18 ديسمبر، 2024 8:49 م

ارهابيون ضد الارهاب

ارهابيون ضد الارهاب

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد، لا بد لنا حتى نتوصّل لمعنى هذا المثل : (الحرب سِجَال) من أن نغوص في بطون كتب اللغة والأمثال؛ حتى نحلل المفردات التي يتركب منها ونرجع إلى جذورها، وعلى هذا فإن صاحب لسان العرب يقولُ في توضيح معنى السجل: « السَّجْل الدلو الضخمة المملوءة ماءً…، والجمع سِجال وسُجُول، ولا يقال لها فارغة سَجْلٌ ولكن دلو…، وأسجله: أعطاه سَجْلًا أو سَجْلين، وقالوا: الحروب سِجَالٌ؛ أي سَجْل منها على هؤلاء وآخر على هؤلاء، والمساجلة مأخوذة من السَّجْل…، وسَاجَلَ الرَّجُلَ: باره، وأصله في الاسْتِقَاء، وهما يتساجلان. والمساجلة: المفاخرة بأن يصنع مثل صنيعه في جَرْيٍ أو سقي… قال ابن بري: أصل المساجلة أن يَسْتَقِيَ ساقيان فُيُخْرِج كل واحد منهما في سَجْله مثل ما يُخْرِج الآخر، فأيهما نَكَل فقد غُلِبَ، فضربته العرب مثلًا للمفاخرة، فإذا قيل فلان يُسَاجِل فلانًا، فمعناه أنّه يُخْرِج من الشَّرَف مثل ما يُخْرِجه الآخر، فأيهما نكل فقد غُلِبَ. وتساجلوا أي تفاخروا، ومنه قولهم: الحرب سِجَالٌ… » [لسان العرب / باب اللام، فصل السين]. ويقول صاحب مَجْمَع الأمثال في شرحه لمعنى الحرب سجال: « المساجلة: أن تصنع مثل صنيع صاحبك من جري أو سقي، وأصله من السَّجْل وهو الدلو فيها ماء قل أو كثر، ولا يقال لها وهي فارغة سَجْل. » [مجمع الأمثال، ص214]. وحتى يتوضح المعنى جيداً من التفصيل السّابق يمكننا أن نلخصه على النّحو التالي: – أنّ كلمة سِجَال هي جمع سَجْل، والسجل هو الدّلو المملوءة بالماء، ولا يقال سجل للدّلو الفارغة. والمساجلة أصلها أن يذهب شخصان إلى بئرٍ معينة فيملأ كلٌ منها سَجْله، فإذا ملأ الأوّل سَجْله فعل الثاني مثله، فالأمر عبارة عن الرد بالمثل بأن يفعل كل شخص ما يفعله الآخر ويصنع صنيعه. – أنّ كلمة سجال أو مساجلة انتقلت لتستعمل عند العرب بمعنى المفاخرة والتباري، وأيضًا أن يرد أحد المتباريان على الآخر ويصنع كصنيعه. ومن هنا قالوا: إن الحرب سجال: أي أن الحرب مثلها كمثل شخصان يقومان بالتردد على بئرٍ، فيملأ أحدهما سَجْله، ومن ثم يأتي الآخر فيفعل مثله، فيرد عليه بالمثل، فإذا قامت حرب بين قبيلتين وانتصرت إحداهما على أخرى، قامت القبيلة المهزومة بالرد، فتنتصر من بعد هزيمتها، فالحرب سجال بين هاتين القبيلتين، فهم في هذا المثل يشبهون النصر في المعركة بالماء الموجود في تلك البئر الذي يتناوب عليه كلٌ من الساقيان فمرة يملأ الأول سَجْله ويذهب به، ومرة يملأ الثاني سَجْله ويذهب به، فيفعل كما فعل الأوّل، فكذلك النصر في المعركة، مرة يفوز أحد الخصمين على الآخر، ومرة يفوز الذي كان قد خسر سابقاً، ويخسر الذي كان قد فاز، فهذا النصر متداول بين الخصمين. وقد روى الإمام البخاري في صحيحه في كتاب المغازي أنه بعد أن انتهت غزوة أحد وهزم المسلمون، أقبل أبو سفيان عليهم وقام بالتفاخر أمامهم، ومن جملة ما قاله: « يومٌ بيوم بدر، والحرب سجال… ». هذا ما تيسّر لنا تقديمه في معنى: (الحرب سجال) وختاماً نسأل الله أن يعز الإسلام والمسلمين، وأن يرد لهم الكرة مرة أخرى، ويجعل النصر في أيديهم، إنّه ولي ذلك والقادر عليه.