قبل اكثر من عام مضى وأنا أتابع من على شاشات التلفاز نقلا لاحداث الزيارة الاربعينية المباركة بكربلاء ..، كنت اشاهد لقطات تظهر فيها تزاحم وتدافع بين النساء والرجل فتسألت في نفسي عن (الحكم الشرعي حينها) لكن تلك التساؤلات ظلت حبيسة للقلب وهجرتها ربما لاسباب تتعلق بقوله تعالى ))لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ “البقرة:286))
وظلت تلك التساؤلات التي انطلقت في مخيلتي تراودني منذ مدة طويلة وازدادت عندما وجودت العشرات من الاصدقاء الذي يبحثون عن اجابة لنفس التساؤل…؟!
وربما في حينها لم يجرؤ احد على توجيه اسئلة للزائرين او حتى لاي من رجال الدين رغم انها من المسالة المهمة ..؟
تلك التساؤلات التي مرت عليّ وأثرت بنفسي كانت موجوده في نفوس الملايين من اتباع آل البيت من الذين يشاركون بمراسيم عزاء الامام الحسين (عليه السلام) في اربعينيته الا ان لا احد يجرؤ على التحدث بها خصوصا وانها مرتبطة بقضية مقدسة تعود لاحياء الشعائر الدينية و مرتبطة باحياء مراسيم عاشوراء والثورة الحسينية .
سنوات عديدة مرت والجميع يبحث عن من ينبري لبعض السلوكيات الخاطئة المتمثلة بالاحتكاك بين النساء والرجال بمثل هذه المناسبات ، فالجميع يعرف الموقف الشرعي وهو واضح جدا وهي الحرمة في الاختلاط بين الرجال والنساء فكيف اذن بالسائرين على الاقدام لعشرات الايام باتجاه كربلاء المقدسة.. ؟
ألا أن لا احد يجرؤ ربما على الحديث بمثل تلك الحرمة علنا لتبقى الصورة ضبابية ومعتمدة لدى البسطاء من الذين يجهلون ابسط القواعد والواجبات الشرعية.
ولكن ما لفت انتباهي امس الاول انتفاضة سماحة الشيخ محمد اليعقوبي قبل يومين ويفتي بعدم جوز ذهاب النساء مشيا الى كربلاء المقدسة ولمسافات طويلة وايام متعددة. مستندا على جملة من الامور والحقائق والثوابت الشرعية التي لا خلاف او اختلاف عليها
المرجع اليعقوبي الذي يمتاز بجرؤ في الطرح والحديث ، حذر في ذات الوقت من خطورة ممارسة شعائر مقتل الامام الحسين بن علي بن اب طالب لارهاب فكري وأرغام المواطنين على قرارات وممارسات لا يرضون عنها .
الشيخ اليعقوبي وهو احد المرجعيات الدينية في النجف الاشرف ، قال ان خروج النساء سيرا على الاقدام لزيارة مرقد الإمام الحسين في كربلاء (110 كم جنوب بغداد) من مسافات طويلة “تتطلب أياماً من المسير في البوادي والقفار خصوصاً من المحافظات جنوب العراق” منافٍ لما أمر به الله وائمة الشيعة وقال إنّ كمال المرأة في عدم خروجها “خصوصاً وإنّ هذه السفرة تبديهنّ أمام الرجال الأجانب وإن كنّ ملتزمات بالحجاب
، كانت تلك الكلمات التي جاءت في بيان المرجعية الدينية للشيخ اليعقوبي بمثابة ثورة ضد السلوكيات غير الصحيحة والشائعه في ايامنا هذه.. ….
وقد لا اكون مخطئا … ان قلت ان تلك الفتوى تعد ثورة في عالم الفتوى وتطور في الثقافة الافتائيه الرفضه للسلوكيات غير المنضبطة التي شاعت بين العوام والتي اضحت اليوم وللاسف منهاجا لدى الكثيرين الذين يجهلون معنى (التشيع).
نعم دعوني اقول اليوم ” ارفعوا القبعة لليعقوبي ” الذي انبرى لتلك التصرفات الخاطئة والتي يعتبرها البعض مثلبة على اتباع المذهب والشعائر وخصوصا من ضعاف النفوس الذي يتهمون النساء بالتبرج والسير مع رجال غرباء لمسافات طويلة !! .،
كانت كلمات الشيخ اليعقوبي بمثابة اجابة واضحة للتساؤلات التي ظلت حبيسبة بالقلب لدى الملايين من المتابعين والمشاركين في الزيارات الاربعينية المليونية..
هذا الموقف الشجاع والصريح من احد رموز النجف تجعلني أدعو الجميع الى رفع القبعة امام فتواه تلك والتي نصرت ثوابت الدين الحقيقة ودعت الى التمسك بالواجبات الشرعية التي يجب على الجميع عدم التفريط بها … فلا يجوز ان نترك الواجب من اجل المستحب …؟!
فالزيارة مستحبة والاختلاط بين النساء والرجال الذي يفضي الى الريبة محرم شرعا وبالتالي لا يمكن أن نتمسك بالمستحب ونترك الواجب..
نعم أن الملايين تتجه باتجاه كربلاء من اجل تعظيم شعائر الله و أحياء الثورة الحسينية ولكن ما تتناقله القنوات التلفزيونية من مشاهد تجعل العالم يتسأل عن الواجبات الشرعية المعطلة(إهمالا أو عن غير قصد) والتي ترافق أيام الزيارة المباركة ابتداء من خروج قوافل النساء والأطفال ونهاية بقطع الطرق وغيرها من الأمور التي يجب على أتباع آل البيت الابتعاد عنها قدر المستطاع ولنتذكر دائما( لا يطاع الله من حيث يعصى)!!
ارفعوا القبعة لليعقوبي و لا يهمكم ما سيقوله الآخرون فالجميع يدرك أن ذهاب النساء واختلاطهن بالرجال يعتبر مثلبة بدأت تؤخذ على المشاركين في مراسيم العزاء الأربعيني خصوصا وان هناك الملايين من المتربصين بشعائر المذهب ..