19 ديسمبر، 2024 12:06 ص

ارسطو: الرق نظام طبيعي

ارسطو: الرق نظام طبيعي

هذا العبارة نقلها عن ارسطو يوسف كرم في كتابه “تاريخ الفلسفة اليونانية” وهو يتحدث حول كتاب السياسة عند ارسطو (راجع: ص224 من الكتاب، دار القلم بيروت بتحقيق د. هلا رشيد أمون).
والسؤال هو: من الذي أسس نظام الرق، وما هي الاسس التي بُني عليها هذا النظام؟، ثم أن الانظمة القديمة اضافت اشياء اخرى اكثر قسوة ولا انسانية الى هذا النظام، الا نظام، الا وهو: اعتبرت أن كل انسان حر يقع في الاسر اثنى الحروب، وهو يقاتل يطبقون عليه نظام الرق!، أي يصبح عبدا مملوكا لسيده، ليضاف هذا الظلم الى ظلما آخر، اكثر قسوة ولا انسانية.
ويوسف كرم يسأل سؤال ومن ثم يجيب عليه: “من هو العبد؟ الطبيعة هي التي تعيّنه، أي جملة من العوامل الوراثية والبيئية والاجتماعية” (نفس المصدر).
ونقول: إن هذا الجواب ليس بمقنع، اذ كيف لهذه العوامل الثلاث أن تميز بين البشر، بحيث تجعل فئة منهم احرارا، واخرى عبيدا؟، هل أن هذه العوامل عاقلة أم ليست بعاقلة؟
ولو عدنا الى النظام الاسلامي، والذي يعتبر من ارقى واعدل واسمى الانظمة في الانسانية جمعاء، اذ أن دستوره نزل من السماء وفق معايير معتبرة، هي نازلة من الله تعالى مباشرة وعن طريق النبي، والنبي بدوره اوصل ذلك الى الناس!.
لكن نجد أن هذا النظام هو نفسه يشرَع للرقيق، بدل أن يسكت عنه، أو اضعف الايمان أن يدعو الى الغائه وتحريمه؛ كأن يقول مثلاً: (وحرّم عليكم أن يستعبد احدكم احدا تلك حدود الله فلا تقربوها لعلكم تفلحون). وهذا من باب الافتراض (وافتراض المحال ليس بمحال)، وليس أن اقترح على الله هذا القول. لكن وجدناه يقول: {والعبد بالعبد} البقرة: 178.
واليوم قد الغُي نظام الرقيق عالميا (بحسب علمي)، اليس أن الله تبارك وتعالى كان يعلم أن في القرن الواحد والعشرين سوف ينتهي نظام الرقيق ولم يعد له من وجود بين اظهرنا؟. ولو رجعنا قليلا الى التاريخ، لوجدنا أن بعض صحابة الرسول كانوا (يعتقون) –أي يحررون – بعض عبيدهم تقربا لله والشعور بالإنسانية الملحة الكامنة في ضمائرهم وقلوبهم، والبعض منهم عمل بعكس هذا حيث كان يمتلك في قصوره آلاف الجواري والعبيد (راجع على سبيل المثال مروج الذهب للمسعودي).
إن النظام الاسلامي لم يستطع القضاء على العبيد ابدا، حتى أن عندنا في العراق، ايام الملوكية كان الاقطاعي يفعل بالعبيد الافاعيل، ويتجرد عن انسانيته تجاههم، أن كان يمتلك ثمة انسانية، ويعاملهم اقل مما يعامل أي حيوان، خصوصا في جنوب العراق.
ويعود يوسف كرم فيقول، معلقا على كلامه بخصوص الريق والتمايز العنصري: “والطبيعة تميل الى ايجاد مثل هذا التمايز بين البشر، بأن تجعل بعضهم قليلي الذكاء اقوياء البنية وبعضهم اكفاء للحياة السياسية” (المصدر نفسه والصفحة نفسها، فراجع).
ولا ادري هل أن هذا كلام ارسطو أم كلام يوسف كرم نفسه؟، فأن كان كلام ارسطو فهو يتحدث عن ذلك المجتمع الذي عاش فيه، وله العذر، وأن كان هذا كلام يوسف كرم، فهو كلام سفسطائي، وهو من سفاسف القول ولا يعتد به، وهذا كلام بلا معنى ولا يدل على واقع، اذ لا افهم مقصده بعبارة (الطبيعة)، والطبيعة والبيئة لا يجعلان من الناس اقواء واذكياء، وهذه مصادر العلم بين ايدينا.
ثم يذهب كرم الى مدح اليونان بتعاملهم مع الرقيق ويفضلهم عن المجتمعات الاخرى، ولا ادري ما هي ميزتهم عن سواهم، واعتقد أن المسلمين كانوا يتعاملون مع الرقيق افضل واحسن من سواهم، لنفس السبب الذي ذكرناه مع موقف صحابة النبي.