقتل العديد من السود على ايدي رجال الشرطة البيض خير دليل على تطبيق مضامين دستور العم سام ، وما تبعها وما سبقها من تمييز يشير بكل وضوح على كذب ارباب السلطة واللوبي الذي يحكم بالحقيقة في امريكا.
نعم، يمكن ان تخدع الحملات الدعائية والفبركة التي تنتجها معامل هوليود في خداع البعض او طمس الحقيقة ، حتى حين، ولكن حقيقة الوجه الامريكي ومن يقف خلف تلك المجازر التي حتى الحيوان يترفع عنها، والتي امتدت خارج الولايات الامريكية، فالمجازر التي ارتكبها جنود العم سام في اليابان وكوريا وفيتنام هي خير دليل على نشر الحرية والديمقراطية ، والمجازر والمذابح التي عانى منها العراق والتي يعاني منها ابناء الشعب الافغاني هي ايضا دليل واضح على سياسية نشر الديمقراطية .
فعندما تقصف طائر من دون طيار حفل زفاف في افغانستان او في اليمن ويذهب ضحية هذا القصف العديد من الابرياء ، لا يمكن نقاش هذا الامر ، ولا حتى يتحرك اي فرد من المجتمع الدولي، والمنظمات الدولية (هيومن رايتس ووتج) او حقوق الانسان…الكل يلتزم الصمت .
ولكن عندما تخرج الشعوب بشكل عفوي …من دون تحزب او تعصب …للدفاع عن المقدسات …هذا العمل تنتقده جميع المؤسسات الغربية والشرقية ، وتصف هذه التظاهرات بالهمجية والعدوانية …وينتقدها رئيس اكبر دولة تدعي الدفاع عن حقوق الانسان من على منبر الامم المتحدة …سبحان الله…نعم ، في قاموس الغرب الاسلام دوما على خطأ والصهاينة دوما على صواب…فمثلا لو كان هذا الفلم في احدى الدول الاسلامية ويتحدث عن كذب وفمبركة محرقة اليهود ، التي اتهم فيها النظام النازي زورا ، فكيف يا ترى يكون الرد…!
او قل لو ان فردا مسلما عربيا انتج فلم يحكي على مجازر الصهاينة ومجازر امريكا …وهي امر واقع اقرته منظمة الامم المتحدة …كيف يكون الرد…هل ستخرج وزيرة الخارجية الامريكية وتقول لا نستطيع ان نمنع هذا الفلم لانه يتناقض مع مبدأ حرية الفرد…!؟
ومن حق الغرب ان يستغرب ويثير التساؤل ، كما عبر لي احد الكتاب الغربيين في حديث عابر ، وقال لي لما انتم منزعجون ، نحن نشاهد افلام تنال من الكنسية والسيد المسيح …لكننا لا نتأثر بها …
والحق اقول انه مقاله هذا صحيح، انا اجبته وبكل بساطة ، نحن لدينا غيرة على ديننا ، وانتم لا تملكونها حتى على نسائكم فكيف على دينكم، نحن نقدس ونحترم ديننا ، وانتم لا تمتلكون اي ذرة من التقديس لدينكم ، لاننا نؤمن ان ديننا حق ، وانتم ليس لديكم ايمان بأن دينكم حق ، هذا الفرق سيدي .
تتمة الحديث في المقالات القادمة …اذا بقيت الحياة