23 نوفمبر، 2024 5:51 ص
Search
Close this search box.

ارمينيا تُحبُّ الشيعة .!

ارمينيا تُحبُّ الشيعة .!

في زيارتي الى أرمينيا حدثتْ مفارقة او مداخلة قد تدعو للتأمّل من الجانب الظريف او غير الظريف ايضاً ! او حتى مع بعضهما !   ما أنْ حطّت الطائرة بي في مطار العاصمة ” يريفان ” , ومنْ ثَمَّ استكمالي لإجراءات جواز السفر , كانت هنالك في استقبالي فتاةٌ شابّة في غاية الأناقة والرشاقة , بادرتني بالتحدث بلغةٍ عربيةٍ طليقة ! , ومن قبل أن أسألها على طلاقة ولباقة لسانها , عَرَّفَتْ نفسها بأنها أرمنيّة من أصل سوري وحصّلت مع عائلتها على الجنسية الأرمينية مع بدء الأحداث في سوريا , وانها مُكَلّفة لإستقبالي وتهيئة وتسهيل مهمتي الصحفية – السياحية , استقلّينا السيارة المخصصة مُتّجهينَ الى فندق ” بلازا ” حيثُ ساُقيم , في الطريق ما بين المطار والفندق , سألتني الفتاة الأرمنية – السورية : < هل انتَ مسيحي او مسلم ؟ > , وبعدمِ ارتياحٍ لسؤالها الذي لم استسغهُ , اجبتُ بأنني مسلم والحمدُ لله , وَدّعتني عند بوابة ” البلازا ” للقاءٍ آخر .. في الصباح التالي وما أن إنتهيتُ من تناول وجبة الإفطار , وجدتُها في انتظارى في صالة الإستقبال , جلسنا لبعضٍ من الوقت في تبادل الأحاديث العامّة وبضمنها عن تطوّرات الأوضاع في سوريا , لكنها فاجأتني بسؤالٍ اذا ما كنتُ شيعيّاً أَمْ سنيّاً .! ! , إجتَمعَتْ والتقَتْ ” مع بعضها ” كلّ عناصر الإستهجان والإنزعاج عندي وبدا انها ارتسمتْ بشكلٍ شبهِ مجسّم على تقاسيم وجهي وربما جسدي ايضا .! إستدركتُ أمري وأجبتُ بشكلٍ غير مباشر قائلاً : – < وّمَنْ مِنّا جاءَ الى الدنيا وثُمّ إختار مذهبه ! ” شخصيّاً ” لا يهمّني إنْ كُنتِ ارثودوكسية او بروتستانتية وما الى ذلك , إعتذرتْ الفتاة  الشابّة مُبرّرِةً سؤالها بأنه منْ بابِ حُبّ الإستطلاع لا غير .!
اثناء فترة مكوثي في ” البلازا ” نشَأتْ علاقة نوعيّه وسريعة بينَ مدير إدارة الفندق وبيني , الرجلُ يجيدُ التحدّث بعدّة لغاتٍ , ومنْ طرافة الإنسجام بيننا , امست الحالة أنْ احدّثهُ بالأنكليزية فيجيبني بلغةٍ اخرى , والعكسُ بالعكسِ ايضاً ” بالرغمِ منْ محدوديّة وضآلة اللغات التي اُجيدها بتواضعٍ وبِفُقرٍ مُدقع , إنّما ذات مرّه سألني إذا ما كنتُ شيعيّ او سنّي .!؟ , إمتعَضتُ وقلتْ : لا أنتمي ولا اعترف بكلّ المذاهب الأسلاميّة والمسيحيّة كذلك , ثمّ إنسحبتُ .! , في عودتي للفندق هرعَ الرجل نحوي واعتذر قائلاً : < انه كان بصدد التحادث عن الصراعات المذهبية في دول الشرق الأوسط وخشيَ أن اكون متحسّساً لمذهبٍ انتمي له ! > , تقبّلتُ اعتذاره انما لم اكن مقتنعاً لذلك مئة بالمئة .!
في اليوم التالي كان لي لقاء مع صحفيٍّ صديق من جريدة ” ARMENIA NOW ” التي تصدر بالأنكليزية , ودونما سردٍ لتفاصيل اللقاء , فأنّ اهمّ اسئلتي له كانت < حول ما اتعرّض له عن رغبة الأستفسار عن كوني شيعيّاً او سنيّاً – وقد تعرّضتُ لأسئلةٍ مماثلة من بعض الآخرين ممّا لمْ أشر لها هنا في المقال – > ضحِكَ صاحبي وقال : إنَّ كُلّ مَن سألك عن المذهب , فلا علاقة له بمذهبك او سواه .! المسألةُ فقط أنّ الأرمنيين لهم حسّاسيّة ” غير مباشرة ” من المذهب السنّي ! ولا علاقة لها بفقه المذهب او تداعياته مع المذاهب الأخرى .! وانّ جوهر الموضوع يتعلّق بمجزرة الأرمن التي ارتكبتها الدولة العثمانية في عام 1915 , وجرّاءَ ذلك ومع تقادم الزمن غدت عوام الناس ” وبجهلٍ وسذاجة ” تعتبر أنّ كلَ إمرءٍ من المذهب السنّي أيّاً كانت جنسيته فهو محسوبٌ على الدولة العثمانية ! وقد توارثَ هذا الشعور منذ تلك المجزرة , واضحت الشيعة اقرب ” عاطفيا وسيكولوجياً ” الى قلوب الأرمن , ومن دونِ اكتراثٍ او معرفة للفوارق بين كلا المذهبين .! وقد إعتذرَ صديقي عن كلّ ذلك .!
وَ لعَلّي ” هنا ” اُقدّمُ تهنئةً للأخوةِ الشيعة اينما وحيثما كانوا ” بالنيابةِ عن جمهورية ارمينيا الصديقة , ولربما لولا هذا المقال لما عرف الكثيرون عن ذلك .!

أحدث المقالات

أحدث المقالات