22 ديسمبر، 2024 5:50 م

ازاميل الكراهية!!

ازاميل الكراهية!!

لازال البعض يحفر في ازاميل الكراهية للبحث عن احجار الحقد والضغينة في التاريخ ، ويحسب انه يُحسنُ صنعا أو يكشف كشفاً جديداً يغير به وجه العالم .
لعبة صراع الافكار والتكفير لعبة الاديان منذ القدم ، فكلما دخلت أمةٌ لعنة أختها .
وهكذا هي العقائد لعبة، التكفير ورفض الاخر المختلف . كما هو التاريخ لعبة الاكاذيب والافتراءات .
يقول نابليون بونابرت “التاريخ مجموعة من الاكاذيب المتفق عليها”
فلا حقيقة مطلقة مادامت الأُذن هي المصدر .
كلنا يعرف ان اليهودية لا تعترف بالمسيحية وان المسيحية لا تعترف بالاسلام ، وان الاسلام لا يعترف بكليهما ، وان اعترف بانبيائهم.
ولدت العقائد لتزيح بعضها بعضاً. وهذه حركة الزمن والاجيال ، الصراع والتصادم حقيقة بشرية ، ولكن ما يحد من هذا الصراع هو العقلانية .
والعقل هو الميزان الحقيقي لتحليل الافكار ، يقال ان الفكرة بنت الزمن فلا يمكن ان نحلل اي قول ما لم نستحضر البعد الزمكاني، كي نصل الى الحقيقة، أو نقترب منها . فكل ما قيل او يقال من فكر أو حدث لابد ان يحاكم بادوات الزمن الذي ولد فيه وهذه هي العقلانية .
اما منْ يحاكم الافكار او يحللها فالجواب بالتأكيد هم اصحاب الاختصاص من الباحثين وليس النابشين.
فليس من مهماتي كصحفي ان احاكم اصحاب الافكار ، كما ليس من مهماتي ان أكون مع أو ضد الفكرة ، ولكني راصدٌ للاحداثً، ومحلل لها ، كمتابع للشأن العام . ولا يهمني مَنْ يكفر مَنْ ومن يشهد بايمان الاخر .
ما دمت متيقناً ان الله هو الذي يحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وهو ارحم الراحمين .
ولكن كأنسان اخشى من نار التقاطعات و الفتنة التي تخلقها الكلمات الهوجاء للبعض بحجة الحقيقة والبحث العلمي .
فهناك فرق كبير بين النبش والبحث . فربما كلمة تشعل حربا وتزهق ارواحاً وتسيل بسببها الدماء ، لذا جاء في الموروث ( ليت لي رقبة كرقبة البعير كي عدن الكلام قبل النطق به )، وهي كناية عن تنقية الكلام ، وحسابات تأثيره على الناس .
والسؤال الاكثر واقعية هو ما الذي يستفيده المجتمع من اثارة الكراهية، والنبش في امور لا تغني ولاتسمن من جوع .
ورحم الله الامام ابي حنيفة حينما قال عن حجية الصحابي في الرواية ” هم رجال ونحن رجال اجتهدوا ونجتهد ”
ويعني ذلك امكانية الخطأ والصواب في القول محكوم بالزمن الذي قيل فيه ، فليس كل ما قاله الاوائل هو حجة ومصدر يجب الاحتكام له .
خصوصاً في المسائل العقائدية التي يتعصب. لها الكثيرون دون ان يعرفوا السبب. من هنا يجب ان يحاذر العاملون في المجال العقائدي من رجال الدين من الانزلاق في اتون الفتنة .
فالصورة المتخيلة في العقل الباطن لرجل الدين هو مصدر محبة وسلام واطمئنان ، كونه متصل بالسماء ومصدر الخير ، لذا لا يمكن ان نتصور رجل الدين وهو يفتي بالقتل والكراهية والتحريض. ومع الاسف نحن نعيش في زمن الحقائق المقلوبة.
ولكن عتبي الاكبر على قناة العراقية وهي القناة الرسمية للدولة والتي يديرها الدكتور نبيل جاسم وهو إعلامي مشهود له بالكفائة والتمييز باعتباره اكاديمي الى جانب كونه متمرس ، ينبغي بهذه القناة ان تكون القناة الجامعة الموحدة، والغريب ان تسقط هذه السقطة التي احدثت ارتدادات اجتماعية نحن في غناً عنها .
كان الاجدى بالعراقية ان تفلتر الكلام وتقطع بالمونتاج ما يثير المجتمع ويحدث فتنة وتجنبنا هذا الحوار المأفون .
وتكسر ازاميل الكراهية .